نشر السياسي والصحفي الليبي الدكتور مصطفى الفيتوري مقالا في موقع ذا مونيتور المختص في التحليلات السياسية حول الدور المستقبلي لسيف الإسلام القذافي –ابن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي- في ليبيا.

وقال الفيتوري إن موسكو تبدي اهتماماً متجدداً بليبيا، ربما يثيرها السؤال حول ما إذا كان يمكن أن ينتهي الأمر ببلد تحت حكم فرد أخر من عائلة القذافي .

وفي 4 ديسمبر استقبل ميخائيل بوجدانوف نائب وزير الخارجية الروسي في موسكو وفدا ليبيا يمثل سيف الإسلام القذافي، وترأس الوفد محمد الغدي  وزير البنية التحتية السابق في عهد الزعيم معمر القذافي.

وكان سيف الإسلام ابن القذافي الراحل والمرشح لتولي الأمر من بعده  قبل أن يتم إسقاط والده في صيف عام 2011 ومقتله في 20 أكتوبر من ذلك العام.

وعندما سأل المونيتور "هل وعدت موسكو بأي دعم خاص للإبن" ، قال الغدي"الروس يقفون على مسافة واحدة من جميع الفصائل الليبية وقد استقبلوا وفودا كثيرة من ليبيا". وكان يشير إلى استقبال موسكو في نوفمبر الجنرال خليفة حفتر - قائدالجيش الوطني الليبي- الذي يمثل الحكومة في طبرق ، بالإضافة إلى استقبال رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج في  2 مارس 2017.

وكانت زيارة الرابع من ديسمبر هي المرة الأولى منذ نهاية الحرب الأهلية الليبية الأولى -من فبراير إلى أكتوبر 2011 ، والتي تُعرف أيضًا بالثورة الليبية- التي التقى بها المسئولون الروس علانية مع ممثلي القذافي. وفي الحرب الأهلية الحالية  كانت الجماعات المتناحرة تقاتل منذ عام 2014 للسيطرة على البلاد.

لكن موسكو حافظت دائما على قناة خلفية مع أنصار القذافي. وصرح علي بوجازية  وزير الإعلام السابق في عهد معمر القذافي  بأن "الروس مهتمون بالملف الليبي ويريدون دائماً من عائلة القذّافي أن يزوروا موسكو".

وقال بوجازية - الذي تحدث هاتفيا من ألمانيا حيث يعيش في المنفى- "يبدو الروس أحيانا غير نشطين في الاتصال بمؤيدي النظام السابق بسبب الانقسامات بين هؤلاء".

وفي معرض شرح الغرض من الزيارة  قال عضو الوفد محمد القيلوشي جلوشي لموقع المونيتور "لقد ذهبنا لإيصال رسالة من سيف الإسلام إلى الرئيس فلاديمير بوتين، وأشكره أيضًا على الترحيب بنا لمناقشة الوضع الليبي".

وقد أكد القيلوشي في رسالة بريد إلكتروني إلى المونيتور أن القذافي في رسالته إلى بوتين "قدم رؤيته لحل الأزمة الليبية وفقاً لخطة الأمم المتحدة دون أي تدخل أجنبي"، دون الإفصاح عن تفاصيل رؤية القذافي،وأضاف القيلوشي أنه هو "مشابه لفكرة طرحها الزعيم الراحل".

وفي  مايو 2011  اعتمد مؤتمر للقبائل فكرة اقترحها آنذاك القذافي يدعو إلى عقد مؤتمر بين الليبيين لإنهاء الحرب وتشكيل حكومة انتقالية من التكنوقراط إلى أن يتم إجراء الانتخابات العامة، لكن الفكرة رفضت بدعم من الغرب المتمردين الذين كانوا يطالبون القذافي بترك السلطة دون أي مفاوضات.

ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة الآن يطرح فكرة مماثلة كجزء من خطته لإنهاء الصراع الذي طال أمده والذي دمر البلد الشمال أفريقي على مدى السنوات السبع الماضية، وتدعو خطة سلامه إلى عقد مؤتمر بين الليبيين في منتصف يناير 2019 في ليبيا ولكن لم يتم تحديد موعد محدد.

ومن المفترض أن يعمل الاجتماع المقترح  الذي أطلق عليه "المؤتمر الوطني الليبي"  كشبكة أمان للانتخابات المقررة في وقت ما في الربيع. وتأمل سلامي أن يعمل المشاركون في المؤتمر كضامنين لنتائج الانتخابات مع التأكد من قبول جميع الأطراف للنتائج لتشكيل حكومة موحدة ومستقرة في الدولة المنقسمة.

وقام مسئولون من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا باستكشاف مواقع محتملة للمؤتمر بما في ذلك بني وليد جنوب غرب طرابلس. ويتعين على المدينة المختارة تلبية معايير معينة بما في ذلك الأمن وإمكانية الوصول إلى كل مشارك على الرغم من الانقسامات القبلية، لم يتخذ أي قرار بعد.

