استعرض مجلس إدارة البنك المركزي التونسي اليوم أهم المعطيات الاقتصادية والنقدية والمالية على الصعيد الوطني،التي تميزت بالتطورات الإيجابية التي يشهدها القطاع الفلاحي حيث تشير آخر المؤشرات القطاعية إلى وفرة الإنتاج، خاصة بالنسبة لبعض المواد الحساسة، وهو ما من شأنه أن يساهم في الحد من ارتفاع أسعار هذه المواد. وبالمقابل، سجل المجلس تطورات سلبية شملت بقية القطاعات لاسيما انخفاض الإنتاج الصناعي خلال شهر ديسمبر 2013 )-0,3٪ بحساب الانزلاق السنوي( وتراجع جل المؤشرات المتقدمة للنشاط في القطاع خلال شهر مارس 2014، بالإضافة إلى الانكماش الذي شهدته أهم مؤشرات القطاع السياحي في نفس الشهر )-0,4٪ للبيتات السياحية الجملية و-13,6٪ للعدد الجملي للسياح( بالتوازي مع تباطؤ نسق حركة النقل الجوي.

تواصل العجز

وبخصوص القطاع الخارجي، لاحظ المجلس تواصل تفاقم العجز الجاري خلال الربع الأول من العام الحالي ليبلغ 2,7٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 1,8٪ في نفس الفترة من سنة 2013، بالعلاقة مع توسع غير مسبوق للعجز التجاري خصوصا تحت ضغط واردات كل من ميزان الطاقة و الميزان الغذائي، اللذان يمثلان لوحدهما حوالي 43٪ من العجز الجملي. و قد أفضى هذا الوضع إلى تراجع الموجودات الصافية من العملة الأجنبية لتبلغ حوالي ما يعادل 97 يوم توريد، بتاريخ 29 أفريل الجاري، مقابل 102 يوم في نفس التاريخ من سنة 2013.

أما فيما يتعلق بتطور التضخم، فقد عرف مؤشّر أسعار الاستهلاك العائلي في شهر مارس 2014 تحسنا في نسقه ليبلغ 5٪ بحساب الانزلاق السنوي مقابل 5,5٪ قبل شهر و 6,5٪ في نفس الشهر من السنة الماضية وذلك بالعلاقة خاصة مع تراجع نسق التضخّم الأساسي ) أي دون أسعار المواد الطازجة والمؤطرة(.

 

 تراجع الإيداعات وقيمة الدينار

وعلى مستوى التطورات النقدية، لاحظ المجلس تواصل ازدياد حاجيات البنوك من السيولة خلال شهر أفريل 2014، حيث بلغ حجم تدخلات البنك المركزي لتعديل السوق النقدية حوالي 5.280 م.د بالمعدل اليومي إلى غاية 28 من الشهر مقابل 4.688 م.د في نهاية شهر مارس الماضي وهو ما دفع بنسبة الفائدة الوسطية في هذه السوق إلى الارتفاع لتبلغ 4,73٪ خلال نفس الفترة مقابل 4,72٪ في شهر مارس.  

وبخصوص نشاط القطاع المصرفي، أشار المجلس إلى تباطؤ نسق الإيداعات  خلال الثلاثي الأول من السنة الحالية (1,9٪ مقابل 2,6٪ قبل سنة) وذلك نتيجة تباطؤ قائم حسابات الإدخار  وتراجع شهادات الإيداع. كما شمل نفس المسار عمليات تمويل الجهاز المالي للاقتصاد، حيث تطورت هذه الأخيرة بـ1,1٪، خلال نفس الفترة، مقابل 1,9٪ قبل سنة، نتيجة تراجع القروض قصيرة الأجل وشبه استقرار القروض متوسطة وطويلة الأجل.

وبالنسبة لآخر التطورات في سوق الصرف، سجل المجلس انخفاضا طفيفا في قيمة الدينار مقابل أهم العملات خلال الشهر الحالي في حين تبقى هذه القيمة في ارتفاع مقارنة ببداية السنة، إذ بلغ سعر صرف الدينار يوم 28 أفريل الحالي مستوى 1,5965 دينار للدولار الأمريكي (+ 3,1٪) و 2,2071 دينار مقابل الأورو (+2,7٪).

وبالنظر إلى هذه التطورات، أكد المجلس انشغاله بالخصوص بالتطورات الأخيرة المسجلة على مستوى التجارة الخارجية والتي تجعل من أوكد الأولويات اتخاذ التدابير الضرورية العاجلة لاحتواء انزلاق العجز التجاري الذي أصبح يمثل تهديدا جديا لتوازن القطاع الخارجي، داعيا لتظافر جهود الجميع للعمل على ترشيد الواردات بتحديد الأولويات الضرورية من ناحية، ودفع الصادرات في ظل الآفاق الإيجابية للطلب العالمي من ناحية أخرى، وقرر الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي بدون تغيير.

هذا ويرى المجلس أن انطلاق الأعمال للإعداد للمؤتمر الاقتصادي الوطني يمثل فرصة سانحة للمشاركة الفاعلة لكل الاطراف المعنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمساهمة في إيجاد الحلول الآنية الملائمة لاجتياز الوضعية الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الوطني، ورسم ملامح التوجهات المستقبلية  الكبرى لمنوال تنموي قادر على تحقيق الطموحات الوطنية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.