قال مبعوث الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، غسان سلامة إنه سيعلن خلال أيام عن موعد عقد الملتقى الوطني الليبي الذي سيكون في أقل من شهر ،  مشيرًا إلى أن البعثة تعمل في الوقت الراهن على إنهاء بعض الترتيبات اللوجستية الضرورية في هذا الشأن.
وأضاف سلامة  في تصريحات تلفزيونية مساء أول أمس الأحد،  أن الملتقى سيعتمد على «بوتقة واسعة من المدخلات منها ما جاء في اجتماعات مجلسي النواب والدولة ومبادرات ولقاءات أبوظبي وباريس وباليرمو وطبعًا خطة العمل الأممية التي سيحولها الملتقى الوطني إلى مخرجات»، و سيجمع 23 فئة من الليبيين جميعًا تشمل المدن، الأحزاب، رؤساء الجامعات، رؤساء النقابات، شيوخ القبائل، البلديات، أعضاء من مجلس النواب ومن مجلس الدولة، كل الأجسام الاجتماعية والسياسية، والمكونات والأقليات العرقية. 23 فئة مختلفة من الليبيين، وسيكون هناك ممثل أو اثنين عن كل فئة  سلامة طالب بـ«السماح من الليبيين» مقدمًا «اعتذارًا مسبقًا ممن لم يتمكن من الحضور وسيقومون بشتمي»، وفق تعبيره ، مردفا  «أنا لا أستطيع أن أجمع 6 ملايين ليبي في مكان واحد!!»، لافتًا أنه «لن يكون هناك إرضاء للجميع… نحن نريد استخلاص رأي غالب ورأي أكثري… هذا هو هدف الملتقى».
تمثيل
وبحسب الوثائق التي نشرتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر، سيتم تقسيم الكيانات الخمسة على ”المكونات الاجتماعية (القبائل) والسياسية والنخب الفاعلة ولجان المصالحة والكيانات الأمنية والعسكرية“ على أن ”3 أعضاء عن كل كيان سيمثلون البرلمان ومجلس الدولة وهيئة صياغة الدستور“ بينما سيكون ”تمثيل المكونات الاجتماعية (شيوخ القبائل وأعيانها) عن طريق نسبة عدد السكان، وكحد أدنى عضو عن كل منطقة يبلغ سكانها 250 ألف نسمة وصولًا إلى 4 أعضاء للمنطقة التي تضم مليون شخص“ كما ”سيتم تمثيل أنصار النظام الملكي ونظام القذافي والنظام الفيدرالي بواقع عضوين لكل كيان، كما سيكون لتنظيمات اتحاد العمال، والطلاب، والشباب، عضو لكل تنظيم منها“ ، ويمثل المؤسسة العسكرية ”الجيش الوطني“ 9 أعضاء، وقوات حكومة الوفاق 3 أعضاء وقوة البنيان المرصوص 3 أعضاء.
وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عرض في 20 سبتمبر 2017، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك خارطة طريق وصفت آنذاك بأنها جديدة لحل الأزمة الليبية ، وهي تتكون من  ثلاث مراحل تبدأ بتعديل اتفاق الصخيرات وفق المادة "12"، ثم عقد  مؤتمر وطني تحت رعاية أممية لفتح الباب أمام الذين استُبعدوا أو همّشوا الاستحقاقات الدستورية،ثم مرحلة  ما بعد اصدار الدستور والانتخابات.
أمل
اليوم يكون قد مرّ 18 شهرا على ذلك الإعلان، لتؤكد المؤشرات على أن الإجتماع بات قريبا. وأوضحت  اللجنة التحضيرية للمؤتم أنها  عملت وانطلاقا من مبدأ المساهمة الفاعلة في دفع الأزمات السياسية التي هي أساس الانقسام في البلاد على انبثاق المؤتمر الوطني الجامع من رحم الأزمة ليحمل على عاتقه مسألة عدم الوقوف موقف المتفرج من دون محاولة إيجاد حل يحقق الاستقرار والحياة الكريمة لليبيين.
