في عام 2011 عندما قابل الصلابي ورفاقه أردوغان لطلب الدعم العاجل للمتمردين والزنادقة في ليبيا فيما أسموه ثورة فبراير، كانوا قد لعبوا على استثارة حميته القومية بإدعاء أن أغلب سكان المدن التي اختطفها المتمردون وضرب الجيش الليبي طوقاً حولها، هم من أصول تركية. وبعد 2014، حين حدث الانقسام بين أطراف فبراير، انقسم المنظرون السياسيون كذلك، فأصبح الطرف المنعوت بتركيته يعير الطرف الآخر، ومن ورائه أغلب الليبيين  ببدويتهم، وكونهم لا يجيدون شيئاً إلا رعي الشاة والغنم. وبالمقابل فإن الطرف الآخر الذي يحسب نفسه على الطيف الوطني انجر إلى المربع نفسه وأخذ في رشق خصومه بتهمة أصولهم ألتركية وعدم ولاءهم لليبيا، وطالب بعض ادعياء الوطنية هؤلاء "الأتراك" بالرحيل على "لوحة"، مثلما جاءوا على خشبة. وإذا كان الفريق (المحسوب على تركيا وقطر وغيرهما)، والمدافع عن مصالح الدول الأخرى والمرتبط بالمشروع الأيديولوجي لتيار الإسلام السياسي ورعاته، لا يتورع عن استخدام كل الوسائل والأسلحة المحرمة وطنياً وأخلاقياً في برنامجه التآمري وخطابه الإعلامي بهدف التمسك الأبدي بالسلطة. وليس هذا بمستغرب منه، لأنه ارتضى لنفسه ألا يكون أكثر من وكيل محلي للأطراف والقوى التي تعبث بالوطن. فإن ما يجب أن يكون مستغرباً حقاً هو انجرار الطرف الذي يقول بـ "وطنيته" إلى هكذا لعبة مدمرة للنسيج الاجتماعي الوطني. وقيامهم بتوظيف وسائل مماثلة لتلك التي يستخدمها خصومهم المرتبطين بالأجندة الأجنبية، بل هي أشد فتكاً وخطورة. وبذلك يساهمون بكل قوة في تحقيق أهداف وغايات الأعداء، "وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا".
الواقع أن أولئك (المصنفين تياراً وطنياً) والذين يكررون ويؤكدون مقولة الصلابي، ويتهمون الآخرين بالخيانة لأن أصولهم تركية وولائهم لتركيا. إنما يتبنون المنظور البيولوجي لتفسير السلوك السياسي، بما فيه الخيانة. أي أنهم يجعلون للخيانة أسباباً وراثية جينية. وهذه هرطقة ونظرية بالية ل أساس علمي أو اقعي لها. وإذا اعتبرنا هذا المنظور البيولوجي صحيحاً، فكيف يمكن أن نفسر وجود أعداد لا حصر لها من بين أبناء تلك المناطق المتهمة بأصولها التركية، من بين من ضحوا ولا زالوا يضحون لأجل حماية الوطن وهزيمة المؤامرة التي تستهدفه منذ 2011. والذين تعرضوا مثل غيرهم من أبناء البلد للقتل ولأقسى أنواع التعذيب وعانوا أهوال الأسر والسجن والتهجير، وسلبت أملاكهم ودمرت بيوتهم. وبالاتجاه نفسه، كيف يمكن لنا أن نصنف الكثير من أبناء القبائل الليبية التي نفاخر بها وبجهادها وتاريخها، وهم يقفون في مقدمة المتبنين والداعمين والمتحمسين للمشروع الإسلاموي التركي في ليبيا، والذين لم يكلوا أو يملون منذ 2011، ولا يزالون واصلون الليل بالنهار لإلحاق ليبيا بتركيا، كما كانت بين منتصف القرن السادس عشر وأوائل القرن العشرين. تنفيذه.
