تعود التونسيون على الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بمدينة القيروان ، العاصمة الإسلامية لتونس مرقد العديد من صحابة رسول الله و أولياء الله الصالحين. وإلى جانب استحضار سيرة النبيء الأكرم تتنوع الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف في القيروان التي فتحها عقبة بن نافع و تتوزع بين المدائح والأذكار وتلاوة القرآن وتوزيع الهدايا ومسابقات الإنشاد الصوفي. كما تشهد الأسواق في جميع المدن التونسية عموما انتعاشة اقتصادية تحرك ركود التجارة هذه الفترة التي يشكو فيها التونسيون من تدهور مقدرتهم الشرائية نتيجة ارتفاع الأسعار.

 زوّارالقيروان تجوّلوا في شوارعها فتنقّلوا بين جامع عقبة ابن نافع وأبي زمعة البلوي وتذوّقوا "العصيدة" وهي أكلة تقليدية تونسية خاصة بالمولد النبوي الشريف تعد من حبوب الصنوبر الحلبي و تسمى في تونس "الزقوقو"، والتي يتم تزيينها بعديد أنواع المكسرات .

الأجواء الاحتفالية بالمولد النبوي الشريف كانت رائعة ومتنوعة في مدينة لها إشعاعها الحضاري والثقافي وعرفت بكونها رابع المدن المقدسة في الخريطة الإسلامية.

 مدائح وأذكار ...ختان وجوائز

نظّمت بضريح أبي زمعة البلوي وما يعرف باسم "سي الصحبي" مسابقات للإنشاد الصوفي والمدائح والأذكار وتلاوة القرآن وتم فيه توزيع الجوائز بعد أن تزيّنت مداخله وفرشت الزرابي القيروانية الأصيلة وعلّقت الفوانيس الملونة على جدرانه وعلى أغصان الأشجار المحاذية له وعلى الشرفات ، وفتحت أبوابه للزوّار وقدّمت فيه العصيدة التقليدية بحكم مكانة الصحابي الجليل الذي يجعل من  القيروان مركزا للاحتفال بالمولد النبوي الشريف، كما أطلقت مكبرات الصوت بالمدائح والأذكار الممجدة لسيرة الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلّم ، وأقيمت فيه أجواء احتفالية كبيرة وعقدت القرانات هناك طلبا للتبرك والهناء بينما ختن الأطفال بشكل جماعي لأبناء المعوزين واليتامى من مختلف مناطق الولاية مجانا مع تقديم هدايا لهم ومساعدات عينية لأوليائه وهي لمسات اجتماعية و"عادة" دأب عليها أهل البر بمدينة القيروان.

عادات وتقاليد 

عاشت عاصمة الأغالبة بمناسبة المولد النبوي الشريف على وقع عديد الأنشطة الدينية والاجتماعية والثقافية المتنوعة إلى جانب نشاط حركية اقتصادية باهرة بعد أن غصّت طرقاتها وشوارعها وساحاتها بأعداد غفيرة من الزوار والضيوف.

وشهدت الأسواق نشاطا متميزا خاصة المتاجر المختصة في بيع الفواكه الجافة و حبات "الزقوقو"أو ما يعرف بحبات الصنوبر التي تمثل المكون الأساسي لعصيدة الزقوقو التونسية.  

كما تعرف هذه المناسبة بالنسبة للخطيب الذي يقدم إلى خطيبته هدية تتمثل في أواني منزلية من النحاس . وهي عادة دأب عليها الشبان. من جهتها ، تزداد الزيارات العائلية بصفة استثنائية حتى أن بعض العمال بالخارج  رجعوا إلى ذويهم لرؤية الأهل والأقارب في هذه المناسبة التي تمتاز بعادة المواسم وعقد القران والختان والتزاور.

أكبر عصيدة وتغطية إعلامية كبيرة 

سعيا من أبناء الجهة لإدخال مدينتهم في كتاب "غينيس" للأرقام القياسية من خلال أكبر عصيدة في العالم ، تم تحضير  خيمة عملاقة بجانب جامع عقبة بن نافع واحتوت على أكبر طبق عصيدة قدمت لحوالي ألف شخص من الزوار في شكل اواني من الفخار بعد أن تم إحضارها من طرف 40 امرأة ، وهي محاولة للتذكير بأن القيروان تستحق أن  تحتضن التظاهرات العالمية، ولتسليط الضوء على القيروان وإعادة الدورة الاقتصادية لها تحت تغطية إعلامية كبيرة من مختلف وسائل الإعلام العالمية والمحلية ، مع تسجيل حضور جماهير غفيرة وبتنظيم محكم من طرف القوات الأمنية التي سهرت بدورها على إنجاح هذه المناسبة السعيدة.