تستعد تونس ليوم الأحد القادم ،موعد الحسم في السابق الرئاسي والذي يتنافس فيه كل من الرئيس الحالي المنصف المرزوقي وزعيم حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي على كرسي الرئاسة بقصر قرطاج ، وسعت الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات الى إعلان الأحد القادم موعدا لجولة الإعادة بدلا عن يوم 28 ديسمبر من أجل ضمان أكبر نسبة مشاركة نظرا لأن الأحد الأخير من العام يتزامن في تونس وخارجها مع إجازة رأس العام الميلادي وهو ما قد يدفع بنسبة مهمة من الناخبين الى العزوف عن الإقتراع
وفي حين يتجاوز عدد من يحق لهم الإنتخاب في تونس الثمانية ملايين نسمة ، لم يتجه للتسجيل الطوعي في القوائية أكثر من خمسة ملايين و300 ألف ناخب ، في حين كان العدد الجملي للناخبين الذي شاركون في الدورة الأولى للرئاسيات يوم 23 نوفمبر الماضي العدد الجملي للناخبين 3.339.666 ناخب و العدد الجملي للأصوات المصرح بها: 3.267.569 صوتا أي بنسبة جملة بلغت 64 بالمائة ،حصل منها الباجي قائد السبسي على 1.289.384 صوتا أي بنسبة 39.46 والمنصف المرزوقي على 1.092.418 صوتا بنسبة 33.43 بالمائة
ولا يخفي المراقبون خشيتهم من أن يكون العزوف عن التصويت الأحد القادم المنافس الثالث للسبسي والمرزوقي خصوصا في ظل وجود نسبة مهمة ممن صوتوا في الجولة الأولى تجد نفسها غير مقتنعة ببرنامجي المتنافسين الإثنين الذين سيخوضان جولة الحسم ،غير أن البعض يرى أن نسبة المشارة في التصويت قد ترتفع الأحد القادم لعدة أسباب منها أن التنافس لم يعد على كرسي الرئاسة بقدر ما بات يدور حول النموذج المجتمعي ومستقبل البلاد وحول عاملين مهمين هما الأمن والخبز بحسب ما يرى المحلل السياسي جمعي القاسمي
عزوف الشباب
ولعل من أبرز الظواهر التي أفرزتها الإنتخابات التونسية عزوف الشباب عن المشاركة فيها ، يرى فتحي بن معمّر رئيس القطب المدني انّ الشباب كان محرّك ووقود الثورات ولكن هذه الشريحة ظلت للأسف مغيّبة ولم يتم ذكرها، مبينا أنّ الشباب وظّف فقط لتزيين المحافل وانه لم يشارك فعليا في الحياة السياسية. ، مشيرا الى أنّ تونس تمرّ بمرحلة دقيقة من تاريخها وأنه لابدّ للشباب أن يفرض وجوده لكي يكون قوّة اقتراح .
وتشير إحصاءات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس إلى أن الفئة العمرية بين 18-40 عاما تمثل نسبة 67 % من الناخبين المسجلين، أي حوالي 3.4 مليون ناخب من إجمالي 5.2 مليون، ما يعني أن فئة الشباب الواسعة، هي الأكثر تمثيلا في صفوف الناخبين المدعوين.
خيبة أمل
وبحسب إبراهيم العمري الأستاذ المختص في العلوم السياسية فإن أغلب الذين لم يشاركوا في الإنتخابات الرئاسية هم من الشباب، ملاحظا: «كأنّ الشباب لا يعيش في عالمنا وكأنّه لا يهتم بما يحصل».وأضاف أنّ هناك عدة أسباب وراء عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية ،ومن بينها ان أهداف الشباب لم تتحقق ،وأنّ هناك غياب تام للبرامج التي كان ينتظرها الشباب من التحوّلات الديمقراطية.
ويضيف إن "عزوف الشباب وإحجامه عن المشاركة في الانتخابات هو ناجم عن إحباطه لما كانت لديه من طموحات في الثورة التونسية والتي كان أساسها القضاء على البطالة والرغبة في التشغيل".
ويردف "بعد 3 أو 4 سنوات لم يتحقق التشغيل بالقدر الكافي، إذ أنه كان محدودا مقارنة بحجم البطالة مما عمق الإحباط "، مشيراً إلى أن "هيمنة الكهول على السياسية في الأحزاب والنقابات وفي هياكل الدولة تمثل أيضاً سبباً هاماً في عزوف الشباب وإحباطه".
من جانبه قال فوزي بن هلال المسؤؤل بوزارة الشباب والرياضة التونسية إنّ هناك اليوم عدة تساؤلات حول عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية ومن بينها هل انّ الشباب لا يريد فعلا المشاركة في الحياة السياسية ؟ ولماذا يعزف عن المشاركة؟...ملاحظا انّ هذه التساؤلات كانت محور دراسة معمقة قام بها المرصد الوطني للشباب والبنك الدولي، معتبرا أن نتائج هذه الدراسة ستصدر قريبا وأنّها تكشف بعض المعطيات عن أسباب العزوف، وكشف أنّه بعد الثورة كان من المفروض أن نعطي فرصة للشباب ولكن للأسف لم يكن الشباب حاضرا في صنع القرار وفي المشهد السياسي.
لا للورقة البيضاء
الى ذلك ، اكد منجي الرحوي نائب الجبهة الشعبية في مجلس الشعب والقيادي في حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد أن "الجبهة لا تؤمن بالتصويت السلبي او الورقة البيضاء في هذه الدورة التي فيها حسم تاريخي يتعلق بصعود طرف الى منصب رئاسة الجمهورية ولا يمكن ان ندعوا التونسيين للتصويت بكثافة في الانتخابات ونصوت بورقة بيضاء. » وقال رياض الفاهم عضو المكتب السياسي لحزب الوطنيين الديمقراطيون الموحد "لا سبيل الى التصويت بورقة بيضاء او مقاطعة الانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية » وقد جاءت هذه التصريحات ردا على قراءات مستعجلة لبيان الجبهة الشعبية التي تمث القوى الثالثة في البلاد الداعي الى قطع الطريق أمام المرزوقي دون اإعلان مباشرة عن دعم السبسي ، وهنا يقول الفاهم أن « بيان الجبهة واضح فهناك مرشح حسمنا فيه وهو المنصف المرزوقي ومرشح اخر وهو الباجي قائد السبسي نقلنا له تساؤلات ننتظر ان يجيب عليها والفصل فيها.. ويكفي ان يخرج للتونسيين ويحدد موقفه من حركة النهضة.. المدخل الاساسي بين النداء والجبهة هو علاقته بحركة النهضة.. الجبهة رفضت المرزوقي لانه مرشح حركة النهضة."