الواقع الذي لابد من توضيحه في هذه العجالة أن المنظور الجينولوجي أو السلالي الذي استخدمه الإسلاموي الصلابي في بداية مؤامرة 2011، والذي يؤكده الكثير من الموصوفين بالوطنية بعد ذلك لا يمكن له أن يفسر المؤامرة، بل هو المؤامرة نفسها، والقول به اليوم من قبل البعض هو استمرار للمؤامرة. فالصلابي ورفاقه عندما أشهروا هذا السلاح في 2011، كانوا يعلولون عليه في تحقيق أهداف خبيثة داخلية وخارجية. ففي الخارج، كان مهماً لإيقاظ الحمية في وجدان أردوغان ودغدغة مشاعره القومية ليرمي بثقله في أتون معركتهم، وربما أرادوا من خلاله استدرار التعاطف الدولي، بإظهار جزء من المسألة وكأنه اضطهاد أو تطهير عرقي. أما داخليا، فقد كان الهدف إشعار جزء هام من جموع الشباب في بعض المناطق بالتميز عن بقية الليبيين لتقديمهم فيما بعد قرابين في معركتهم غير الشريفة. أما تركيزنا نحن على هذا التمييز العنصري في معارك الوطن اليوم لا يضيف لنا شيئاً، ولا يزال يخدم أهداف الصلابي وأجندة الإسلام السياسي المرتبط عضوياً بالمشروع الأردوغاني في ليبيا.
وبدلاً من التركيز المؤذي وغير المفيد على ما يريد العدو أن يغرقنا في أوحاله. يمكن لنا أن نحلل الموضوع بطريقة أخرى تضمن لنا ترقيع اللحمة الوطنية وسحب البساط من تحت أقدام دعاة التفتيت المبرمج من أمثال الصلابي وفريقه. فنقول أولاً بإن هوية الشعوب والأمم في واقع الأمر هي تراكم تاريخي انصهر في بوتقة الجغرافيا، فالجغرافيا هي وعاء التاريخ، كما يقول المؤرخ وِل ديورانت. ولذلك فالهوية نتاج الجغرافيا أكثر من تعلقها كما يؤكد صاموئيل هنتنغتون. وبكلمات أخرى، فإن هوية الشعوب والأمم وحتى القبائل ليست حكراً على رابطة الدم وحدها، لكن الانتماء المصيري الذي تفرضه أحداث التاريخ هو أيضاً أحد أهم الأسس التاريخية التي تشكل هذه الجماعات البشرية وتبلور هوياتها. فإذا كان الأصل الواحد يأتي في المرتبة الأولى، فإن الانتماء المصيري يليه في المرتبة الثانية. ولكن وعلى الرغم من أن هذه الجماعات البشرية تنسج لأنفسها روايات وسرديات تجعلها لا تاريخية تصل أنسابها إلى أسلاف قدامى، فإن أنصار ما بعد الحداثة يشككون في الكثير من تلك المرويات والسرديات، ويقولون بأنها لا تستطيع الصمود أمام البحث والتدقيق والتفكيك العلمي. وبالتالي، فإنه لا وجود لأي أمة نقية عرقياً بالمعنى العنصري، ولا وجود لشعب صافي العرق. فالأمم والشعوب خلطات وتشكلات بشرية صهرها المكان وقوى ترابطها الزمان بما فيه من أفراح وأتراح.
