قالت المجموعة الدولية للأزمات "International Crisis Group" إنه ينبغي على الحكومة الانتقالية في جمهورية أفريقيا الوسطى وشركائها الدوليين تبنّي مقاربة تعتمد على "إحياء النشاط الاقتصادي، ودعم إعادة بناء الدولة ومكافحة التهريب"، لبدء عملية حقيقية للاستقرار في البلاد.وذكرت المنظمة الناشطة في مجال الوقاية وحل النزاعات المسلّحة، في تقرير حديث لها على موقعها الإلكتروني، أنّ التدخّل الدولي في أفريقيا الوسطى، والذي سيتعزّز بنشر قوات أممية إضافية بحلول سبتمبر/ أيلول القادم، "ينبغي أن يشجّع على تحسين الحوكمة بجعل إعادة بناء الاقتصاد والمناصب المهمة في الدولة والتصدّي إلى التهريب، أولوية".

وفي التقرير المعنون بـ"الأزمة في أفريقيا الوسطى من الضراوة إلى الاستقرار"، تطرّق المحلّل من منطقة وسط أفريقيا، تيبود ليزييير، إلى "الحوكمة السيئة والضراوة"، معتبرا أن هذا ما ساهم في "تقويض ما تبقّى من أركان الدولة والاقتصاد، وتفقير سكان أفريقيا الوسطى".فيما رأى مدير مشروع وسط أفريقيا، التابع للمنظمة الدولية، تييري فيركولون، أنه "يتوجّب على الفاعلين الدوليين بأفريقيا الوسطى والحكومة الانتقالية استيعاب حقيقة أنّ عملية حفظ السلام ليست استراتيجية في حدّ ذاتها، وإنّما هي أداة".

ومضى قائلا إن "الشراكة المستدامة وحدها من يمكنها مكافحة الأسباب العميقة للأزمة، وتغيير النمط التنظيمي للحوكمة، والتكفل بتجنيب البلاد أخطاء الماضي". وقدم التقرير عدة توصيات لتحقيق هذا الاستقرار في جمهورية أفريقيا الوسطى، بما في ذلك إنشاء شراكة مستدامة بين السلطات الجديدة والجهات الفاعلة الدولية، مثل مجموعة الخمسة (الصناعيى الكبرى، وهي: الولايات المتحدة وألمانيا واليابان وفرنسا والمملكة المتحدة)، ودول الجوار، وهو ما من شأنه أن يساهم في محاربة الفساد والتهريب فضلا عن انتعاش الاقتصاد الرسمي".

واقترحت المجموعة الدولية للأزمات  إنعاش الاقتصاد عبر إطلاق "اليد العاملة في قطاعات الزراعة والأشغال العامة"، بما يمكّن من خلق مواطن الشغل للشباب والمقاتلين (بعد أن يسلموا أسلحتهم).وفيما يخصّ التصدّي للتهريب، اقترحت المنظمة غير الحكومية استحداث وحدة متخصّصة للتحقيق في عمليات تهريب الذهب والعاج والألماس، موصية بضرورة انضمام الحكومة الانتقالية إلى "إنتربول" (المنظمة الدولية للشرطة الجنائية)، وإلى الجهات المانحة والأمم المتحدة للتحقيق في الأموال التي يشتبه في اختلاسها من قبل الحكومتين السابقتين.وفي مارس/آذار من العام الماضي، انحدرت أفريقيا الوسطى، الغنية بثروتها المعدنية، إلى دوامة من العنف، وشهدت حالة من الفوضى والاضطرابات بعد أن أطاح مسلحو

مليشيا "سيليكا"، ذات الأغلبية المسلمة، بالرئيس فرانسوا بوزيزي، وهو مسيحي جاء إلى السلطة عبر انقلاب في عام 2003، ونَصَّبت بدلاً منه المسلم ميشيل دجوتويا كرئيس مؤقت للبلاد.وتطور الأمر إلى اشتباكات طائفية بين سكان مسلمين ومسيحيين وشارك فيها مسلحو "سيليكا" ومسلحو "أنتي بالاكا" المسيحية، أسفرت عن مقتل المئات، وفقًا لتقديرات وكالة الأمم؛ ما أجبر دجوتويا على الاستقالة من منصبه، بفعل ضغوط دولية وإقليمية؛ وتنصيب كاثرين سامبا بانزا رئيسة مؤقتة للبلاد.

واستدعت الأزمة تدخّل فرنسا عسكريا، كما نشر الاتحاد الأفريقي بعثة لدعم أفريقيا الوسطى باسم "ميسكا"، ثم قرر مجلس الأمن الدولي، في العاشر من الشهر الماضي، نشر قوة حفظ سلام، تحت اسم "مينوسكا"، مكونة من 12 ألف جندي، في محاولة لاستعادة الاستقرار في البلد المضطرب.والمجموعة الدولية للأزمات هي منظمة بحثية دولية غير حكومية، مقرها الرئيسي بروكسل، وهي أحد أهم المصادر العالمية المستقلة للتحليلات والمشورة للحكومات والمنظمات الدولية.