تمثل المملكة المغربية اليوم حالة فريدة، فالعمليات الإرهابية تضرب جميع جيرانها، وكل هذه البلدان ودول المنطقة عموما تعاني من تحركات الجماعات الارهابية فوق اراضيها. إن المغرب يمثل اليوم أقوى حلقات الحرب على الارهاب، وهو البلد الذي عرف كيف يحتوي الظاهرة على المستويين الأمني والعقائدي.

ترددت أنباء العملية الارهابية الكبيرة التي ضربت تونس يوم الاربعاء 18 مارس 2015 في كامل انحاء العالم، ولكن قلة من وسائل الاعلام تناولت نجاح الأمن المغربي في تفكيك خلية ارهابية. وهذه العملية تنضاف الى 132 خلية تمكن الأمن المغربي من تفكيكها في 12عاما، أي بين 2002 و2015، كما تقول تقارير أن 276 مشروع عملية ارهابية تم القضاء عليها في المهد.

القوة المغربية أمام الارهاب لها دعائم موضوعية كثيرة، أولها هو الشغل الاستخباراتي القوي الذي تقوم به المغرب وخاصة بمكتب المركزي للتحقيقات والذي أنشأ مؤخرا ويسمى بالـ "أف بي آي" المغربي، وهو جهاز استخبارات متطور للغاية ومواكب للاستراتيجيات الجديدة التي تحرك الارهابيين والذين أثبتوا انهم قادرون على تجاوز الطرق الاستخباراتية التقليدية لصدهم.

كذلك تقدم المغرب نموذجا لسياسة اجتماعية تجاه المشتغلين في المجال الديني كالأئمة وعملة المساجد وأساتذة الفقه الاسلامي، وهذا الاهتمام الذي تبديه الدولة ينعكس في الخطاب الذي يقدمونه للفئات التي تخالطهم. وتخصص الدولة سنويا 20 مليون يورو من اجل تكوين الأئمة منذ 2008 وهو مشروع تحاول ان تستنسخه دول مثل تونس ومالي والتي وقعت مع المغرب اتفاقيات تكوين الأئمة.

وتخشى المغرب أن يكون لتنظيم داعش الذي يقض مضجع دول الشرق الأوسط وليبيا، ان يكون له موطأ قدم في المغرب عبر الخلايا النائمة التي تقدم مباعتها لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي. وبعد العملية الأخيرة تأكد للعالم ان المغرب هو البلد الأكثر استقرارا في المنطقة بلا منازع اليوم.

ويستفيد المغرب من موقعه الجغرافي، فهو لا يحد أي بلد يمثل بؤرة اشتعال مباشرة مثل ليبيا أو مالي، وهذه البلدان يعاني جيرانها من تدفق للسلاح وللمقاتلين عبر حدودها البرية. علاوة على انعكاس حالة الفوضى في الحياة بين الدول.

غير أن المسؤولين المغاربة يقرون انه لا وجود لبلد في العالم في منأى من الخطر الارهابي، لذلك فإن العمل الدائم على تطوير وسائل الحماية لا زال الشغل الشاغل لدى المسؤولين الأمنيين في المغرب، ولازال ماثلا في اذهان المغاربة تفجيرات الدار البيضاء منذ 8 سنوات. كما يشغل بالهم أن ما يقدر بـ 2000 مغربي يقاتل اليوم في صفوف جماعات ارهابية.