مستقبل الإعلام في ليبيا إلى أين؟ سؤال لطالما ينتظر الجميع إجابة عليه، وخاصة في ظل ما تعيشه البلاد من انقسامات ألقت بظلالها على المؤسسات الإعلامية، وفي خطوة للنهوض بقطاع الإعلام في ليبيا أعلن خلال الأيام الماضية، عن تأسيس صندوق دعم الإعلاميين، فما هو هذا الصندوق، وما أهدافه، وخطته؟ كل هذا يجيب عنه الأستاذ الجامعي والباحث الأكاديمي، المدير العام لصندوق دعم الإعلاميين، الدكتور علي عاشور، في حواره مع بوابة إفريقيا الإخبارية، وإلى نص الحوار... 

- الإعلام في ليبيا يعاني الكثير من المشاكل ما أثر سلباً على القيام بدوره.

- الإعلام الليبي لديه كوادر وكفاءات صحفية في مختلف المجالات.

- شعارنا هو (تضامن، مساندة، إنصاف)، ورؤيتنا تنمية روح المنافسة والإبداع. 

- صندوق دعم الإعلاميين يولي اهتماماً خاصاً بصناع المحتوى.

كيف تقيم وضع الإعلام في ليبيا؟

        في البداية أشكرك، وأشكر موقع بوابة إفريقيا الإخبارية، وكل القائمين عليه وجميع الصحفيين العاملين به، على حرصهم على توضيح بعض الأمور للإعلاميين والمهتمين بالشأن الإعلامي في ليبيا فيما يتعلق بالجسم المنشأ حديثاً لخدمة ودعم الإعلاميين في ليبيا. 

         أما فيما يتعلق بسؤالك عن تقييمي لوضع الإعلام في ليبيا، فإنه وانطلاقاً من أنى أستاذ جامعي متخصص في الإعلام وكذلك كاتب صحفي، وقارئ ومتابع لوسائل الإعلام الليبية المختلفة، فإني يمكنني أن أقول إن وضع الإعلام الليبي يمكن أن نقيمه بأنه يعاني الكثير من المشاكل ما أثر سلباً على القيام بدوره على أكمل وجه.

        فالصحف الليبية الورقية والإلكترونية مثلاً تحتاج إلى تبني جيل جديد من الصحفيين الشباب القادر على كتابة مختلف الأجناس الصحفية بمهنية وموضوعية، لاسيما وإن كتاب المقال -بجميع أنواعه- في ليبيا قلائل، لهذا يجب أن تتبع تلك الصحف استراتيجية جديدة تستطيع من خلالها استقطاب جيل جديد من الشباب يكونوا كادراً صحفياً يطرح القضايا والأحداث المحلية والإقليمية وحتى الدولية بكل جرأة ومهنية، لاسيما وإن القارئ اليوم ليس هو قارئ الأمس، إذ أننا نعيش عصر السرعة والاختصار، فلا مجال إلى الإسهاب في طرح الموضوعات الصحفية، لهذا فالأسلوب التقليدي الذي تتبعه جل الصحف الليبية (القليلة أصلاً) يجب أن يتم تغييره بتطوير وتحديثه من خلال تدريب الصحفيين الموجودين ودعمهم وتشجيعهم في تطوير مهاراتهم الكتابية، وكذلك تبني جيل جديد من الشباب ليستفيدوا من خبرة زملائهم الأوائل أولاً، وليحدثوا نوعاً من التطوير في مجالات الصحفية كالتصوير والاخراج والتحرير.    

     كذلك القنوات الفضائية تحتاج إلى التطوير في الأجهزة وأليات التصوير، والأستوديوهات التي تقدم فيها برمجها، ناهيك عن الإعلاميين فيها يحتاجون إلى تغيير النمطية التي يقدمون بها البرامج سواء كانت تلك البرامج رسمية كنشرات الأخبار، أم برامج بهدف الترفيه.   

    ونفس الشيء ينطبق على الإذاعات المسموعة المنتشرة على طول البلاد وعرضها، فالرتابة في الطرح والتقديم وحتى في الإعلانات التجارية والخدمية.

  خلاصة القول إن الإعلام الليبي لديه كوادر وكفاءات صحفية في مختلف المجالات لكن هذه الكوادر تحتاج إلى الدعم والتشجيع المادي والمعنوي لتطور من نفسها وتقدم ما لديها ولتأدي دورها المهني والمجتمعي والتنموي على أكمل وجه.    

