يستعد خبراء مدنيون وعسكريون في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب والهجرة السرية والجريمة المنظمة لنقاش موسع سيحتضنه مؤتمر للأمن والدفاع في جامعة ألمرية الأسبانية بالتعاون مع وزارة الدفاع لنقاش قضايا الأمن العالمي مع التركيز خاصة على منطقة الساحل وتحديدا ما يهم الجانب الأسباني.

ويعكس المؤتمر الذي ينعقد في الفترة ما بين 15-22 نوفمبر الجاري، ويركز على استثمار “الذكاء الاستراتيجي العسكري في تفادي المخاطر” اهتماما كبيرا في السنوات الأخيرة في أسبانيا لتطوير علاقاتها مع دول الساحل ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة إليها وفي مقدمتهم المغرب.

وقد شهد العام الجاري رفع وتيرة التعاون مع دول الساحل عبر بوابة المغرب وموريتانيا وهو اهتمام يرى المحللون أنه قد يجلب لأسبانيا مكانة متميزة.

وفي هذا الصدد قال الصحفي خوسي ماريا محلل قضايا الأمن والإرهاب في صحيفة البايس الأسبانية: “إن المغرب وموريتانيا تشكلان بوابة أسبانيا على الساحل، ينطلق ذلك من علاقات جيدة تربط أسبانيا بالبلدين، إضافة إلى أن أمن افريقيا من أمن مدريد كما سبق وصرح رئيس الحكومة الأسبانية مارينو راخوي”.

من جانبه يرى أمين خطاري المحلل والصحفي الخبير في الشؤون الأسبانية أن: “حرص أسبانيا على تمديد نفوذها وعلاقاتها في الساحل ينطلق من الاعتراف بدور شركائها خصوصا المغرب كبوابة رئيسية للانفتاح على دول الساحل”.

وتمكن ملاحظة هذا الاعتراف الذي يشكل جزءا من ملامح الدبلوماسية الأسبانية الموجهة للساحل وبخاصة نحو المغرب، من خلال عدة مبادرات قامت بها في الفترة الأخيرة. ففي 23 أكتوبر الماضي كرّمت مدريد ثلاثة مسؤولين أمنيين مغاربة مكلفين بمحاربة الإرهاب من ضمنهم مدير المخابرات عبد اللطيف الحموشي.

وقالت وزارة الداخلية الأسبانية حينها إن تكريم الحموشي يأتي بسبب العمل المشترك بين أسبانيا والمغرب الذي مكّن خلال الشهور الأخيرة من تفكيك “البنيات اللوجيستية” لاستقطاب الإرهابيين الجهاديين في مدن الفنيدق وتطوان وفاس وسبتة ومليلية، وكلها مناطق في شمال المغرب.

بالتزامن مع ذلك، أكد وزير الداخلية الأسباني خورخي فرنانديز دياز أن “أسبانيا تحافظ على تعاون وثيق مع المغرب في مجال مكافحة الاتجار بالبشر”، مضيفا، “هناك أهمية للتعاون الدولي في مجال مكافحة العديد من التهديدات الإجرامية، من قبيل الإرهاب وتبييض الأموال وتهريب المخدرات”.

وكان الصحفي المغربي زهير الداودي قد أشار في تحليل له، نشر بصحف مغربية وأسبانية، أن “أسبانيا أعلنت اعترافها في أكثر من مناسبة بقيمة ونجاعة أداء الأجهزة الاستخباراتية والأمنية المغربية التي لم تنجح فقط في تجنيب المغرب الكوارث الإرهابية والإخفاقات الأمنية، بل تميزت كذلك بأداء دور محوري وحاسم في كثير من المرات على مستوى تقديم الدعم الاستخباراتي النوعي والمساندة الميدانية الحقيقية لدول صديقة مثل أسبانيا لمحاربة عمليات إرهابية عابرة للحدود”.

ويؤكد خبراء أسبان أن المغرب وبغض النظر عما يشكله كجار لأسبانيا وشريك استراتيجي فإنه بوابة مرور إلى دول الساحل، حيث يشكل النشاط الإرهابي في منطقة جنوب الصحراء الكبرى والممتدة من موريتانيا حتى الصومال، التهديد الأكبر الذي تواجهه أسبانيا، إلى جانب قضايا الهجرة وهو ما جعل مدريد، خلال السنوات الأخيرة أكثر اهتماما بتعزيز علاقتها بالرباط.

إلى جانب المغرب التي تسعى أسبانيا لتمتين علاقاتها معها هناك موريتانيا التي تعد البوابة الثانية لانفتاحها على دول الساحل.

وقد ذكرت صحيفة “آ بي سي” الأسبانية مؤخرا في مقال للمتخصص العسكري إستيبان بياريخو أن “ارتفاع نسبة المناورات التي يجريها الجيش الأسباني مع نظيره الموريتاني والتي تهدف إلى تطوير التعاون وإتاحة بيئة صحراوية لتدريبات الجيش الأسباني لرفع قدرته الدفاعية”.

ونقلت الصحيفة عن الضابط فيرناندو كسادو الذي شارك في المناورات العسكرية بأن “موريتانيا وفرت مناورات مشتركة حيث قامت وحدات من الجيش الأسباني بالتدرّب في فضاءات صحراوية مفتوحة للتأقلم مع الصحراء، وهي أجواء لا تتوفر في أسبانيا”.

وبالنسبة إلى محلل قضايا الساحل الموريتاني جمال عمر فإن: “التعاون بين موريتانيا وأسبانيا أخذ منعطفا مهما جدا حيث تعزز العلاقات الأمنية بشكل ملحوظ وتعزز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة السرية، بل تعززت أيضا العلاقات الاقتصادية عبر هجرة الشركات الأسبانية بشكل متصاعد إلى موريتانيا، وفي نواكشوط أصبح الحديث متواترا عن دور أسباني قوي على حساب فرنسا المستعمر السابق”.

وباتت موريتانيا التي رفعت في السنوات الأخيرة من حجم تعاونها مع أسبانيا نقطة محورية بالنسبة إلى العلاقات بين الطرفين.

*نقلا عن العرب اللندنية