في الوقت الذي بدأت تظهر بعض علامات الاستقرار على اقتصاد مالاوي القائم على الزراعة خلال الآونة الأخيرة، عاد للتراجع مجددا وهو ما يعزوه خبراء إلى الدمار الهائل الناجم عن كارثة الفيضانات المستمرة في البلاد.
وخلال الأسبوعين الماضيين، ضربت مالاوي وموزمبيق المجاورة العاصفة الاستوائية “بانسي”، ما أدى إلى سيول كارثية عقب زيادة هطول الأمطار الموسمية في البلدين.
وحتى الوقت الراهن، لقي ما لا يقل عن 176 شخصا مصرعهم، وشرد أكثر من 200 ألف آخرين.
كما فقد الآلاف من الحيوانات المنزلية مثل الماعز والأبقار والخنازير والدجاج جراء الفيضانات الغزيرة التي اجتاحات ودمرت آلاف الهكتارات (هكتار يساوي 10 آلاف متر مربع) من الأراضي المزروعة.
وتمكنت مروحيات وزوارق تابعة لقوات الجيش في مالاوي من إنقاذ آلاف الأشخاص، ورغم ذلك، يعتقد أن المئات لا يزالون محاصرين في المناطق التي يصعب الوصول إليها.
وفي حديث لوكالة الأناضول، قال كليمنت جورج الذي يقيم في مخيم للنازحين في مقاطعة نسانغي إحدى المناطق الأكثر تضررا: “جرفت مياه الفيضان محاصيلي”.
وأضاف معربًا عن أسفه: “فقدت كل شيء في الفيضانات، وسيكون علي البدء من جديد وإعادة زراعة المحاصيل”.
ودفعت الفيضانات، الأسوأ في تاريخ البلاد منذ عام 1997، الرئيس بيتر موثاريكا، لإعلان البلاد في حالة “كارثة وطنية” الأسبوع الماضي، وطلب المساعدة العاجلة.
وفي تصريح لوكالة الأناضول، قال نائب الرئيس ساولوس تشيليما خلال مؤتمر صحفي عقده في بلانتير: “نحن بحاجة إلى ما لا يقل عن 10 ملايين دولار للاستجابة لهذه الكارثة”.
ويعتمد اقتصاد مالاوي على الزراعة، حيث تمثل أكثر من 30% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وفي ظل تضرر المحاصيل الرئيسية في البلاد، مثل التبغ والذرة، من جراء الفيضانات، لا تبدو التوقعات الاقتصادية جيدة.
وفي وقت سابق، توقع كل من صندوق النقد الدولي، وبنك الاحتياطي في مالاوي والخزانة العامة أن يحقق الاقتصاد المحلي معدل نمو مرتفع في عام 2015.
ورجح صندوق النقد الدولي أنه في عام 2015، سوف تشهد مالاوي نموا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 5.8%.
ووفقا لتقرير اقتصادي صدر عام 2014، أعربت الحكومة أيضا عن تفاؤلها حول معدل النمو الاقتصادي هذا العام (2015) بالنظر إلى مستويات إنتاج المحاصيل أفضل، واستقرار سعر الصرف، وتباطؤ معدل التضخم، غير أن المؤشرات على الأرض تعكس وضعا مختلفا.
وفي كلمة خلال مؤتمر صحفي، لإطلاع الشعب على آخر المستجدات بشأن جهود الإغاثة قال تشيليما: “سوف يتأثر الاقتصاد بشكل سيء، ولكن هذا الوضع لا يمكن تجنبها. إنها كارثة”.
وأشار إلى أن التقديرات الأولية للأضرار كانت مجرد تقديرات.
وأضاف: “سنواجه خسارة ضخمة ترتبط بهذه الأزمة.. والخراب سنتأثر به جميعا. والصورة مأساوية”.
وفي الوقت نفسه، حذر وزير الزراعة والري وتنمية الموارد المائية آلان تشيمبيكيزا أن الملايين من الملاويين عرضة لخطر نقص الغذاء هذا العام.
وقال في تصريح لوكالة الأناضول: “نشجع المزارعين على إعادة زراعة المحاصيل ذات النضج المبكر حتى يمكننا على الأقل حصاد بعض الطعام هذا العام”.
كما تشجع الوزارة أيضا المزارعين على زراعة المحاصيل الغذائية الأخرى بخلاف الذرة، المحصول الغذائي الرئيسي.
وفي حديث لوكالة الأناضول، قال توم مبينغانجيرا، وهو مصرفي: “إذا واجهنا نقصا في المعروض العام المقبل، سوف تحفز التضخم الناتج عن الطلب، وهو نوع من التضخم ينجم عن الوضع الذي يكون فيه الكثير من الناس لديهم المزيد من الأموال لإنفاقها على السلع التي ينقص عرضها في السوق”.
وعادة، عندما يحدث نقص في المعروض من محصول الذرة، يرتفع معدل التضخم في مالاوي على أساس سنوى لأن الحبوب لها تأثير أكبر في مؤشر أسعار المستهلك، وهي مجموعة من السلع التي تحسب معدل التضخم.
وفي هذا السياق، أعربت شركة “نيكو” لإدارة الأصول المحدودة، وهي شركة استشارات استثمارية، عن قلقها بالفعل بشأن تأثير الكارثة على مسار التضخم في مالاوي عام 2015.
وقالت الشركة في تقريرها السنوي عام 2014: “تتوقع الحكومة أن ينخفض معدل التضخم إلى 15.6% في عام 2015 بسبب السياسات النقدية الحكيمة والزيادات في الإنتاج الزراعي”.
وأضافت محذرة: “ومع ذلك، الأمطار المتأخرة والأضرار التي تلحق بالمحاصيل بسبب الأمطار الغزيرة من الممكن أن يكون لها تأثير سلبي على الإنتاج الزراعي، من شأنه أن يزيد الضغط على التضخم في أسعار الغذاء”.