قال الصحفي والسياسي الليبي مصطفى الفيتوري إنه لطالما قال المشير خليفة حفتر  قائد الجيش الوطني الليبي إن الإرهابيين والميليشيات المارقة يسيطرون على العاصمة طرابلس، ووضع حملته كجزء من "الحرب على الإرهاب" الدولية. 

كما قال المتحدث الرسمي باسمه مرارًا وتكرارًا إثر هجومه الذي بدأ في 4 أبريل إن "الإرهابيين" يقاتلون الجيش الوطني الليبي في ضواحي العاصمة.

وحكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة   والتي يرأسها فايز السراج تنفي بشدة تورط أي مجرمين أو إرهابيين أو أفراد معاقبين أو قادة ميليشيات في القتال مدعية سيطرتها الكاملة  على القوات التي تواجه الجيش الوطني الليبي.


** هل هذه المزاعم صحيحة؟ 

ينبع الموقف على الأرض من انتقال وتشكيل حكومة الوفاق الوطني   تحت الحماية الإيطالية إلى طرابلس بعد ثلاثة أشهر من توقيع الاتفاق السياسي الليبي في الصخيرات بالمغرب في 17 ديسمبر 2015

ونظرًا لعدم وجود جيش ولا قوة شرطة على الأرض، أضطرت حكومة الوفاق الوطني -بمساعدة الأمم المتحدة – إلى الاعتماد على دعم الميليشيات المهيمنة  بما في ذلك كتيبة ثوار طرابلس وقوة الردع الخاصة ولواء النواصي. وهذه الميليشيات تسيطر على معظم مناطق العاصمة بما في ذلك مطار المعيتيقة الدولي. 

وبمجرد وصولها إلى العاصمة وجدت حكومة الوفاق الوطني نفسها تحت رحمة الميليشيات. أتذكر في أبريل 2016  أخبرني هاشم بشر ، أحد قادة لواء ثوار طرابلس  كيف أمضى أيامًا للتفاوض مع الميليشيات الأخرى للسماح لحكومة الوفاق بالقدوم إلى طرابلس.

ونتيجة لذلك أصبحت حكومة الوفاق الوطني أداة سياسية تتمتع بالدعم الدولي، ولكن في الواقع يقودها تحالف من الميليشيات. وفشلت في تنفيذ بند في الاتفاق السياسي يدعو إلى حل الميليشيات ونزع سلاحها في طرابلس.

وكان مهدي الحراتي أحد الإرهابيين المشهورين في العاصمة والذي شغل منصب رئيس بلدية طرابلس في عام 2014. وهو مواطن إيرلندي من أصل ليبي وعضو في الجماعة الإرهابية الليبية المقاتلة السابقة  بقيادة عبد الحكيم بلحاج الشهير، عاد الحراتي إلى ليبيا في عام 2011 للانضمام إلى المعركة ضد نظام الزعيم الراحل معمر القذافي. وبعد الإطاحة بالنظام عمل كقائد لكتيبة ثوار طرابلس  قبل مغادرته إلى سوريا حيث أسس لواء الأمة وهي جماعة سلفية مسلحة اندمجت لاحقًا مع جبهة النصرة. وكان هناك وقت كان فيه الحراتي يجند مقاتلين من ليبيا في وضح النهار في وسط طرابلس. ليس من الواضح ما إذا كان الآن في طرابلس، لكن مؤيديه ورفاقه السابقين موجودون.

أصبح وجود كتيبة ثوار طرابلس راسخا في العاصمة  وتوجهت قيادتها العسكرية إلى الشاب هيثم التاجوري المشهور بارتداء قمصان دولتشي وغابانا على الخطوط الأمامية. وتحت قيادته أصبحت كتيبة ثوار طرابلس أكثر كفاءة في كيفية جني الأموال من خلال سلسلة من الشركات الخاصة   -لا سيما شركات الاستيراد والتصدير- مدعومة بشدة من قبل حكومة الوفاق الوطني. وفي الوقت نفسه فإن جميع أعضائها ومعظمهم من المتسربين من المدارس العاطلين عن العمل مدرجون في قائمة الرواتب بالحكومة الوطنية. ويظل لواء ثوار طرابلس مواليا لحكومة الوفاق الوطني طالما أنها توفر لهم حرية العمل في المدينة.