وشددت اللجنة على كون أعضاء اللجنة التحضيرية  يمثلون كافة مكونات المجتمع الليبي وأطيافه السياسية مع قيامهم بدور كبير مع العديد من لجان المصالحة لمعالجة التوترات في أغلب المناطق، لافتا إلى أن من أهم أهداف المؤتمر هو العمل على إنهاء حقبة أليمة، والتوجه نحو بناء الدولة والإنسان بعيدا عن الاقتتال والصراعات المسلحة ،كما أكدت  اعتمادها مبدأ الشفافية والحيادية في جمع الأجسام السيادية للدولة ومختلف الأطراف المتنازعة إلى طاولة حوار واحدة بهدف الاتفاق على تشكيل حكومة وطنية موحدة تبسط نفوذها على كامل التراب الليبي وتنجح في وضع آليات لتسوية الأزمة الراهنة.
وأوضح  محمد عبدالسلام العباني رئيس اللجنة التحضيرية إن المؤتمر الجامع الليبي الليبي  يأتي  لإنهاء الأزمة ولتوحيد المؤسسات وانهاء الفرقة التي امتد أمدها ،و نحن لدينا مشروع إنقاذ وطني توافق عليه كل الأطراف لتوحيد المؤسسة العسكرية والأمنية والمدنية ، وإننا نوجه نداء لكل رجال وشرفاء الوطن لتضميد جراح الوطن والانطلاق نحو بناء ليبيا المستقبل.
جدل
بالمقابل ، تشير أطراف عدة الى عدم الجدوى من المؤتمر ، فرئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، قال إن  «المؤتمر الجامع سيفشل» معتبراً أنه «انقلاب على الشرعية والدستور» ،وأضاف  أنه «سيفشل لسبب وحيد وهو أن ما سُرِّب عن هذا المؤتمر الجامع فرض دستورًا وأجندة جاءت من خارج ليبيا» لافتا الى أن  «هذه الأجندة كما تم تسريبها وهو إلغاء السلطات في ليبيا تكون سلطات جديدة من المعروف أن من ينشئ السلطات واختصاصاتها هو الدستور».
وتابع قائلاً: «هذا شأن ليبي مئة بالمئة وأي فرض من الخارج مرفوض منا ومن جميع الليبيين ونوقش هذا الأمر في مجلس النواب واستاء بعض النواب من عملية ما تم تسريبه»  مشددا على أنه في حالة عدم «اعتمادالدستور من الشعب الليبي لدينا الإعلان الدستوري هو دستور حتى تجري الموافقة على دستور دائم للبلاد وبالتالي الانتخابات ستجرى طبقًا للإعلان الدستوري وهذا إجراء صحيح».
إذا ما الفائدة من المؤتمر الجامع ؟ يقول  رئيس لجنة الحوار عن مجلس النواب، عبد السلام نصية، إنه ليس هدفا في حد ذاته، وأنما الهدف الأساسي هو الدخول في المرحلة الدائمة، من خلال إيجاد دستور للبلاد، ومؤسسات حقيقية تكون عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية ،مبرزا  أن الملتقى الجامع يجب أن يعقد في ظل حكومة تنفيذية واحدة، تستطيع تطبيق مخرجاته.
تحفظات
التحفظات على المؤتمر المنتظر تعود بالأساس الى الخشية من أن تنبثق عنه آلية بديلة للسلطات الحالية تحظى بشرعية الأمم المتحدة ، ويتم تكليفها بالإعداد للمحطات السياسية القادمة وعلى رأسها الإنتخابات ، إذ تشير  المادة 12 من النظام الأساسي إلى أن ”من مهام هذا المؤتمر اختيار مجلس رئاسي مؤقت، وتشكيل حكومة مؤقتة، وكذلك اختيار قيادة عسكرية مؤقتة، ويكون المؤتمر الجامع هو السلطة التشريعية إلى حين انتخاب سلطة تشريعية جديدة“.
وفي هذا الإطار ، يقول  عضو مجلس النواب أبوبكر أحمد سعيد،  « نتفهّم التحفظات الكثيرة ، وأشاطر الكثيرين بشأنها لكن ما هي البدائل في ظل هذه الظروف الفوضوية، والتصعيد غير المبرر للحرب والاقتتال التي لا خاسر فيها إلا الوطن والشباب الليبي الواعد؛ فالانسداد السياسي قائم ومستمر بسبب صراع السُلطة وانعدام الرؤية المؤسساتية، أعتقد إنه من حق الجميع المساهمة في حل الأزمة وتحريك المياه الراكدة وعدم الارتهان لتجار السياسة ولمن لهم مصلحة في استمرار انقسام مؤسسات الدولة”.