ماذا عن صندوق دعم الإعلاميين، خطته وأهدافه؟ 

      صندوق دعم الإعلاميين هو مؤسسة وطنية أسست بقرار من مجلس الوزراء بعد أن أوصت لجنة إعادة هيكلة وتطوير الإعلام بإنشائها، هذه اللجنة مكونة من صحفيين ومدراء هيئات صحفية وأكاديميين، يعني أهل المهنة هم الذين اوصوا في تقريرهم النهائي بتأسيس مؤسسة تعنى وتهتم وتدعم مبادرات العاملين في الإعلام مع عدد من التوصيات، وبالفعل مجلس الوزراء عمل بكل التوصيات التي أوصت بها اللجنة، بما فيها إنشاء صندوق دعم الإعلاميين، كمؤسسة وطنية تدعم العاملين في مجالات الإعلام المختلفة، وتشجيعهم ومساعدتهم في تنفيذ مشاريعهم الإعلامية، وهذه المؤسسة تلتزم بمبادئ الشفافية والنزاهة والانصاف، دون المساس باستقلالية المؤسسات وحرية التعبير للإعلاميين، ليؤدوا دورهم الريادي والمجتمعي بكل مهنية وحرفية، حتى أننا وضعنا شعاراً أساسياً للصندوق دعم الإعلاميين هو (تضامن، مساندة، إنصاف). 

كذلك فإن رؤية الصندوق تتلخص في تنمية روح المنافسة والابداع بين الإعلاميين لإنتاج محتوى إعلامي مبدع يلبي احتياجات المجتمع.

أما الأهداف التي يسعى لتحقيقها الصندوق، فيمكن ذكر أهمها في النقاط الآتية: 

1.     تشجيع التميز والتفوق في مجالات العمل الإعلامي.

2.     دعم أصحاب المشاريع الابتكارية في حقوق الإعلام المختلفة.

3.     الوقوف مع الإعلاميين أصحاب الدخول المحدودة.

4.     مساعدة الإعلاميين الذين تعرضوا لحادث أعاقهم عن أداء عملهم.

5.     مساندة أسر الإعلاميين أوقات المحن والازمات والمناسبات والأعياد.

6.     تقديم المساعدات المالية لأسر الإعلاميين في حالة الوفاة.

7.     التضامن مع الإعلاميين المحكوم عليهم بجزاءات مالية 

8.     السعي لحصول الإعلاميين على التأمين الطبي. 

     كما أن الصندوق لديه لجنة استشارية فنية مكونة من عضو من نقابة الصحفيين، عضو من نقابة الأدباء والكتاب، عضو عن منظمات المجتمع المدني المعنية بالشأن الصحفي، وعضوان تختارهما الهيئة العامة للصحافة. وذلك لضمان أن يعمل الصندوق مع كل المعنيين به، وأن تصل خدماته التي يقدمها للشرائح لجميع الإعلاميين في ليبيا، سواء كان في العاصمة أو في المدن والقرى الليبية البعيدة عنها، لذلك فإن مبدأ العدالة في الخدمات التي يقدمها منهج يتخذه الصندوق للوصول ورعاية للجميع.   

وقعتم مذكرة تعاون حول تأسيس منصة صناع المحتوى الهادف، نبذة عن المنصة؟

  لقد فرضت التطورات السريعة والمتلاحقة لوسائل الاتصال والمعلومات، التي أنجبت لنا وسائل التواصل الاجتماعي بما تحمله من خصائص ومميزات تجعل منها وسائط إلكترونية جديدة ومبتكرة تثير اهتمام مستخدميها وتشد انتباههم إليها، لقدرتها على توصيل رسائل بسرعة أكبر بانتشار أوسع وبتكلفة أقل، واختفت فيها الحدود الزمانية والمكانية بين الدول والقارات، والأهم من ذلك كله اختفى فيها دور القائم بالاتصال والمستقبل السلبي الذي يكتفي باستقبال الرسائل مهما كانت وجهة نظره حولها. 

     من هنا ظهر (صناع المحتوى) في الفضاء الرقمي، فأصبحت لهم مكانة مهمة تفوق في كثير من الأحيان القائم بالاتصال في الوسائل التقليدية، وهذا بفضل ما ينشرونه من مضامين لها علاقة مباشرة مع ميول وطموحات ورغبات الجمهور الذي أصبح يقدر بالملايين عبر منصات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي دعا المؤسسات -بمختلف مجالات عملها- إلى الاستعانة بصناع المحتوى، وتسخيرهم في الترويج لخدماتها ومنتجاتها وحتى أفكارها وبرامجها. 

