أصدر المعارض الليبي،يوسف أمين شاكير،مشروع ورقة أولية لكيفية إنجاز المصالحة الوطنية الليبية.كشف فيها عن خارطة طريق لإنهاء الحرب الأهلية وتحقيق المصالحة الوطنية وبناء مؤسسات الدولة،على حد تعبيره.و تضمنت الورقة،التي تلقت "بوابة افريقيا الاخبارية" نسخة منها،مشروع مصالحة وطنية شبيهة بتلك التي حدثت في أعقاب الحرب اللبنانية،فيما عرف بمؤتمر الطائف.
و قال شاكير في مقدمة الورقة متحدثا عن دواعي عرضها:"أن الكابوس الأساسي الذي يشعر به كل ليبي، أن يستمر المشهد العبثي الحالي في مساره وتفاعلاته الراهنة، دون أدنى قدرة موضوعية على كبحه ووقفه، بحيث لا يكون أمامنا سوى بديلين كلاهما مر وقاسي علينا كشخوص وتيارات ومجتمع، فأما أن تستمر سياسة المغالبة ويقضي كلانا على الآخر، أو الاندفاع نحو الانقسام الجيو ــ سياسي والتفتيت الجغرافي،وفي كلا الخيارين سيرث المنتصر ومعه الأجيال القادمة تركة مثقلة بدماء ودمار لا حصر له بسبب عدم رشادة الأطراف الليبية قبل الجوار السياسي بشقيها الإقليمي والدولي."
و يضيف في ذات السياق:"إزاء هذا العجز الداخلي عن وأد وتيرة الاستنزاف الإستراتيجي الحالي،وشق طريق جديد للمصالحة السياسية الداخلية، باتت الحاجة ملحة لاستدعاء حاضنة إقليمية يتوافر لها الدعم والمساندة الدولية من أجل إطلاق مسار سياسي جديد وبديل عما هو قائم حاليًا، على غرار ما حدث في معادلة الطائف بشأن حل الأزمة اللبنانية بعد الحرب الأهلية. ويزيد من هذا الإلحاح أن الكثير من القوى الفاعلة من حولنا باتت تنظر بقلق لما يحدث في ليبيا بالتزامن مع وجود إصرار غربي ودولي على ضرورة تفعيل الحل السياسي للأزمة الليبية التي دخلت نطاق الحرب الأهلية المفتوحة، رفض الحل العسكري،الذي يدرك الجميع أنه بات شبه مستحيل بسبب طبيعة التوازن الحادث داخل المجتمع الليبي، توازن أقرب ما يكون لفكرة " توازن الضعف " وليس توازن القوة مهما حاولت بعض دول الجوار السياسي إصلاحه لصالح هذا الطرف أو ذاك بالدعم والمساندة."
و عن إجراءات التسوية قال شاكير :"وقبل الاتجاه نحو تلك التسوية، لآبد من إجراءات موضوعية على الأرض تكون داعمة لمبدأ التسوية، وأهمها وقف كافة مظاهر الحرب الأهلية والاحتراب الداخلي من خلال قبول مساعي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة بليبيابرناردينو ليونوتطويرها لكي تكون بمثابة حافزًا وكابحًا في نفس الوقت للجميع من دون استثناء لإنجاز مهمة تلك التسوية:
1ــ الوقف الفوري لإطلاق النار بين القوى المتصارعة على جميع الجبهات المشتعلة داخل ليبيا وفي جميع المناطق، مع احتفاظ كل تيار أو فريق بمواقعه الحالية دون تغيير. ويناط بكل تيار أو فريق العمل على حفظ الأمن داخل المناطق التي تقع تحت سيطرته سواء بشكل مباشر أو عبر لجان مشتركة شعبية ورسمية. بما فيه وقف إجراءات العقاب الجماعي أو الفردي داخل تلك المناطق للقوى التي ساندت أو تعاطفت مع هذا التيار أو ذلك، ما يعني وقف كافة أعمال الاغتيالات والقتل والاعتقال خارج نطاق القانون.
2ــ وقف الحديث عن أي مشروعية سياسية للقوى المتصارعة، التي باتت ممارساتها بهذا السياق نوع من العبثية السياسية، وليست لها أسانيد قانونية تبررها حيث يمنحها كل فريق لمن يريد ويحجبها عمن يريد. مع الاستمرار المؤقت لمشهد تعدد وازدواجية المؤسستين التشريعية والتنفيذية القائمة حاليًا، والتسيير المشوه الحالي للدولة الليبية من قبل هاتين القوتين في الشرق والغرب.
3ــ دعوة دول الجوار الجيو ــ سياسي المتداخلة في الصراع الليبي بوقف الدعم والتأييد اللذين تقدمهما لأطراف الصراع الداخلي أيًا كانت ماهيته ومقوماته المادية والمعنوية. يناط بمجلس الأمن وفقًا للبند السابع الذي تخضع له ليبيا حاليًا سلطة فرض عقوبات سياسية واقتصادية وعسكرية على الأطراف الخارجية والداخلية التي تنتهك التهدئة القسرية المفروضة على المشهد الليبي، لكي تكون رادع لأي انتهاك محتمل لوقف إطلاق النار.
