خلق المسرحي والممثل الكميدي التونسي المعروف لطفي العبدلي حالة من الجدل مؤخرا في تونس بسبب تهكمه الشديد على السياسيين والشخصيات الوطنية والدينية ليصل نقده وسخريته الى أعلى هرم السلطة.

العبدلي عدو السياسيين

لطفي العبدلي الذي انتقد تصرفات رئيس الدولة المنصف المرزوقي ، وجسده كشخصية ساذجة في أعماله الفنية لم يكتف بهذا الأمر حيث نعته في برنامج "التاسعة مساء" الذي يحظى بمتابعة واسعة بين التونسيين "بالسكير" وسأل بطريقة مسرحية وساخرة مسؤول الأمن الرئاسي الذي حضر البرنامج "عن الأصناف التي يشتهيها المرزوقي في جلساته الخمرية في قصر قرطاج.

طريقة خطاب العبدلي وإن أعجبت نوعية معينة من الجمهور ترى في المرزوقي شخصية هزلية لا تستحق منصب الرئاسة الذي يحتاج الى شخص " مهاب" يحفظ هيبة الدولة ويحترم مؤسساتها, غير انها أثارت في المقابل غضب نقابة الصحفيين التونسيين التي انتقدت التهجم على شخص رئيس الدولة في منبر إعلامي.

رد الفعل السلبي من خطابات وتصرفات العبدلي تجاوزت السياسيين الى نقيب الفنانين التونسيين مقداد السهيلي حيث طالب هذا الأخير العبدلي باحترام "قيادات الدولة" وأخلاق العامة وأذواقهم معتبرا النقد مجال بعيد عن التجريح والانحطاط الأخلاقي.

غير ان المسرحي لطفي العبدلي كان حاسما كعادته في رده وقال إن المرزوقي وغيره من السياسيين هم شخصيات عامة ويحق للممثل والمسرحي ان يسخر منها وان من أطاح بهيبة الدولة ليس الممثل وانما السياسي.

العبدلي الذي أبدع في مسرحيته " ماد ان تونيسيا" في نسختها الجديدة وهاجم فيها السياسيين والمتزلفين لهم بعد الثورة ، كانت له مواقف مضادة من وزير الثقافة السابق مهدي المبروك واعتبره "عار على المثقفين" وكان من اشد المناصرين للمخرج نصر الدين السهيلي بعد اعتدائه بالبيض على الوزير.

العبدلي يعتبر عدوا للسياسيين الحاليين والسابقين فالرجل طالب في شريط مشهور بإسقاط  نظام بن علي بعد اعتداء قوات الأمن على الممثلين والفنانين الذين خرجوا نصرة للثورة في 12 يناير 2011 امام المسرح البلدي في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة.

وان كان العبدلي عدوا للشخصيات السياسية ومتهكما بارعا ضد قيادات الدولة فانه كان كذلك عدوا للأفكار المنغلقة وكان من ابرز المنتقدين لبعض الظواهر الدينية الغريبة عن المجتمع التونسي.

المسرحي في مواجهة السلفي

فالرجل كان مهاجما شرسا ضد التيارات الدينية المتطرفة وقد تحصل على أفضل جائزة في "أيام قرطاج السينمائية" سنة 2006 عن فلم "اخر فلم" للمخرج نوري بوزيد والتي جسد فيها العبدلي شخصية الشاب المنحرف الذي عانى الحرمان ليتبنى الفكر المتطرف ثم ليفجر نفسه انتقاما من ضلال المجتمع.

هذا التوجه لم يغفره له السلفيون المتشددون بعد الثورة حيث عمدوا الى منعه من صعود المسرح في عدة مناطق بالبلاد التونسية بل وهددوه بالذبح بعد ان "اتهموه بالكفر والزندقة" بسبب مهاجمته "للحية والحجاب".

غير ان لطفي العبدلي لم يهتم بهذه التهديدات وواصل تهكمه في مسرحاته على الظواهر الدينية المتطرفة وجنوح المجتمع نحو الانغلاق الديني بعد الثورة فكان فلمه "مانموتش" في 2012 الذي أثار جدلا واسعا في تونس وخاصة بين أبناء التيار الديني السلفي.

وبعد ان اتخذت العلاقة بين التيارات الدينية وبين لطفي العبدلي مرحلة الاعودة اختار المسرحي هذه المرة تهدئة الأوضاع و ان يجلس الى جانب السلفي ليتحاور معه وليقنعه بان أعماله ليست موجهة ضد الدين ولكن ضد التطرف.

موقف العبدلي اعتبره زملائه الفنانون وحتى الإعلاميون خوفا وجبنا من المتطرفين خاصة وان هذا الحوار تصادف مع عملية اغتيال المعارض شكري بلعيد  فيما اعتبره العبدلي " استراحة محارب" منتقدا ما وصفها بالأطراف الخفية التي تريد إشعال الفتنة بين الديني والمسرحي.

ورغم المواقف المتباينة من أعمال المسرحي لطفي العبدلي وخاصة تصريحاته الإعلامية ضد السياسيين والشخصيات الدينية الا انه يبقى من بين الممثلين والمسرحيين الذين جلبوا الاهتمام في تونس وأسالوا حبرا كثيرا في الفترة الأخيرة.