شهدت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الخميس الماضي انطلاق أعمال الدورة الـ‏22‏ للاتحاد الأفريقي ، القمة التي تعنى بالزراعة والأمن الغذائي كان من المقرر أن تتولى جمهورية مصر العربية رئاستها إلا إنها غابت عنها تماما بعد أن قرر مجلس السلم و الأمن الأفريقي تعليق عضويتها  بناء على ما اعتبره " تغيير غير دستوري" في إشارة إلى ما شهدته مصر خلال " ثورة 30 يونيو" ، و بهذا تكون هذه المرة الأولى التي تغيب فيها مصر عن القمم الأفريقية منذ تأسيس منظمة الوحدة الافريقية التي كانت مصر أهم الدول المؤسسة لها في مايو 1963 ، واستضافت مصر على أرضها القمة الأولي في يوليو 1964، و هي من الدول المشاركة في الإعلان عن الاتحاد الافريقي في سبتمبر 1999.

عدم إصدار الحكومة المصرية أي ردود فعل رسمية على غياب مصر عن قمة أديس أبابا  اعتبرها بعض المحللين ترك الموضوع لوقت لاحق للانتخابات  الرئاسية و البرلمانية و قيام حكومة منتخبة باستلام مقاليد أمور البلاد الأمر الذي ستعود بعده عضوية مصر للاتحاد الافريقي و تعود معه المكانة الطليعية لمصر في القارة الأفريقية، فلم يتجاوز الرد المصري توجيه خطاب إلى مفوضية الاتحاد الأفريقي أكدت فيه رفضه الشديد لما اسماه ''عجز المجلس عن إدراك حقيقة الثورة الشعبية التي شهدتها مصر''.

 أما مجلس التعاون العربي الأفريقي التابع لمنظمة الشعوب والبرلمانات العربية  أستنكر استمرار تعليق عضوية مصر بالاتحاد الأفريقي وانعقاد قمته بدونها، معتبرا أنه "إصرار على تنفيذ مخطط صهيوني أميركي لفرض العزلة على مصر حتى تبتعد عن دورها الدولي والإقليمي".ويعد غياب مصر الأول عن القمة الافريقية في وقت غير مناسب بالنظر لما تعانيه الحكومة من مشكلات اقليمية مثل مشكلة مياه حوض النيل مع إثيوبيا ، كما أن هذا الغياب قد يؤدي إلى تراجع الدور المصري الريادي الذي لعبته منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى الآن في ظل  تنامي دور دول  أخرى لها طموح مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا وإثيوبيا و غيرها على لعب دور الريادة أفريقياً.

الإجراء الذي تعرضت له مصر لم يكن الأول بل سبق و أن حدث ذلك مع عدة دول مثل النيجر و مالي و مدغشقر و موريتانيا التي تم رفع الحظر عنها بمجرد عودة العملية الديمقراطية لها، و هذا ما أشارت له رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي دلاميني زوما عندما قالت أن تعليق الاتحاد الإفريقي لعضوية مصر يخضع إلى معايير محددة وواضحة تطبق على كل الدول بالتساوي دون النظر إلى مكانة الدولة أو ثقلها.

عودة مصر الطبيعية لمؤسسات الاتحاد أمر يتفق عليه معظم المتابعين و المحللين بل و السياسيين أيضا، و هذا ما أكده تصريح عمر كوناري في أحدي زيارته لمصر عندما قال نصاً: ''في أسوأ كوابيسي لا أتخيل مصر بدون افريقيا أو الاتحاد بدون مصر'' ، إضافة لتصريح وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، الذي قال أن بلاده ترغب في أن تستأنف مصر مشاركتها ''كاملة مكتملة''، في اجتماعات الاتحاد الإفريقي، معتبرا أن ذلك يساهم في تعزيز العمل الإفريقي المشترك. أيمن شبانة أستاذ الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة يرى أن تعليق عضوية و أنشطة مصر في الاتحاد الأفريقي هو إجراء مؤقت مرتبط بفترة انتقالية ستنتهي بمجرد إجراء الانتخابات الرئاسية لأن الاتحاد الافريقي استند في قراره على "إعلان لومي لعام 2000" الذي يرفض أي تغييرات غير دستورية تطرأ على أنظمة الحكم في دول الاتحاد.

 ويعول البعض على الدور الموريتاني بعد أوكلت الرئاسة لموريتانيا بدلاً عن مصر للدورة الجديدة للاتحاد الأفريقي نظرا للعلاقة التي تربط البلدين و تشابك العلاقات و المصالح  بين موريتانيا و الدول ذات الدور الأقليمي مثل بعض الدول في الخليج العربي التي تقف إلى جانب الحكومة الحالية في مصر.ومهما تكن الآثار التي ترتبت على استمرار تعليق عضوية و أنشطة دولة بحجم مصر في الاتحاد الأفريقي فإن هذا الإجراء أثبت للعالم أن مؤسسة الاتحاد الافريقي تعمل بشكل منسجم مع الأهداف التي أسس من أجلها متخذاً من مواثيقه أساساً ثابتاً و مصدراً لإتخاذ قرارته فمهما  ترتبت على مثل هذه القرارات من صعوبات آنية فإنها تؤسس لما بعدها في المستقبل.