توافقت القوى السياسية في تونس على عقد الجلسة الافتتاحية للبرلمان المنتخب، الثلاثاء المقبل، إلا أن جدلاً قانونيًا كبيرًا شهدته وسائل الإعلام حول كلمة "المتخلي" في المادة 57 من الدستور التي تحدد الشخصية التي لها حق افتتاح الجلسة خاصة أن الدستور لم يكن حاسمًا فيها.

والثلاثاء الماضي، دعا رئيس المجلس الوطني التأسيسي، مصطفى بن جعفر، أعضاء مجلس النواب المنتخب الشهر الماضي، إلى عقد جلسة افتتاحية الثلاثاء المقبل.

ويضم مجلس نواب الشعب 217 عضوًا، ويتكون وفقا لنتائج الانتخابات البرلمانية السابقة، من حركة نداء تونس (وسط) 86 مقعدًا، وحركة النهضة (إسلامية) 69 مقعدا، والاتحاد الوطني الحر (ليبرالي) 16 مقعدا، والجبهة الشعبية (ائتلاف أحزاب يسارية ) 15 مقعدا، وآفاق تونس (ليبرالي ) 8 مقاعد وأحزاب أخرى 23 مقعدًا.

وتنص المادة 57 من الدستور التونسي، الذي تم إقراره في يناير/كانون ثان الماضي على أن ''يعقد مجلس نواب الشعب دورة عادية تبتدئ خلال شهر أكتوبر (تشرين أول) من كل سنة وتنتهي خلال شهر جويلية (يوليو/ تموز)، على أن تكون بداية الدورة الأولى من المدة النيابية لمجلس نواب الشعب في أجل أقصاه 15 يوما من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات بدعوة من رئيس المجلس المتخلي''.

وتم الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية في تونس في 20 نوفمبر/تشرين ثان الجاري.

إلا أن وسائل إعلام تونسية محلية شهدت جدلا بين خبراء دستوريين وآخرين سياسيين حول الشخصية التي لها حق افتتاح الجلسة خاصة أن الدستور لم يكن حاسمًا فيها.

وفي تصريحات للأناضول، قال الخبير القانوني والدستوري بالجامعة التونسية، قيس سعيد، إن النص الذي ينظّم هذه المسألة وهو الفصل57 من الدستور التونسي يحمل لبسًا ولم يكن واضحًا في المقصود بكلمة "المتخلي".

وبحسب أستاذ القانون الدستوري فإن هناك إشكالية حول من سيحق له عقد الجلسة الافتتاحية للبرلمان القادم خاصة أن هذا الفصل لم يكن واضحًا في تحديده للشخصية السياسية التي ستوكل لها هذه المهمة.

ويقع اللبس هنا في تسمية "المجلس" إذ لم يحدد الدستور التونسي المصادق عليه في يناير/كانون ثان المنقضي ما إذا كان المقصود هنا رئيس المجلس التأسيسي أم رئيس مجلس نواب الشعب (غير موجود).

وقال سعيد، في تصريحات للأناضول، إن "المقصود في الفصل 57 بالمتخلي ليس التأسيسي بل المقصود به المؤسسات الدائمة وهو مجلس نواب الشعب وأن الدعوة هنا التي صدرت جاءت بناء على تأويل لهذا الفصل فالتأسيسي انتقالي وليس دائمًا".

وأوضح سعيد أنه تم القبول بهذا الحل خلال جلسة الحوار الوطني في نهاية شهر أكتوبر/تشرين أول الماضي بالتعامل مع المؤسسات المؤقتة (التأسيسي) وبمسألة الدعوة لانعقاد مجلس نواب الشعب إلا أنه في المقابل تم رفض التعامل مع المؤسسات نفسها في الفصل 89 من الدستور التونسي.

واعتبر سعيد أن "دعوة بن جعفر هي مجرد تأويل سياسي بامتياز فمرة يتم القبول بالتعامل مع المؤسسات المؤقتة التي قيل إنها انتهت وحينًا آخر يتم رفض ذلك وبالتالي هناك إرادة لتطويع القانون وفقا للمصالح السياسية".

كما أشار أستاذ القانون الدستوري إلى الإشكالية التي يتضمنها الفصل 148 من الدستور التونسي الذي ينص على "يواصل المجلس الوطني التأسيسي القيام بصلاحياته التشريعية والرقابية والانتخابية المقررة بالقانون التأسيسي المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية أو بالقوانين السارية المفعول إلى حين انتخاب مجلس نواب الشعب".

وأوضح أنه كان يفترض أن ينص هذا الفصل على مواصلة رئيس المجلس مهامه إلى حين انتخاب رئيس له لكن استمرارية الدولة تقتضي أن تبقى المؤسسات قائمة ولا تنتهي إلا حين أن تحل محلها المؤسسات الجديدة.

إلا أن رئيس كتلة حركة النهضة بالمجلس التأسيسي المتخلي (السابق)، الصحبي عتيق، اعتبر أن الأحكام الانتقالية "واضحة" والنص القانوني كذلك وأنه عندما دعا مصطفى بن جعفر إلى انعقاد المجلس بعد نصف شهر من النتائج التشريعية فالرئيس المتخلي وهو بن جعفر هو من يحق له ذلك.

وأضاف عتيق أن "من يعتبر أن هناك تأويلا وفقا لمصالح سياسية فهو يعتمد على قراءة متعسفة وليس هناك أية تأويلات وفق أجندات سياسية، وهناك بعض الأطراف تريد أن تربط كل المسائل بالرئيس الجديد ولكن ذلك أمر غير معقول".

وتابع: "على مجلس نواب الشعب أن ينعقد إذ هناك ميزانية من المفترض أن تناقش قبل 10 ديسمبر/كانون الأول وقد أكد الحوار الوطني في جلسته الأخيرة على التسريع في هذا الأمر".

وهو ما أيده القيادي بحركة "نداء تونس"، خالد شوكات، حيث قال إن "المجلس الوطني التأسيسي مارس خلال الثلاث سنوات المنقضية (انتخب في أكتوبر/تشرين أول 2011) ثلاث صلاحيات: الوظيفة التأسيسية، والرقابية، والتشريعية (البرلمانية) وهو ما يخول له رئاسة الجلسة الافتتاحية للبرلمان الجديد".

وأضاف شوكات أن "حركة نداء تونس مستعد لهذه الجلسة الافتتاحية، وقد وَقع الإعداد لذلك خلال اجتماعات متتالية، كما أن رئاسة الجلسة ستكون من نصيب أكبر عضو في كتلة النداء وهو علي بن سالم وهو رئيس قائمة في محافظة بنزرت (شمال)".

وتنص المادة 89 من الدستور التونسي على "تتكون الحكومة من رئيس ووزراءَ وكتّاب دولة يختارهم رئيس الحكومة وبالتشاور مع رئيس الجمهورية بالنسبة لوزارتيْ الخارجية والدفاع".

و"في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدّد مرة واحدة. وفي صورة التساوي في عدد المقاعد يُعتمد للتكليف عدد الأصوات المتحصل عليها".