من ناحية أخرى، فإن القول بوجود جالية أو أقلية تركية بالمعنى العلمي في ليبيا، هو قول مجاف للحقيقة لا يدعمه الواقع ولا التاريخ ولا الانثروبولوجيا. ولا نعلم المصدر الذي اعتمد عليه بعض المعلقين الإعلاميين الليبيين الذين ادعوا بأن عدد الأتراك الليبيين يقارب المليوناً ونصف المليون نسمة. أي أنهم يمثلون ثلث عدد السكان. وأغلب الظن أنهم جمعوا أعداد سكان مدن مثل مصراته والزاوية وأضافوا إليهما نسباً من سكان طرابلس والخمس وزليتن. وهذا عبث بالحقيقة يخدم المؤامرة التفكيكية لليبيا، لأنه غير مبن على قواعد علمية ويتجاهل حقيقة أن أغلب سكان هذه المدن من قبائل ليبية كبرى لها وجود على الأرض في مدن مجاورة. إن في القول بهذا العدد، كما في حصر الخيانة في هذا المكون إفتراء وعمل غير وطني، ولا يقل تدميراً للنسيج الاجتماعي الليبي، عما تقوم به المليشيات المؤدلجة. ولنفسر الأمر قليلاً بما يسمح به المقام. يصرح بعض الكتاب والمعلقين بأن العنصر التركي الليبيي يتمثل في مكوني الكوروغلية والشراكسة، ويأخذ بقية الناس عنهم هذا القول على علاته ويكررونه بلا وعي ولا تدقيق. وللاضاءة على هذا الادعاء نقول بداية بأن الانكشارية الذين شكلوا طائفة الكوروغلية فيما بعد لم يكونوا في الأعم الأغلب من الأتراك، بل كانوا من أبناء الشعوب التي ضمتها الدولة العثمانية. فمنهم اليونان والطليان والبوسنيين والألبان والهنقارييين والكورسيكينن والصقليين والمالطيين وبعض العرب من كل الولايات العثمانية وغيرهم. فمراد آغا مثلاً كان أسكتلندي الأصل، ومحمد وعثمان الساقزلي كانا من جزر بحر إيجه اليونانية وهكذا دواليك. ويعرف الكتاب المشتغلون بالحقبة التركية، الكوروغلية، على أنها رابطة نشأت بفعل زواج جنود الإنكشارية من النساء الليبيات. وهذا تعريف ناقص لأنه استثنى الحالة الثانية المقابلة، وهي زواج الليبيين من نساء تركيات. فمن تزوج من الليبيين من امرأة تركية صار كوروغلياً بالضرورة، وحملت ذريته؛ ذكوراً وإناث، اللقب ذاته. فإذا كانت الحالة الأولى قد سادت خلال السنين الأولى، عقب وصول العثمانيين إلى ليبيا، فإن الحالة الثانية هي التي سادت واستمرت بمعدلات أكبر بحكم التفوق العددي لليبيين. فأعداد الجنود القادمين قليلة ومحدودة بالمقارنة بأعداد أبناء البلاد. ناهيك عن أن العثمانيين قد عملوا على استمالة قطاعات من الأهالي في العقود التي تلت قدومهم لليبيا، وبعد ذلك إبان فترات الاضطرابات التي لم تتوقف طيلة العهد العثماني، وكانت فيها الدولة في حاجة لاستمالة العنصر المحلي، فقامت بإلحاق الكثير من الأسر الليبية، وبعض بطون القبائل بفئة الكوروغلية. وكان ذلك الانتماء مقبولاً من البعض حينها لما له من مزايا معنوية ومادية مثل الأبهة والإعفاء من دفع الضرائب. ثم أن الليبيين بحكم أنهم أصبحوا مواطنين عثمانيين، وانخرطوا في المؤسسات العسكرية والحكومية، فقد سقطت الكثير من العوائق التي كانت تمنع في بادىء الأمر التزاوج المشترك والانصهار. ألا إن هذا الموضوع قد خضع للتلاعب والتهويل والتضخيم والاستغلال السياسي، ولو كان أمر هذه الفئة كما صوره البعض، لكانت اللغة التركية باقية في التداول، ولوجدنا الأسماء والألقاب التركية منتشرة على نطاق واسع. وقد يعتقد البعض أن أسماء وألقاباً عثمانية من مثل الترجمان والكاتب والباشا والبي والآغا وغيرها تدل على وجود هذا العرق أو الأصل. الحقيقة تنافي ذلك تماماً لأن هذه الأسماء هي صفات لمهن أو ألقاب تطلق على من يتولى وظيفة في الدولة. وكانت تطلق على منتنطبق عليه من المحليين ومن غيرهم. فمثلاً كان يقال الباشا الأطيوش، والباشا سليمان الباروني والبي سيف النصر، والبي رمضان وغيرهم كثير، فهل كان هؤلاء من ذوي الأصول التركية.  