ينتظر الليبيون أن تحمل سنة 2019 تغيّرات سياسيّة كبيرة من الممكن أن تؤدّي إلى إنهاء الانقسام الذي تعيشه البلاد منذ سنة 2014، وتضع حدًّا لدوامة العنف المستمرّ بها؛ إذ من المتوقّع إجراء انتخابات برلمانيّة ورئاسيّة تشارك فيها الأطراف المتنازعة، وذلك بعد أن تعطّلت مساعي إجرائها في العاشر من ديسمبر الماضي لدواعي أمنيّة وسياسيّة.

 وكانت الأطراف الليبيّة قد اتّفقت في قمّة باريس التي انعقدت في مايو (أيّار) الماضي على إجراء انتخابات تشريعيّة ورئاسية بمشاركة عدّة أطراف ليبيّة، من بينهم المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، وفايز السرّاج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، ورئيس مجلس الدولة خالد المشري ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، فيما رفض سياسيّون وعسكريّون من غرب ليبيا هذا المؤتمر واعتبروه تدخّلًا خارجيًا في الشؤون الداخلية الليبيّة، لكن مساعي هذه الانتخابات قد تأجّلت إلى السنة القادمة.

وينتظر أن يحمل المؤتمر الوطني الجامع الذي سيعقد في الأسابيع الأولى من هذه السنة في طياته حلاًّ سياسيا للأزمة الممتدة منذ سنة 2011. ويعتبر المؤتمر الوطني الجامع جزء من خطة المبعوث الأممي غسان سلامة لسنة 2018، لكنه لم ينجح في تنفيذها بسبب تواصل الانقسام والتوترات الأمنية التي شهدتها طرابلس في أغسطس الماضي. ومن المتوقع أن ينطلق المؤتمر الذي سيمهد لانتخابات رئاسية وتشريعية ربيع العام المقبل، في يناير.

وأصدر رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية (المدعومة دوليا)، فايز السراج قرارا بتسمية اللجنة التحضيرية للإعداد لمؤتمر المصالحة الوطنية الشاملة برئاسة الشيخ عبداللطيف الشويرف، وعضوية 22 شخصية يمثلون أكاديميين وخبراء وشخصيات وطنية بكافة المكونات والمناطق.

وأشار بيان للمجلس إلى أنّ اللجنة ستتولى إجراء مشاورات وحوار على الصعيد الوطني مع الأطراف والهيئات الأساسية المنخرطة في المصالحة في كافة أنحاء الدولة.

وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا أبلغ مجلس الأمن الدولي أن مؤتمرا وطنيا سيعقد في ليبيا في الأسابيع الأولى لعام 2019 من أجل الدفع لإجراء انتخابات في الربيع. وقال غسان سلامة إن المؤتمر سيوفر منصة لليبيين للتعبير عن رؤاهم للمستقبل، بحيث لا يتم الاستمرار في   تجاهلهم من قبل هؤلاء الذين هم في السلطة في هذا البلد المنقسم.

في إطار التحضيرات الجارية لهذا الحدث المهم، عقد المجلس الأعلى للدولة اجتماعًا أمس الخميس في العاصمة طرابلس، باللجنة المكلفة للتحضير للملتقى الوطني الجامع المزمع عقده برعاية البعثة الأممية.

وأشار بيان نشره المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة، إلى أنّ الاجتماع ناقش عمل اللجنة ومستجداتها وآلية وضع تصور عام لرؤية المجلس الأعلى للدولة للمشاركة في هذا الملتقى. وأضاف البيان أنّ الاجتماع شهد طرح مجموعة من النقاط التي وصفها بالمهمة تمثلت في مناقشة معايير اختيار الممثلين في الملتقى سواءً أكانوا أفرادًا أم مؤسسات.

كما ناقش الاجتماع أهم الأمور التي ينبغي التركيز عليها، وهي البحث عن القواسم المشتركة مع الأطراف الليبية، وأن يكون هذا الملتقى رافدًا وداعمًا للاتفاق السياسي لا بديلاً عنه، وفق البيان.

ويرى مراقبون أن هذا الحدث هو بمثابة فصلاً جديداً يُراهن عليه الجميع لخروج ليبيا من أزمة تعيشها منذ سنوات، بالنظر إلى وضع إطار زمني للملتقى يكون في الأسابيع الأولى من 2019.

ويبدو أن هناك قناعة راسخة في الداخل الليبي أصبحت تحقق حولها شبه إجماع أن الحل لن يكون إلا في الداخل الليبي و بقرار سيادي داخلي و اللافت أن البعثة الأممية تدفع نحو هذا التمشي.