عندما عاد منصف المرزوقي الى تونس من منفاه الاختياري في باريس يوم 18 يناير 2011 صرح بأنه سيكون رئيساً لتون ، فتحقق حلمه بفضل حركة النهضة الاسلامية التي أدخلته الى قصر قرطاج ليبقى هناك ثلاث سنوات تنتهي الرحلة الاربعاء القادم يوما قبل انتهاء سنة 2014.

ثلاث سنوات قضاها المؤقت رئيساً لتونس رغم أنه لم يتم انتخابه من الشعب أساء  خلالها الى عدة بلدان بتصريحات غير مسؤولة ، كما برز بتصريحات متناقضة ضد عديد مكونات المجتمع المدني وخاصة الذين عارضوا الترويكا الحاكمة ، ورغم انه كان يظهر نفسه مدافعا شرسا عن الديمقراطية وعن التداول السلمي على السلطة فان الرئيس الحقوقي سارع عند هزيمته الاولى والثانية في الانتخابات الرئاسية الى الطعن في حكم الصناديق وكاد بتصريحاته  أن يقسم البلاد بين شمال وجنوب بل أن تشكيكه في النتائج أشعل البلاد وخلق احتجاجا عنيفا كاد يوقع التونسيين في التقاتل.

ويسعى المرزوقي  اليوم ، وهو يستعد لمغادرة قصر قرطاج ، بعد هزيمته في انتخابات ديمقراطية ، أن يرتدي جبة المدافع الأوحد عن عودة النظام القديم وعن استمرار الحريات وحقوق الانسان لاستكمال أهداف الثورة ، التي لم يحقق أيا منها، وأولها قضية الشهداء والجرحى ، لكنه في المقابل يتمسك بقانون استبدادي فاسد فصله بن علي على مقاسه ، وهو القانون عدد 88 المؤرخ في 27 سبتمبر 2005 والمتعلق بامتيازات رؤساء الجمهورية المنتهية ولاياتهم  ليضمن لنفسه  التمتع بنفس الامتيازات والراتب السابق أي ثلاثين ألف دينار يضاف اليه المنزل وعماله ، وخدمات الماء والكهرباء والغاز اضافة الى السيارة والحماية الأمنية والتغطية الصحية له ولأفراد العائلة ٠

ويريد المرزوقي غداً ، وبعد السقطة المدوية التي تكبدها حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في الانتخابات التشريعية الاخيرة بعد أن كان تشظى الى أربعة أجزاء ، أن يتحول الى شخصية اعتبارية جامعة يدور في فلكها جزء من مئات الآلاف الذين صوتوا له ، ليس حبا فيه أو في أفكاره ، بل منعا لعودة النظام القديم أو  تغوله ، وهي أصوات جاءته أساسا من حزب النهضة وبعض الحزيبات الاخرى وبعض أصحاب الفكر الثوري الذين لا يؤمنون بالمصالحة وطي صفحة الماضي ٠

ولا تبدو فكرة بعث تيار جديد قابلة للتحقق وراء المرزوقي فهو لا يستطيع الحفاظ على أصدقائه والمقربين منه ، فقد تم طرده من مجلس الحريات في عهد بن علي ، وانفض من حوله أصدقاؤه المقربون في حزب المؤتمر  الذين أسسوا أحزابا جديدة ، وأيضاً أصدقاء المنفى الباريسي وزملاء رابطة حقوق الانسان ٠

ويبدو أن  خروج المرزوقي من القصر وعودته الى فيلا القنطاوي سترافقها تساؤلات وهواجس حول إمكانية تسريبه لأرشيف ووثائق رئاسة الجمهورية ، القديمة منها والجديدة ، اذ للرجل سوابق في هذا المجال ، فهو لم يحتفظ بالأمانة واستغلها في حملته ضد معارضيه ليوظفها في التشهير بشخصيات وطنية من إعلاميين ورياضيين ومثقفين وسياسيين  بإنجاز كتابه الأسود بدعوى انهم مدحوا الرئيس السابق وتحصلوا منه على مزايا في حين انه خرج من القصر بامتياز سيرافقه طيلة حياته ويمكن توريثه جزئيا لبعض أفراد عائلته منحه اليه " الديكتاتور".

ولا شك أن خروج المرزوقي من قرطاج سيجعله يتفرغ للعمل السياسي الحزبي رغبة في العودة للقصر الذي أحبه  وعز عليه الخروج منه ، رغم انه كان يشدد في حملته الانتخابية على انه سيتخلى عن العمل السياسي في صورة عدم فوزه وانه لن يترشح ثانية للانتخابات الرئاسية لان سنه ستكون أدركت 75 عاما على الأقل.