الواقع أن هذه الأسماء والألقاب التي اتصف بها البعض توارثتها الأجيال، وليس شرطاً أبداً أن يكون حامليها من أصول عثمانية، ولا ينبغي أن ننسى أن العثمانيين حكموا هذه البلاد ثلاثمائة وستين عاماً، وهي مدة طويلة  فرضت خلالها سياسة التتريك واستخدام اللغة التركية في المعاملات الرسمية، مما جعل هذه الصفات تتجذر، ومما أدى كذلك إلى تراجع اللغة العربية وأوصافها في المعاملات واقتصارها على الكتاتيب والمساجد. من جهة أخرى لا تقل أهمية عن كل ما قيل، فقد كان أغلب الجنود يعودون إلى بلدانهم بعد انقضاء مدد خدمتهم العسكرية. أما عندما سلمت تركيا ليبيا لإيطاليا فقد غادرت القوات العثمانية بما فيها الكثير من الليبيين الذين لازال أحفادهم يعيشون في منطقة أزمير التركية وفي غيرها. هذا لا يعني ألا توجد مجموعات صغيرة قد بقيت لأسباب متعددة. لكن هذه المجموعات تليبت وانتهت أي علاقة لها بتركيا أو غيرها. وربما وجدت كذلك بعض أسر لا تتعدى أسابع اليدين لازالت تحتفظ بروابط مع تركيا. وهذا أمر شائع عند كل الشعوب، لكنه لا يشكل ظاهرة ولا يمكن أن يشكل خطراً.      .              
والأمر نفسه ينطبق على الشركس والأرمن والأكراد. فإذا كانت قد جاءت جماعات شركسية محدودة مع العثمانيين كجنود، ولا ننكر هذا، فإن بوتقة الجغرافيا صهرت تباينات التاريخ، فشراكسة اليوم ليسوا شراكسة بالمعنى الإثني أو العرقي،  إنما حدث لهم ما حدث لللكوروغلية.  والدليل أن الأقليات الشركسية في الدول الأخرى، خاصة في بلاد الشام، لا يزالون يحتفظون بلغتهم وأسمائهم وعاداتهم وتقاليدهم، فلماذا لم يحتفظ شراكسة ليبيا إلا بالاسم فقط. إن هذا أكبر دليل على أن الحال في ليبيا مختلفة عن غيرها من الدول. فالأعداد بالأساس محدودة وساهم الزواج من الليبيات في التذويب والصهر التلقائي لا التعسفي المفروض. ولذلك خرج من بين الشراكسة مثلاً د. على فهمي خشيم الذي دافع عن اللغة العربية وأسدى لها خدمات لم يقدمها لها أحد سواه. ولا يمكن أن يكون الدافع الذي قاده لبذل كل هذه الجهود الجبارة هو مجرد البحث والتخصص، بل كان إيمانه الراسخ بالانتماء العربي الصادق الذي يعيشه ويرتب عليه مسئوليات وواجبات قام بها على الوجه الأكمل. فقد قال يوماً، رئيس قسم اللغات القديمة بجامعة القاهرة، إن علي فهمي خشيم قد أسدى لمصر خدمة لا تقدر بثمن، حين صالح ماضيها الفرعوني مع حاضرها العربي، عندما إثبات بالبحث العلمي الواعي المبدع في دراساته الكثيرة مثل آلهة مصر العربية، والقبطية العربية وغيرها، أن اللغة المصرية القديمة هي لغة عروبية تلتقي مع كل اللغات العروبية القديمة في جذر واحد مشبرك. وقطع الطريق على دعاة التفتيت، الذين تتلمذوا على ما كتبه المستشرقون اليهود في مركز الدراسات البربرية الفرنسي النشأة والدعم والمتوخى منه تعميق الشقاق وتدمير اللحمة الوطنية في دول شمال أفريقيا بإدعاء أن البربر واللغة البربرية لا علاقة لها بالعرب والعروبة، فأثبت د خشيم من خلال بحثه المعمق في كتابيه لسان العرب الأمازيغ وسفر العرب الأمازيغ عروبية ويمانية اللغة الأمازيغية أو الفينيقية كما يسميها أحد باحثي السوربون المغاربة. منا أثبت أيضاً خطاأ نظرية التوراة بتقسيم الأجناس التي تتبعها التقسيم التوراتي للغات إلى حامية وسامية وحام/سامية. ولا يتسع المجال لأكثر من هذا.
