تونس \ صحف
كسرت المرأة التونسية بعد الثورة كل الحواجز وخرجت عن المألوف وطنيا وعربيا لتقرر خوض غمار الانتخابات الرئاسية التي كانت في السابق حكرا على الرجال...حيث سجل السباق نحو قصر قرطاج حضور العنصر النسائي بأربعة أسماء لتسفر التصفيات النهائية على بقاء القاضية كلثوم كنو كمرشحة مستقلة ضمن قائمة الــ27 مترشحا لمنصب رئيس الجمهورية. المشهد اخرج تونس حتما من سياسة الحزب الواحد ومن نجاح بنسبة 99.99 % لتنفتح على التعددية والاختلاف بما للكلمة من معنى ويبقى القرار للشعب التونسي في اختيار من يمثله يوم الاقتراع.
كلثوم كنو كانت ضيفة جريدة «المغرب» التونسية اليوم لتتحدث عن برنامجها الانتخابي ورؤيتها للمشهد السياسي؟ وماذا أعدت لتونس في صورة فوزها بكرسي قصر قرطاج؟
• فكرة الترشح للرئاسة كيف ومن أين انطلقت؟
انطلق الحديث في الموضوع منذ شهر أفريل تقريبا مع عدد من الأصدقاء والشخصيات الوطنية المعروفة وغير المعروفة ممن لهم مكانة في تونس. تطرّق الحديث إلى ضرورة تغيير الوضعية الحالية التي تتسم بالتجاذبات فاقترحوا أن أقدّم ترشحي للانتخابات الرئاسية.
في البداية لم أكن أرى نفسي في الرئاسية بل على العكس حاولت إقناعهم أن دوري في الانتخابات التشريعية وفي مجلس النواب يكون أفضل إذ الفترة المقبلة (5 سنوات) هامة جدا وهي فترة تشريع خاصة عندما رأيت مستوى أعضاء المجلس التأسيسي ولاحظت أنهم بعيدون كل البعد عن فهم القانون وتأويله وهنا رأيت انني إذا كنت داخل المجلس سأقدم الإضافة لأن مرحلة التشريع مرحلة مهمة وهناك إمكانية الرجوع إلى الخلف إذا لم نركز قوانين ونطبق الحد الأدنى مما جاء في الدستور.
كانت النيّة من هذا المنطلق أن أترشح إلى التشريعية في قائمة مستقلة ويمكنني أن أفوز. يوم 12 جويلية وخلال مشاركتي في وقفة احتجاجية ضد الإرهاب أمام المجلس التأسيسي تجاذبت أطراف الحديث مع عديد الأطراف اقترحوا أن أقدم ترشحي للرئاسية، ولكن المنعرج الذي جعلني أغير رأيي هي صور بقيت في ذاكرتي تلك التي ظهر فيها عدد من أعضاء المجلس التأسيسي والأحزاب مجتمعين في السفارة الأمريكية بتونس وفي كل صورة يظهر السفير الأمريكي واقفا. هذا المشهد جعلني أفهم أن السفير الأمريكي أراد أن يوجه رسالة واضحة للتونسيين مضمونها أن أعضاء الأحزاب كلها تحت جناح أمريكا وتحت إمرتها، واصلت جولتي في صفحتي الخاصة على الفايسبوك وجدت أن الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة يقدم مقترح الرئيس التوافقي هنا أعدت ترتيب أوراقي وربطت المقترح بالصور لأعيد التفكير في مسألة الترشح وقلت في نفسي «لا بد أن أقوم بشيء للتصدي لهذا المقترح» وكتبت على صفحتي «لو يقع التمسك بمقترح رئيس توافقي سأعلن ترشحي للانتخابات الرئاسية لتمكين المواطن التونسي من حق الاختيار وهذا المقترح لن يأتي برئيس يخدم الشعب بل سيخدم جهات معينة». أم زياد اطلعت على ما كتبت وقالت لي «احذفي لو ونحن لها» ومن هنا انطلقت الحكاية ودخلت غمار السباق وأعلنت رسميا عن ترشحي.
• هل هناك من النواب من عبر عن رغبته في تزكية كلثوم كنو؟
في الحقيقة هناك من نواب المجلس الوطني التأسيسي من أراد تزكيتي وهم أربعة أشخاص دون ذكر الأسماء ولكن رفضت ذلك لأنني رسمت خيارا واضحا منذ البداية وهو أن تكون التزكيات شعبية وليست من نواب التأسيسي باعتبار ترشحي ترشحا مواطنيا
• كيف كانت جولة جمع التزكيات؟
عندما أعلنت ترشحي شبه الرسمي وجدت دعما كبيرا من عديد الفئات نساء ورجالا الأمر الذي دفعني ليكون الترشح رسميا وعلنيا. لتكون بداية المشوار وتنقلت مع جمع التزكيات من خلال زياراتي الشخصية لعديد المناطق اين وجدت حسن استقبال وتشجيع من قبل عديد المواطنين رجالا ونساء علما وان التزكيات التي جمعتها تفوق فيها نسبة المزكين نسبة المزكيات وهذه مسألة مهمة وزادتني دفعا معنويا نحو مواصلة المسار.
