استطاع المغتربون المغاربة أن يحافظوا على ريادتهم المالية والاستثمارية في دعم بلادهم، سواء على المستوى الرياضي أو الثقافي أو الاقتصادي، خاصة أنهم يشكلون أول مصدر للعملة الصعبة ويحركون عجلة الاقتصاد عبر تحويلاتهم المالية وزياراتهم المتكررة.

وما تزال التحويلات المالية للمغتربين المغاربة في ارتفاع مستمر، ولم تتأثر بتداعيات كورونا أو الحرب الروسية الأوكرانية، إذ تشكل المصدر الأول للنقد الأجنبي في البلاد.

وقال مكتب الصرف (حكومي) إن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بلغت 45.17 مليار درهم (4.5 مليار دولار) خلال الأشهر الـ5 الأولى من 2023، مقابل 39.29 مليار درهم (3.9 مليار دولار) على أساس سنوي.

وأوضح المكتب في تقرير له أن هذه التحويلات سجلت بذلك ارتفاعا بنسبة 14.9 في المئة.

ويعتبر قطاع العقارات واحدا من المجالات الأساسية التي يفضل المغاربة المقيمون في الخارج استثمار أموالهم فيها، إذ كشفت وزيرة التعمير والإسكان المغربية فاطمة الزهراء المنصوري خلال جلسة برلمانية أن 70 في المئة من استثمارات أفراد الجالية المغربية مرتبطة بالعقار.

وأكدت المنصوري حرص الوزارة على تسهيل ولوج المغتربون المغاربة للإدارة وتيسير مساهمتهم في تنمية بلدهم الأم إما عن طريق اقتناء سكن أو عقار للاستثمار.

وأبرزت أن الوزارة نظمت النسخة الأولى من حملة مواكبة مغاربة العالم في الفترة بين 28 يوليو/تموز و10 أغسطس/آب 2022، وذلك عبر تجهيز فضاءات للاستقبال بجميع نقاط العبور كالمطارات والموانئ وأيضا بباحات الاستراحة.

وتساهم الجالية المغربية كذلك في تحريك عجلة التجارة في عدد من المدن، خاصة في فصل الصيف، حيث يختار جزء كبير منهم قضاء هذه العطلة في مدنهم الأصلية.

وتعد عودة المغتربين المغاربة إلى بلادهم خلال عطلة الصيف من بين أكبر عمليات التنقل في العالم، حيث يتراوح عددهم بين مليونين وثلاثة ملايين مغترب.

فقد زار خلال الصيف الماضي، أزيد من 3 ملايين مغربي من أفراد الجالية بالخارج بلادهم، بزيادة 198 في المئة مقارنة بسنة 2021، و4 في المئة مقارنة بـ2019.

وقال المجلس الاقتصادي والاجتماعي (حكومي) مؤخرا، إن عدد المغاربة المسجلين لدى شبكة قنصليات المملكة عبر العالم بلغ 5.1 مليون شخص حتى أبريل/نيسان 2021.

وأضاف المجلس في تقرير له صادر عام 2022، أنهم يمثلون 15 في المئة من سكان المغرب.. "حجم التحويلات المالية لمغاربة العالم تمثل 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي".

ويساهم المغتربون خلال فصل الصيف في الحركية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، خصوص بمجالات العقار والسياحة والتجارة والاستثمار، فضلا عن الجانب الاجتماعي، عبر بناء مؤسسات ومرافق تقدم خدمات اجتماعية مختلفة.

وتشهد عدد من مدن المملكة انتعاشا وحركية اقتصادية، خلال فصل الصيف جراء عودة المغتربين، وذلك بعد "كساد" طوال باقي أشهر السنة، عبر اقتناء العقارات والسفر، وهو ما ينعش الحركة التجارية، خصوصا بالمناطق الساحلية والسياحية.

ويبلغ عدد المغاربة المغتربين حوالي 5 ملايين نسمة موزعين في أكثر من مئة بلد، أغلبهم في أوروبا، وهو ما يجعلهم ثاني أكبر جالية لبلد أفريقي، ويقوم حوالي 42 في المئة منهم بتحويل أموال إلى أفراد من أسرهم.