إذن، لما كان الأمر كذلك، ما بالنا نحن أدعياء الوطنية نقدم لأعدائنا أكثر مما يأملون ويتوقعون. وفي الوقت الذي كان يجب فيه علينا أن نرد تلك الادعاءات الباطلة، ترانا نؤكدها وننفخ في رمادها لنفتح على أنفسنا باباً نحن في غنى عنه. وكأننا لم نقتنع بالكم الهائل من المصائب التي تستهدف وجودنا، وتطمع في المزيد.  فعل هي سذاجة سياسية يقوم بها مراهقون سياسيون لم يصلوا إلى سن الرشد بعد؟ أم إنه جهل مطبق ختم على قلوبنا وأبصارنا فأعمانا عن رؤية الحقيقة ومنعنا من اختيار أولويات دفاعنا عن وجودنا. لماذا نبحث عن كبش فداء نصنعه عنعاً ثم ننفخ فيه لكي يصبح هالة ضخمة. والأمور واضحة أمامنا تمام الوضوح ولا تستوجب كل هذا الشطط. علينا أن نخوض المعارك المصيرية الواجبة بوعي أصحاب الجق، وألا ننجر وراء المرجفين والجاهلين الذين تتغير عندهم معايير الوطنية كل صباح ومساء. وأنننطلق من فهم معمق لحقيقة الصراع والمؤامرة. إن كثيراً من ممتطيي صهوة الوطنية اليوم، ومجاربي التدخل الأجنبي، وداعمي مصلحة الوطن كانوا بالأمس القريب يقومون بألعن مما يقوم به باشا آغا اليوم. بالأمس لم يطعن الوطنيون في أنسابهم وأصولهم، لكننا قلنا إنهم يخونون قضية الوطن ويشرعون أبواب الوطن لكل المرابين ولصوص الأوطان. لذلك لا يجب مجاراة البعض في معاركهم المدمرة للوطن.
. أما إذا تحدثنا عن خيارات السياسة التي أصبحت الخيانة وحة نظر فيها بعد فبراير 2011، فلماذا نهرب إلى الأمام ونتعامى عن الحقيقة المرة. لماذا نغفل خيانة ونؤكد أخرى مثلها أو أشد منها سوءاً؟ كيف تكون خيانة ذوي الأصول التركية مؤذية، وخيانة غيرهم حميدة؟ "ما لكم كيف تحكمون". فما الفرق مثلاً بين خيانة باشا آعا وخيانة الجضران؟ أو بين خيانة بن غشير والمقريف؟ أو بين خيانة السراج وشلقم؟ أو بين محمود عبد العزيز وبادي؟ أو بين بن عثمان والحجازي؟ ألخ ..... إن خيانة الوطن فعل يقوم به فرد أو مجموعة في لحظة ما لأسباب ذاتية ونفسية لا علاقة لها بالجينات. ولكي تكون المعركة ضد الخيانة فاعلة لا بد من تجريد الخونة من الدروع الاجتماعية التي يريدون التمترس بها. هذا يعطي للمعركة الوطنية زخمها المطلوب، ويعزل الخونة ويحرمهم من مصادر قوة فاعلة. وهذا يضمن لحمة الوطن ووحدته وتماسكه العضوي. يجب ألا نسمح بانحراف بوصلة النضال الوطني من نضال ضد العدو الخارجي وأدواته الداخلية المحدودة (الزنادقة والضوال ومن في حكمهم)، إلى نوع من التدمير الذاتي الذي لا يزيدنا إلا تشظياً ولا يزيد العدو إلا تفوقاً. والذي يؤدي بنا في نهاية المطاف إلى الهاوية.