وإرهابي سابق مشهور اعتاد أن يكون شخصية غامضة مهيمنة في طرابلس هو خالد الشريف شغل ذات مرة منصب نائب أمير الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية في أفغانستان تحت قيادة بلحاج. وبعد الحرب الأهلية عام 2011 أصبح الشريف مديرًا عامًا لوزارة الدفاع في الحكومات المتعاقبة من عام 2011 حتى عام 2016

وفي الوقت نفسه كان مديرًا لسجن الهضبة سيء السمعة في جنوب طرابلس حيث اعتاد مسؤولون النظام السابق التعرض إلى التعذيب هناك بمن فيهم عبد الله السنوسي رئيس المخابرات السابق في القذافي. تم طرد الشريف من طرابلس من قبل كتيبة ثوار طرابلس في عام 2017 ووجد الأمان في مصراتة حيث ظهر لاحقًا في شريط فيديو يتعهد فيه بالعودة. ومكان وجوده غير معروف الآن لكن عناصر الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة متورطة في أعمال العنف الحالية.

ومنذ عام 2014 كانت الساحة المركزية في طرابلس مسرحًا لمظاهرات أسبوعية صغيرة ضد  حفتر وتزعم أن الجيش الوطني الليبي يدمر بنغازي. وفر معظم الزعماء الإسلاميين من بنغازي إلى طرابلس حيث يواصلون حشد المؤيدين في غرب ليبيا. من بينهم قائد كتائب الدفاع في بنغازي مصطفى الشركاسي الذي قارن مؤخرا المعركة ضد الجيش الوطني الليبي مع الحرب ضد حكومة القذافي في عام 2011

وكل يوم جمعة لمدة ثلاثة أشهر تقريبًا في عام 2015 كنت أذهب إلى الميدان لمشاهدة والاستماع لمتحدث بعد اخر على المنصة ينشرون وابل من الكراهية ضد حفتر بينما يدعون الشباب للانضمام إلى "الجهاد" ضد الجيش الوطني في بنغازي. وبعد هزيمته على يد الجيش الوطني الليبي في بنغازي انتقل العديد من كبار القادة إلى طرابلس ويشاركون الآن في القتال ضد عدوهم القديم.

ويُعتقد أن بعضها مرتبط بجماعة أنصار الشريعة الجهادية المنهارة الآن. أنصار الشريعة يعاقب عليها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كجماعة إرهابية وتتهم بقتل السفير الأمريكي في بنغازي في عام 2012.

ومن غير المحتمل وجود أي من عناصر تنظيم داعش الإرهابي المعروفين في طرابلس لكن الخلايا النائمة المرتبطة بالتنظيم  نفذت ثلاث هجمات العام الماضي وحده.

ثم هناك العديد من قادة الميليشيات معظمهم من مصراتة. أشخاص مثل صلاح بادي قائد لواء الصمود الذي حشد قواته أيضًا لمواجهة مسيرة الجيش الوطني الليبي في طرابلس. بادي مدرج في قوائم عقوبات الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بما في ذلك تجميد الأصول وحظر السفر. يشتهر بادي بما يسمى بهجوم فجر ليبيا على طرابلس في عام 2014 والذي تم فيه تدمير مطارها الدولي. وظهر شخصيا على شريط الفيديو ليهتف بالدمار!، ووزير الداخلية الحالي في حكومة الوفاق الوطني ، فتحي باشاغا  متورط أيضًا في تلك الحرب وفي غزو بني وليد عام 2012 في جنوب غرب طرابلس.

وأصدر ما يطلق عليه مفتي ليبيا دائمًا فتاوى لأتباعه تدعيهم إلى "الجهاد" ضد الجيش الوطني الليبي لأنه يقودها حفتر الذي يصفه "بالكافر".

ومؤيد آخر أقل شهرة للجهاد ضد الجيش الوطني الليبي لكن ضيف متكرر في البرامج الحوارية الدينية هو عبد الباسط غويلة. عضو كندي ليبي سابق في الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة ربطه بعض المعلقين بمفجر ساحة مانشستر سلمان عابدي في مايو 2017. حتى وقت قريب كان غويلة يعيش في طرابلس.

وانضم أيضًا مهرب المهاجرين السيئ السمعة عبد الرحمن ميلاد االمدرج في قائمة عقوبات الأمم المتحدة  إلى مجموعات في طرابلس لمواجهة هجوم الجيش الوطني الليبي.

هل تعرف حكومة الوفاق الوطني فعلاً عن هؤلاء الأشخاص؟الإجابة  بالتأكيد تعرف ولكن  في هذه المرحلة تحتاج إليهم. مما لا شك فيه أن ادعاءات حفتر صحيحة على الأقل جزئيًا، لكن هجومه من المرجح أن يشجع المزيد من الجهاديين والمجرمين على الانضمام إلى المعركة.





*"بوابة إفريقيا الإخبارية" غير مسؤولة عن محتوى المواد والتقارير المترجمة