و بما أنني لم أر أي مانع من حيث الكفاءة والقدرة لأنه من صمد واتخذ قرارات جريئة في عهد بن علي لا اعتقد أنه سوف يعجز عن اتخاذ مثل تلك القرارات في الظرف الحالي ولم أجد نفسي أقل كفاءة من عديد السياسيين، يكفي أن تكون قويا ولديك استراتيجية في تحليل المعلومة وتختار من سيعمل معك بمعنى الانسان المناسب في المكان المناسب لتكون ناجحا في مهمتك.
أولا وبعد الانطلاق في عملية جمع التزكيات تأكدت مرة أخرى أنني قادرة على مواصلة المشوار خاصة وأنني لاحظت أن المواطنين مستعدون للتزكية وبالتالي للتصويت.ثانيا أنا في كل الأحوال قررت أن أرسم من خلال ترشحي هذا مفهوما آخر للانتخابات باستعمال الوسائل الشفافة والنظيفة لإعطاء المثال في هذا السباق. وبقطع النظر عن فوزي برئاسة الجمهورية من عدمه فالمهم أنني متأكدة أن طريقتي في الانتخابات هي طريقة نموذجية وأتمنى أن تكون مثالا يحتذى به في الانتخابات المقبلة.
• ماذا تقولين عن شعار الحملة؟
لم يتم اختيار هذا الشعار في البداية فقد كان «بالأمل والعمل تصبح تونس خير من قبل»ولكن فوجئت بأن الجبهة الشعبية للأسف أخذت نفس الشعار علما وأنني أول من أعلن عنه وتم نشره في عديد الصحف ولكن لا أريد الدخول في أي صراع مع أي حزب فتجاوزت الأمر وقررت أن أغيره ليصبح «اخدم تونس ...تصيبها»تم اختياره بعد مشاورات ونقاشات.
• كلثوم كنو المرأة الوحيدة في السباق نحو قرطاج كيف ترين حظوظك؟
اليوم وبترشحي هذا كسرت الحاجز النفسي لدى عديد النساء التونسيات اللاتي لديهن الكفاءة والقدرة في كل المجالات ولكن هذا العائق يمنعهن من مواصلة المشوار للنهاية. وهنا أقول لا بد من اختيار امرأة لرئاسة الجمهورية وخاصة في هذا الظرف بالذات لأن تونس في حاجة إلى أن تعرف جيدا وأن تكون سبّاقة في وجود امرأة على رأس الدولة وسيكون لذلك انعكاسات إيجابية على التونسيين أولا خاصة وأن التونسي يريد أن يكون دائما في الصدارة، كما أن الدول الأجنبية ستنظر لتونس نظرة إكبار.
كما أن هذا الترشح وحاجة التونسيين إلى امرأة في كرسي قرطاج هو رسالة إلى أولئك الذين يريدون ترسيخ عقلية أن المرأة مكانها المنزل وشؤون البيت كما أن مكاسب المرأة ستكون في أمان عندما تكون امرأة هي رئيسة للجمهورية. وبالتالي اعتبر نفسي الأقدر على تجميع التونسيين وأن أخدم هذه المرحلة خاصة وأنني امرأة قانون وتجربتي القضائية مهمة جدا في هذا السياق لأن القاضي يستمع إلى جميع الأطراف قبل اتخاذ القرار وهذا أمر مهم ومهم جدا أما بالنسبة للأمور السياسية فمن استطاع الفصل في قضايا شائكة ليس من الصعب عليه الحسم في أمور سياسية. زد على ذلك فإن رئيس الجمهورية سيكون له مستشارون والاهم حسب رأيي كيف يمكنني اختيار هؤلاء فيجب أن يكونوا مستقلين وذوي كفاءة حتى لا يخضعوا إلى أي نوع من أنواع الابتزاز والضغط من أي جهة سياسية كانت. كما أن الرئيس لا بد أن يطّلع على بعض الأمور بمفرده فضلا على ضرورة انفتاحه على المجتمع المدني ولا يمكن تغييبه لأن ممثلي المجتمع المدني هم أقرب إلى الشارع التونسي وهو الرقيب على أداء الحكومة والرئاسة وأنا قبل كل شيء ابنة المجتمع المدني ولا اعتقد أنني سأغيبه يوما فهو صوت الشعب والشارع كل ذلك يتطلب إرادة وإنسانا منفتحا على المجتمع.