ولقد استغرق الأمر من روسيا بعض الوقت لإحياء وجودها فيما يتعلق بالأزمة الليبية وقد فعلت ذلك بخطوات تدريجية بلغت ذروتها مع مشاركة رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف في مؤتمر حول ليبيا عقد في الثاني من نوفمبر في مدينة باليرمو الإيطالية.

وخلال الأشهر التي سبقت وتلت مؤتمر باليرمو حافظت روسيا على اتصالات منتظمة مع مختلف الأحزاب الليبية بما في ذلك القذافي. وقال ليف دينجوف   -رئيس مجموعة الاتصال الروسية حول ليبيا- لوكالة سبوتنيك الروسية للأنباء  في 14 نوفمبر  "سيف الإسلام القذافي اليوم يتصل بنا بانتظام كمشارك في عملية تهدئة الأزمة الليبية"، ويبدو القذافي الطموح يسعى إلى القيام بدور في عملية المصالحة بين الليبيين والتي قالت روسيا أنها ستفعلها.

وقال مصدر آخر داخل وزارة الخارجية الروسية لموقع "المونيتور" شرط عدم الكشف عن هويته: "تعتقد روسيا أن القذافي إيجابي جداً ويملك دعماً كبيراً في ليبيا، لذلك من الضروري التحدث إليه وإشراكه في أي مستوطنة في ليبيا ".

وبوجدانوف - هو أيضا مبعوث بوتين الخاص إلى الشرق الأوسط وأفريقيا- يلاحظ العقبات التي كان يتعين على سيف الإسلام /46 عاما/ التعامل معها قبل أن يتمكن من الترشح للمناصب في الانتخابات القادمة. لا يزال مطلوبًا من المحكمة الجنائية الدولية التي اتهمته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في قمع الثورة ضد والده، وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمرًا بالقبض عليه في يونيو 2011، ولم ينل  حريته إلا في يونيو 2017 بعد أن احتجزته ميليشيا لمدة ست سنوات.

ورفض القيلوشي مذكرة توقيف المحكمة الجنائية الدولية قائلاً "الجميع يعلم أن الأمر كان بدوافع سياسية وأن سيف الإسلام لم يلعب أي دور عسكري في حرب 2011 فكيف يمكن أن يرتكب جرائم ضد الإنسانية؟"

وفي الشهر الماضي فقط رفضت المحكمة الجنائية الدولية طلب القذافي بإسقاط مذكرة توقيفه، عندما سأل المونيتور القيلوشي  إذا كان القذافي يخطط للمشاركة في الانتخابات الليبية المقبلة قال: "هذا القرار يعود له ".

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية  كانت روسيا منشغلة بالأزمة السورية على الصعيدين السياسي والعسكري ، ولكنها لم تتخل عن ليبيا، صحيح أن موسكو لم تستخدم حق النقض –الفيتو- لحماية ليبيا عندما سمح المجلس في مارس 2011 باستخدام القوة ضد النظام والتدخل العسكري للناتو الذي أعقب أمد القتال ودمر نظام القذافي.

ويقول الغدي إن عملية دعم الدعم الدولي لابن الزعيم الراحل هي عملية مستمرة، في حين يتمتع القذافي بدعم قوي داخل ليبيا فإن القبول الدولي له لا يقل أهمية وموسكو تلعب دور حيوي في هذا.

لكن الغدي أضاف "نحن -الفريق السياسي المؤيد للقذافي- زارنا بلدانًا أخرى وسنزور المزيد"، ولم يذكر الدول التي أكد أنها موجودة في أوروبا.

لذا يبقى من غير الواضح ما إذا كان سيف الإسلام سيرشح نفسه للانتخابات أم أن مؤيديه قد يطعنون في الانتخابات التشريعية في الربيع، وقال غوددي: "من السابق لأوانه القول إنه لم يتم تمرير قانون الانتخابات بعد" من قبل البرلمان الليبي.

مهما حدث  فإن الاتصال العام المباشر بين الدول الرئيسية مثل روسيا وأنصار النظام السابق هو أمر حاسم لأي تسوية سياسية في ليبيا. ولا يزال مؤيدو النظام السابق  -بغض النظر عن مدى انقسامهم- قوة كبيرة داخل ليبيا، ويجب أن تأخذهم في الاعتبار القوى الدولية المهتمة باستقرار ليبيا بعد سبع سنوات من زعزعة استقرار البلاد وتهيمن عليها الميليشيات والفوضى. .

كما أنه من غير الواضح ما إذا كان سيف الإسلام  يستطيع أن يلعب دوراً في ليبيا جديدة، فلا تتوفر إحصائيات محددة بخصوص هذا الأمر، ولكن هناك العديد من المؤشرات على أنه يتمتع بتأييد قوي بين الليبيين كصوت معتدل قادر على التوفيق بين خلافات البلاد.