تعاني الكرة التونسية من امراض يخشي ان تصبح مزمنة انعكست علي المنتخب وعلي مستوي الدوري  ، وتعود هذه المشاكل العالقة الي ما قبل الثورة في يناير ٢٠١١  الا ان المشاكل تفاقمت منها ما يتعلق بتردي حالة الملاعب ومنها ما يتصل بمنظومة الاحتراف المطبقة ..اما السبب الرئيسي   فهو قلة الامكانيات المادية والسيولة .

وكلف خروج تونس من تصفيات المونديال وعدم التاهل الي البرازيل خسارة بمئات ملايين الدولارات حيث حرم الاتحاد التونسي من الحصول علي منحة تقدر بعشرة ملايين دولار من الفيفا  ، المشكلة الابرز التي تعاني منها الكرة التونسية اليوم هي حالة الملاعب في الجمهورية بسبب تاكل العشب الطبيعي نظرا للاهمال وغياب الصيانة .

وتبدو هذه الحالة في  الملاعب الثلاثة في العاصمة وهي زويتن والمنزه ورادس الذي يطلق عليه درة المتوسط وشهد استضافة حدثين كبيرين هما دورة العاب البحر المتوسط وكاس افريقيا للامم .

وتقول الوزارة التي يتراسها نجم كرة القدم السابق طارق ذياب ان وزارته لا تملك السيولة الكافية لصيانة هذه الملاعب  ومن جراء هذا التردي تعرض لاعبون كثيرون الي اصابات مختلفة زادت في اثقال كاهل الاندية  الملاعب داخل الجمهورية هي الاخري تعاني من حالة تردي والبلديات ليس لها الامكانيات لتجديد هذه الملاعب وصيانتها  حالة الملاعب المتردية ليست هي الداء  الوحيد الذي تشكو منه الكرة التونسية بل هي جزء من التراكمات .

ومن ينظر الي منظومة الكرة التونسية يلاحظ خللا فادحا في المعادلة ..فالاحتراف المطبق اليوم في تونس لا يتصل لا من بقريب ولا من بعيد بمفهوم الاحتراف الحقيقي المطبق في اوروبا علي سبيل المثال علي اعتبار ان الاندية لم تتحول الي شركات خاصة وظلت علي ما هو عليه تعيش تحت رحمة الهبات والمنح المقدمة من الدولة او البلديات او بعض رجال الاعمال  وهي بالتالي ليس بمقدورها مواجهة المتطلبات والنفقات الباهظة التي يفرضها نظام الاحتراف .

الاحتراف يتطلب نفقات باهظة تتمثل في دفع رواتب المدربين سواء كانوا اجانب او محليين ورواتب شهرية للاعبين فضلا عن الحوافز والامتيازات في حالة الفوز وتعيش معظم الاندية وخاصة الصغيرة والمتوسطة تحت خط "الفقر" باستثناد اربعة اندية تقريبا تطبق منظومة قريبة من نظام الاحتراف الصحيح لما تتمتع به من امكانيات  وحتي هذه الاندية تعاني احيانا .

النموذج الناجح في تونس هو نادي الترجي شيخ الاندية التونسية والذي وضع هياكل للاحتراف منذ التسعينيات فشيد ملعبا معشبا وفندقا مخصصا لاقامة معسكرات واكاديمية كروية واسطول حافلات لنقل اللاعبين كما اسهمت نجاحات الترجي في تحقيق القاب قارية في تغذية خزينة النادي 

وساعد الترجي وجود رؤساء نافذين تولوا ادارة النادي مثل سليم شيبوب صهر الرئيس السابق بن علي 

ويدير جمعية الترجي اليوم حمدي المدب وهو احد اثري رجال الاعمال التونسيين 

ويمثل النادي الافريقي الحالة الثانية لكونه ينعم اليوم وبعد سنوات طويلة بالاستقرار المادي بفضل قدوم رجل الاعمال والملياردير التونسي سليم الرياحي والذي ضخ مئات الملايين من جيبه الخاص لكي يقف النادي الافريقي صاحب الشعبية الكبيدة علي اقدامه  ، اما النجم الساحلي فرغم عراقته فهو يفتقد الي التوازن المالي وينسج النادي الصفاقسي صاحب الالقاب الافريقية علي منواله بدليل انه يواجه اليوم ازمة مالية خانقة 

بالتالي هذا الوضع في التفاوت بين الاندية خلق حالة من عدم الاستقرار والاختلال ومما زاد الطين بلة اقامة المباريات بدون حضور الجمهور منذ سنوات لاسباب امنية بعد الثورة وهي الفترة التي شهدت تسيبا علي المستوي الامني بسبب قلة الوعي  وتحملت جميع الاندية وزر هذا الحرمان فتوقفت حنفية المياه مما انعكس سلبا علي ميزانيات الاندية والتي اصبحت تعاني من العجز .

وتحتاج الكرة التونسية اليوم الي التخلي عن الهواية الزائفة والاحتراف المقنع ولكن هذا لا ياتي بقرارات تتخذها الوزارة ولكن تاتي بتشريعات يتم سنها  ، كما يجب علي القطاع الخاص المساهمة في خصخصة الاندية وتحويلها الي شركات تجارية ذات صبغة ربحية كما حصل في الجزائر والتي اصبحت فيها الشركات الخاصة وحتي الحكومية هي المالكة لهذه الاندية ، وظهرت مؤخرا مبادرات تهدف الي تشريك اهل الاختصاص في وضع خارطة طريق لاصلاح المنظومة.

ومن بين هذه المبادرات  ندوة اطلقها اتحاد الكرة بمشاركة عدد من اصحاب الخبرة والرموز واستغل اتحاد الكرة التونسي وجود الخبير الفرنسي روجيه لومير (مدرب النجم الساحلي ) لكي يقدم رؤيته ويقدم وصفة الاصلاح انطلاقا من خبرته الطويلة في ملاعب العالم  ، كما يشارك المدرب التاريخي التونسي عبد المجيد شتالي والذي قلاد تونس في نهائيات مونديال ١٩٧٨ ، بالاضافة الي مدربين اخرين كانت لهم بصمات في الكرة التونسية .

وتضم الندوة ايضا عددا من رجال الاعمال النافذين واصحاب الشركات وممثلين عن الوزارة وممثلين عن الاندية ومن المتوقع ان تسفر الندوة عن اقتراحات وتصورات تكون بمثابة خارطة طريق لاصلاح منظومة الكرة التونسية.