• يقولون إن ترشحك تشتيت لأصوات اليسار؟
أنا ترشحت كمستقلة في ظل الحسابات الضيقة (كل واحد يحب ليه) وتونس اليوم في حاجة إلى من يمسك العصى من وسطها وهذه المهمة لا يمكن أن يقوم بها من له انتماء سياسي معين دون التقليل من شأن المترشحين المتحزبين، ولكن لا بد من شخص مستقل حتى لا ندخل في تجاذبات نحن في غنى عنها واستقلالية كلثوم كنو لا يمكن لأحد التشكيك فيها فلو تم تصنيفي على سبيل المثال ضمن اليسار لا يمكنني الترشح ضد حمّة الهمامي ولو كنت منتمية للمؤتمر لا يمكنني الترشح ضد المنصف المرزوقي وبالتالي فكل الاستنتاجات لا اساس لها من الصحة وكلثوم كنو لا دخل لها في مسألة تشتيت اصوات اليسار كما يقال.
• ما هو موقفك من قرار مجلس شورى حركة النهضة؟
مجلس شورى حركة النهضة من حقه اتخاذ أي قرار فهذا شان داخلي ولا احد يمنعه ،لكن في اعتقادي الشخصي فإن هذا القرار ليس اعتباطيا وإنما نتيجة حسابات راعت فيها مصالحها. كيف ذلك؟ هذا أمر لا يعلمه إلا الله.
• ما هي رؤيتك للوضع السياسي الحالي؟
المشهد السياسي اليوم اقل ما يقال عنه انه ضبابي وهناك حسابات «تحت الطاولة» فما نراه في الظاهر لا يعكس حقيقة ما يجري في الخفاء فالأحزاب السياسية حسب رأيي لديها حسابات في كل خطوة تخطوها وبالتالي فالمشهد السياسي يمكن أن يتغير ولا شيء مستحيل، أملي كبير والتونسي دائما يحدث المفاجأة والحسابات قد تسقط في الماء وكما يقول المثل «اللي يحسب وحدو يفضلو» فلا ننسى أن هناك العديد ممن قاطعوا الانتخابات السابقة يمكنهم أن يحدثوا المفاجأة ويقلبوا الموازين وهم من أعوّل عليهم في الحقيقة.
• في صورة فوزك في الانتخابات، ما هي أهم القرارات التي ستتخذينها؟
أول قراريتصل بصلاحياتي يتعلق بمسألة الأمن ومكافحة الإرهاب والبحث عن الوسائل الكفيلة للتصدي لهذه الظاهرة والعمل على أن تكون لدينا نظرة استشرافية واستباقية وهذا يتطلب إمكانيات وهنا لا بد من الترفيع في ميزانية وزارة الدفاع بشكل ملحوظ لتوفير الإمكانيات لمواكبة متطلبات المرحلة بتكوين مختصين في موضوع الإرهاب ليصبح لتونس مكونون وطنيون، كما نحتاج إلى الترفيع من معنويات الأمن والجيش الوطنيين من خلال توفير لباس لائق وضامن لسلامتهم وغير ذلك من المسائل ، الاستعلامات أيضا مسألة مهمة جدا لا بد من وجود هيكل يوحّد استعلامات الجيش والأمن والديوانة دون أن ننسى تدعيم الاستعلامات مع الشقيقة الجزائر.
التعيينات أيضا لا بد أن تكون وفق معيار الكفاءة وليس الولاء الحزبي كما انه من الضروري تحييد الأمن والجيش عن كل التجاذبات السياسية.
• كلثوم كنو قائد أعلى للقوات المسلحة؟
المسألة عادية وعادية جدا وأرى نفسي قائدا أعلى للقوات المسلحة كما يرى الرجل نفسه في هذا المنصب فالقرارات يمكن اتخاذها في الوقت المناسب، فالمرأة نجدها في عديد المناصب سواء في الجيش أوفي محكمة التعقيب وبالتالي فهي قادرة على ان تكون ناجحة في أي مجال بكثير من الثقة في النفس والحكمة في العمل فكلثوم كنو قادرة على ان تكون قائدا اعلى للقوات المسلحة .
• المنافس الحقيقي لكلثوم كنو؟
لا يوجد منافس حقيقي لي فالجميع على نفس الدرجة وسواسية في السباق نحو رئاسة الجمهورية فالبقاء لمن سيختاره الشعب التونسي وصندوق الاقتراع هو الفيصل.

*عن « المغرب » التونسية