عاد الحديث مجدداً في ليبيا عن الملتقى الوطني الجامع، الذي تعوّل عليه البعثة الأممية إلى هذا البلد لتمرير حلول لأزمته، من خلال جمع أطياف وشرائح ليبية، بهدف توسيع دائرة التمثيل الوطني، وتلافياً للقصور السياسي الذي البلاد.

بعد الإعلان عن موعد انعقاد الملتقى الوطني الجامع، والتحركات السياسية في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، والجهات المحلية في ليبيا، للتنسيق والتشاور حول إمكانية التوافق العام الذي يضمن نجاح الملتقى،تباينت الآراء الداخلية حول مصير هذا الحدث المفصلي مرحلة دقيقة تمر بها البلاد. حيث يجري المجلس الأعلى للدولة ورئيسه خالد المشري تحركات متسارعة خصوصاً قبيل انعقاد الملتقى الوطني الجامع.

ويبدو المشري في تصريحاته مرحبا بالملتقى تارة، ليعود ويعلن طلبا سابقاً قدمه إلى المبعوث الأممي غسان سلامة، بتأجيله وزيادة الممثلين فيه، ثم خطوة ثالثة بالتوجه نحو إعادة إحياء مبادرة التعاون مع مجلس النواب.

كان الأعلى للدولة” قد طلب في وقت سابق بإعادة لقاء لجنتي الحوار من مجلسي النواب والدولة، بعد تحديد موعد الملتقى الجامع من قبل البعثة الأممية، في مبادرة لا تبدو مفهومة المقاصد.

وألقى رئيس المجلس، في محاولة للتهرب من مسؤولية كلماته، باللائمة على التفسير لا النص واعتبر الإعلام قد فسرها خطأ.

من جانب آخر،وصفت عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور نادية عمران إعلان المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة عن موعد انطلاق الملتقى الوطني الجامع في غدامس في شهر أبريل المقبل بالغامض، مشيرةً إلى أن الهيئة التأسيسية لم تتلق أية دعوة لحضوره.

عمران أكدت في تصريح خاص لوكالة   سبوتنيك أمس الأحد على أن هناك أمور غامضة وغير معروفة حتى اللحظة بشأن تشكيلة الملتقى الوطني الجامع والمعايير 17 التي تم على أساسها الاختيار وأهداف الملتقى والقرارات التي ستنتج عنه وآلية اتخاذ القرارات فيه بالإضافة لمدى شرعية الملتقى والتزام الأطراف به وقدرة الملتقى على حل الإشكاليات العالقة في ليبيا.

وإعتبرت عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور أن هذا الملتقى هو آخر ورقة سيطرحها سلامة بعد استحالة التوافق بين مجلس النواب والدولة.

وتابعت قائلة :"يمكن أن يساهم الملتقى في حل إشكالية توحيد السلطة التنفيذية والمؤسسة العسكرية لكن تدخل الملتقى في المسار التأسيسي أو تعطيله أو تأجيله بناء على رغبات بعض الأطراف المتنفذة سيكون منزلقا خطيرا نحو ضرب المسار التأسيسي وتجاهل إرادة الشعب الليبي".

في نفس سياق الضبابية،قال أستاذ القانون الدولي، محمد الزبيدي، إن "الملتقى الجامع أكثر فكرة تعرضت للتبديل والتغيير، فكان لعهد قريب يسمى المؤتمر الوطنى الجامع، لكن تغير المؤتمر لملتقى، وهناك فرق شاسع في المعنى، فالمسمى الأول قراراته وتوصياته ملزمة للأطراف الحاضرة ولغيرهم، أما ملتقى مجرد لقاء بين مجموعة من الناس، يتناولون مختلف الأحاديث ثم ينفض اللقاء".

وأضاف الزبيدي في حديثه مع برنامج "بين السطور" المذاع عبر أثير "سبوتنيك"، قائلا "تغيير المسمى يعني أن ما يخرج عن هذا الملتقى مجرد أحاديث عامة، لا تلزم أحد، وهذا يعني أن البعثة الأممية لم تراهن على المؤتمر الوطني الجامع بشكل كبير، فلجأت لتغيير المسمى إلى ملتقى، ثم قلصت عدد المدعوين إلى 150 شخصا، لا يعلم أحد أسس اختيارهم، لذلك فهذا اللقاء أقرب ما يكون لعملية تدوير الأزمة وليس إدارتها على أقل تقدير".

إن الملتقى الوطني الجامع يمثل حالة اختبار حقيقي لجدية الأطراف السياسية في سعيها لحل الأزمة الراهنة لذلك فإن رفض الملتقى الجامع ليس إلا إهداراً لفرص يصعب تكرارها، إمعان الأطراف المتنافسة في حالة المكابرة و التعنت لن تضفي إلا إلى استدامة حالة الفوضى والتأزّم.