ما بين النور و العتمة تأرجح العمل المسرحي«زنازين النور» للمخرج التونسي حافظ خليفة ، عن نص الكاتب إبراهيم بن عمر، تكريما للمناضلين الشيخ إمام عيسى عبر الغناء والموسيقى وأحمد فؤاد نجم عبر الشعر والكلمة الحرة بلهجة شعبية.

"زنازين النور" هو الحلقة الثالثة من مشروع بدأه المخرج مع الكاتب سنة 2008 بـ«حسّ القط» فـ«جوانح المحبة» سنة 2010 و هو متابعة لرحلة المعاينة ورصد الوضع السياسي والفكري والثقافي في العالم العربي.يلوح وجه الشاعر أحمد فؤاد نجم و الشيخ إمام عيسى من خلال قصة سجينين "عيسى و فؤاد" اللذين يغادران المعتقل بعد الافراج عنهما فينطلقان في رحلة استكشاف الوضع العام.. يفضحان الوضع المتردي بنفس ناقد ولاذع ويبحثان الخروج منه أو العودة إلى المعتقل.

يقول مخرج العمل حافظ خليفة، إن في اختيار الاسم رمزية ودلالة على مدى انحباس النور داخل زنازين السجن في المجتمعات والأنظمة العربية والرغبة في أن يخرج هذا النور من خلال استعارة الشخصيتين بالاعتماد على الروح النضالية لكليهما.. خاصة أننا كتونسيين فرحنا وسعدنا بالربيع العربي على أمل أن يأتي بالشمس والنور كأهداف ضحّى من أجلها عدد كبير من المواطنين الآملين في العيش الكريم و الانعتاق من قيود الديكتاتورية المقيتة الظالمة والفساد. و لكن هذه الثورات لم تخلف إلاّ الشتاء القاتم والوضع المزري والمتردي على أصعدة مختلفة.

زنازين النور هو عرض فرجوي "حركي" بامتياز يوظف تقنيات السينوغرافيا بكل احتراف و هو ما يميّز أعمال حافظ خليفة بشكل عام ، يعتمد أساسا على الكوميديا السوداء، بما يتناسب مع متطلبات التقنية المسرحية ،حيث يوظف تقنية الكوميديا "دي لارتي" الايطالية التي تتطلب بالضرورة استعمال كل ما هو محلي ومزاوجته بكل ما هو عالمي.

كما يتضمّن العمل سخرية عالية و نقد لاذع للواقع العربي خلال و بعد ما يسمى بالربيع العربي، في محاولة لكشف صداماته ونزاعاته وإرهاصاته، في مقاربة ناجحة بين اللهجة العامية المصرية، لتجربة مناضلين من مصر تكلما باسم حقوق و مطالب الشعوب العربية المضطهدة و اللهجة العامية التونسية تكلّم بها أبطال "زنازين النور".