4ــ الدعوة لعقد مؤتمر تسوية يقترح أن يكون كمقر حاضن له ثلاثة عواصم: الجزائر، تونس والقاهرة، مع إمكانية طرح الدار البيضاء بالمغرب كخيار رابع حال تعثر التوافق على تلك العواصم، تحت إشراف ورعاية مباشرة الأمم المتحدة، التي أوكل لها مهمة إدارة الملف الليبي، ودعم ومساندة إقليمية ودولية حقيقية لتلك الرعاية بشكل واضح. بحيث تشارك كل الأطراف في الضغوط على المجتمعيين من أجل إنجاز تسوية عادلة وذات إجماع من الكل. أساسها السياسي جب وتحييد الموروث الصراعي قبل توقيت عقد المؤتمر، وفتح نافذة العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي لجميع الليبيين في الداخل والخارج دون تمييز أو إقصاء، أي طي صفحة الماضي بكل ما فيه من موروثات عدائية، مع التعويض المادي والمعنوي لكلٍ ممن أضير أو انتهكت حقوقه الأساسية من هذا الموروث.
5ــ التمثيل السياسي بالمؤتمر مفتوح لجميع مكونات المجتمع الليبي على قدم المساواة، بحيث يؤمن المؤتمر مشاركة جميع التيارات والقوى السياسية الليبية دون إقصاء أو تهميش لأحد من المولاة والمعارضة أيًا كانت توصيفنالتلك المولاة والمعارضة."
و في خصوص ادارة المرحلة الانتقالية وضع شاكير في مشروعه للمصالحة نقطتان هما:
أولهما: اعتماد حكومة كفاءات وطنية " تكنوقراط " بعيدة عن أي انتماءات أو انقسامات سياسية أو مناطقية أو قبلية، بحيث يكون معيار الكفاءة الحاكم في اختيار تلك الحكومة، ويناط بها إدارة تلك المرحلة الانتقالية وتحقيق المهام الملقاة على عاتقها. من أهم مزايا تلك النوعية من الحكومات أنها قادرة على تحقيق الانسجام الوظيفي بين أعضائه أن تنأي بنفسها عن أي خلافات محتملة خلال سنوات تلك المرحلة الانتقالية.
ثانيهما: تشكيل حكومة توافق وطني يشارك فيها مكونات المجتمع الليبي على أساس محاصصة مناطقية وسياسية، لكي يشعر الجميع بأنه مشارك في صنع القرار ورسم ملامح المستقبل الليبي وتحمل عبء ومسئولية الوصول لهذا المستقبل بقدر أكبر من العقلانية والرشادة السياسية. ومن أهم مزايا تلك الحكومة المساعدة على إعادة الانسجام بين مكونات المجتمع الليبي وإنهاء ظاهرة التهميش السياسي الذي تشعر به الكثير من المناطق، ووضع الجميع أمام عبء ومسئولية بناء الدولة والنهوض بالمجتمع الوطني ومؤسساته غير الحكومية."
مشيرا في ذات السياق الى مهام الحكومة الانتقالية و هي :
1ــ تسلم السلطة السياسية الانتقالية الحكم والإدارة السياسية من القوى المتصارعة حاليًا، وإنهاء ظاهرة ازدواجية الشرعية والقرار السياسي، وإلا ينازعها أحد تلك السلطة بعد ذلك.
2ــ إنجاز وثيقة الدستور الجديد من خلال تشكيل لجنة مصغرة لا يتجاوز عددها 15 عضوًا، يرشح لها شيوخ الفقهاء الدستوريين والقانونيين الليبيين لإعداد مسودة تلك الوثيقة التي تحكم ليبيا مستقبلاً وتحدد هوية نظامها السياسي والاقتصادي. وعقب الانتهاء منها تطرح على نقاش مجتمعي عام، بعدها توسع عضوية اللجنة لكي تصل إلى 30 عضوًا تكون مهمتها إدخال التعديلات الواجبة على المسودة الأولى، وإعداد الوثيقة النهائية التي تطرح للاستفتاء الشعبي لإقرارها وإصباغ المشروعية الشعبية عليها.
3ــإعادة بناء وتأهيل مؤسسات الدولة السيادة والخدمية، على أسس جديدة من كفاءة معايير التوظيف والمهنية الوظيفية والمحاسبة، بما فيها المؤسسات الأمنية من شرطة وجيش لإنهاء مظاهر عسكرة الشارع والعقلية الليبية، بحيث يكون لدى ليبيا جيش وطني واحد له عقيدة عسكرية واضحة المعالم وجهاز شرطة هدفه الحفاظ على أمن المجتمع.

و في أعقاب المرحلة الانتقالية ينتقل شاكير الى مرحلة "بناء الجمهورية الثانية" على حد تعبيره ،تبدأ تلك المرحلة بانتخابات الرئاسة، حيث الرئيس الجديد حكومة توافق وطني جديدة تتولى الأعداد للانتخابات البرلمانية، لتشكيل حكومة سياسية تعاون الرئيس في الاضطلاع بمسئولية الحكم والإدارة السياسية، وتمهد تلك الحكومة البيئة الداخلية لإجراء الانتخابات البلدية في الولايات الثلاث وتحقيق اللامركزية السياسية عبر تفويض قدر من الصلاحيات الإدارية والخدمية لتلك المجالس في مناطقها، بحيث تكون العاصمة طرابلس العاصمة السياسية للبلد ومقر المؤسسات السيادية، فيما تكون بنغازي العاصمة الاقتصادية.