    وفي ليبيا، فقد بدأت تظهر في عالم صناعة المحتوى الرقمي شريحة من الشباب الليبي من الجنسين، تقدم مضامين متنوعة المجالات، وتخاطب شرائح متباينة الاهتمامات، وتستحوذ على اهتمام الآلاف من المتابعين. 

لكن المتابع لعينة من المحتويات والمضامين التي يقدمها صناع المحتوى الليبيين يجد فيها بعض العثرات والهفوات سواء كان في المضمون الذي يقدمونه، أو في الشكل أو الطريقة وحتى اللغة التي تقدم بها تلك المضامين، بالرغم من أهمية الكثير من موضوعات وقضايا تلك المضامين، الأمر الذي يستدعي التدخل من الجهات ذات العلاقة والخبرة والدراية؛ لتفادي هذه الهفوات، سواء كان ذلك بتدريب هؤلاء الشباب، أو بدعمهم بما يحتاجونهم (تقنياً- تدريباً- فنياً) لتقديم ما لديهم بصورة أكثر جاذبية واقناع وتأثير. 

     لهذا فإن صندوق دعم الإعلاميين يولي اهتماماً خاصاً بصناع المحتوى باعتبارهم الإعلاميون الجدد فجاءت فكرة أن يكون لهذه الشريحة من الإعلاميون الجدد منصة تكتشفهم وترعاهم وتشجع مشاريعهم ومبادراتهم، وهذه المنصة أسميناها منصة صناع المحتوى الهادف: هي حاضنة أعمال نوعية متخصصة في صناعة وتدريب وتأهيل ودعم وتشجيع وتبني صناع المحتوى الرقمي من أجل تقديم مضمون هادف في المجالات المختلفة. 

       وقد وقعنا اتفاقية تعاون مع المركز الإعلامي الرقمي بالشركة الليبية للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات القابضة، باعتبارها شركة وطنية رائدة ومتخصصة في تقديم العديد من الخدمات الفنية والتقنية، الداعمة للمشاريع والمبادرات المبتكرة في العالم الرقمي ليتم تأسيس هذه المنصة لتكون قادرة على تلبية الاحتياجات صناع المحتوى من الشباب الليبي. 

أما أهداف المنصة، فيمكن ذكر أهمها في الآتي:

-      اكتشاف المواهب الليبية الشابة القادرة على الإبداع والابتكار في مجال صناعة المحتوى الرقمي الهادف. 

-      تدريب أصحاب المشاريع والمبادرات الشخصية الراغبين في أن يكونوا صناعاً للمحتوى الرقمي الهادف. 

-      دعم وتمويل الشباب من الجنسين لتنفيذ أفكارهم المتعلقة بصناعة المحتوى الهادف. 

-      تشجيع الشباب الليبي للدخول في عالم صناعة المحتوى الهادف، وخلق روح التنافسية بينهم. 

-      إشراك الشباب من صناع المحتوى الرقمي الهادف في توضيح صورة ليبيا الحقيقية، والتي قد تكون مشوشة أو مغلوطة عند غير الليبيين.  

-      تحفيز صناع المحتوى للمشاركة في نشر وإنجاح خطط ومشاريع التنمية في مختلف المجالات.       

-      رفع جودة المضامين الرقمية لصناع المحتوى الشباب. 

     وغيرها من الأهداف التي نسعى لتحقيقها خدمة ودعماً للشباب الطموح الذي يريد أن يكون صانعاً للمحتوى، شريطة أن يكون هذا المحتوى هادفاً رصيناً، لا يتعارض مع الدين الحنيف وعاداتنا وقيمنا وتقاليدنا الليبية التي نعتز ونفتخر بها. 

   لهذا نحن في صندوق دعم الإعلاميين نولي اهتماماً بكافة الإعلاميين بما فيهم صناع المحتوى أو ما أستطيع أن نسميهم الإعلاميون الجدد. 

وأنا من خلال منبركم هذا أتمنى أن ينتسب كل الإعلاميين في ليبيا إلى الصندوق بمختلف مجالاتهم التخصصية في الإعلام، لأن الصندوق هو مؤسسة جاءت لتقديم الخدمات لهم.