حين فاتحته في موضوع الحوار كانت دموعه لم تجف بعد، حزناً وكمداً على صديقته التي اغتيلت ذبحاً في بيتها بمدينة بنغازي المحامية والناشطة الحقوقية سلوى بوقعقيص وقريبه زوجها عصام الغرياني الذي تمّ اختطافه من جهات مجهولة. الفنان الليبي المثابر المجدد أيمن الهوني حين ضيّق عليه في بلده هاجر إلى مصر وأقام في القاهرة أكثر من عشر سنوات، أستطاع خلالها أن يثري مشروعه الفني كملحن ومطرب فتعاون مع شعراء مصريين معروفين أمثال: أيمن بهجت قمر وعنتر هلال وعبد الرحمن أبو سنة وعبد الحميد نجم. وكانت له تجربة «دويتو» ناجحة مع الفنانة الأردنية ديانا كرزون. أيمن وهو يتواصل معي في هذا الحوار يتواجد في خيمة عزاء صديقته المغدورة ويعيش يوميا أنباء القتل والخطف في مدينته بنغازي فأصوات القذائف والتفجيرات طغت على همسات قيثارته التي يحب. لا يخفي خوفه على الفنون في بلده لكنه متفائل.

٭ يفتقدك جمهورك أين أنت؟

٭ أولاً أشكركم على استضافتكم لي وتشريفي بوجودي معكم علي صفحات صحيفتكم الموقرة. بالنسبة لسؤالكم عن أين أكون فأقول بأني موجود وأعمل في صمت وأتوقف أيضا في صمت وذلك حسب الحالة، وحسب الظروف الخاصة والمحيطة، وما ترونه من ظروف صعبة وتخبطات تمر بها بلادنا والوطن العربي أجمع. ونسأل الله السلام والخير للجميع.

٭ استطعت أن تجذب أذن المستمع لأغانيك. كيف استطعت أن تثبت وجودك كشاب في الوسط الفني بكل تداخلاته وعلاقاته المعقدة؟

- جمهوري البسيط، وتمنيت من الله أن يرزقني بفعل إيجابي أو بصمة، تجعلني أرضى عن كل تلك الأعوام التي مرت علي اجتهادي وغربتي وتعبي. وأن أتأكد بأنني والحمد لله قد كنت على صواب. وهذه هي كل الحكاية.

٭ أنت ملحن وموزع لأعمالك. دعني أسألك من أين يكتسب اللحن الليبي تميزه؟

- للبيئة تأثير كبير في شكل وطعم النغم الليبي. وكما هو الحال في أي رقعة في العالم، فاللحن الليبي يتمتع بواحات وشلالات وخضرة وجبال وأشجار وغابات وصحراء تضج بالأساطير والحكايا وأناشيد الذين مضوا وتجليات المتواصلين، فكيف لا يكون بذلك الطعم. والجميل فالموضوع هو وجودنا في قمة خارطة إفريقيا وهذا ما يضيف الإيقاعات وبعض الترانيم الخماسية الغريبة، وهذا فعلا ما يمز منطقتنا وباختصار شديد.

٭ توظيف التراث الليبي في الأغنية اللييية المعاصرة كيف تقيم تجربتك مع هذا الرصيد الجميل؟

- أنا حريص جداً بان لا أعبث في تراثنا، ولكني أتعلم منه ومن أصالته وكيفية شكل التجربة. فأنا حبّاب جدا للإيقاعات، واقضي أوقات طويله في محاولة صنع الكثير من الإيقاعات وأنا أتخيل ذلك الماضي، وإحساس هؤلاء القدماء بالبيئة. فموروثنا غني جدا. والجميل في الموضوع هو تعدد الأشكال والأنغام وطرق الغناء والترانيم والإيقاعات.

٭ كان لك دويتو رائعا مع الفنانة ديانا كرازون. ماذا تقول عن هذه التجربة؟

- الحمد لله والشكر الكثير علي نجاح تلك التجربة وكم فرحت بتشجيع الجمهور الليبي والعربي الكريم. وإعجابهم بالعمل. وكما أسلفت فهي هدية من الله الكريم، تقديرا لاجتهادي وتعبي ولله الحمد.

٭ حضور الأطفال في معظم أغانيك الجديدة ما هي الرسالة التي تود أن تبلغها من خلال ذلك؟

- أنا أحب التعامل معهم والأهم هو أن الطفل رسالة مؤثرة جدا عند الجميع، وعند كل الشرائح المتعددة، وكذلك أحاول المساعدة في إظهار الطفل الليبي في صورته الحقيقية، وهي بأننا لسنا جميعا متأخرين، وأن هناك جيلاً راقياً واعياً مهذب وهذه حقيقة.

٭ الأغنية الوطنية اكتسبت طابعاً خاصاً مع ألحانك حدثنا عن أغانيك عن ثورة ليبيا؟

- انا سعيد جدا بما قدمته من كلمات وألحان وهذا والله نقطة في بحر شعبي الذي أحب ووطني الذي أتمناه أن يكون الأروع، ولا أعلم والله ما حدث ولأنه كان انسيابيا، وخصوصا أنني لأول مرة أخوض تجربة كتابة الكلمات كما حدث في جل ما قدمت. وأدعو الله أن يتقبل شهداءنا الأبرار وأن يشفي كل جريح.

٭ وجودك في القاهرة ماذا أضاف لك وماذا أخذ منك؟

- أضاف لي المعرفة والعلم والتجربة الحقيقية لصناعة الفنان الحقيقي أيضا، فتجربتي هناك كانت للاستفادة من تجارب الكثير من النجوم، وإثراء حياتي بكل من عرفتهم من شعراء وموسيقيين، وخبراء في عالم الموسيقي والفن.

٭ كانت لك حفلات مميزة في مدينة بنغازي ما مدى تأثير الأوضاع الأمنية على تواصلك مع جمهورك؟

- كل ما قدمنا في تلك الفترة كان عبارة عن أعمال خيرية مساهمة مني، ومن الأطفال والفريق المصاحب للكثير من المؤسسات الخيرة، سواء أكانت للنازحين أم في فترة من بعد التحرير في طرابلس، لتغطية بعض مصاريف علاج الجرحى. حينما كانت هناك مشاكل في ذلك الحين. أما هذه الفترة فأظن أن الأوضاع لا تسمح تماما بإقامة أي احتفالات، ولأن الأوضاع – وكما نراها اليوم – كلها حزن وتخبط وأنا على يقين بالله الكريم أن الحال لن يستمر على ما هو عليه الآن وبعون الله القادم أفضل.

- ما الألبومات التي تجهز لها الآن؟

في الحقيقة أنا في جعبتي أكثر من ثلاث ألبومات إلى الآن. ولكن وكما سلفت بالذكر والحاصل بأنه لا مجال للأعمال غير التوعوية في هذه الفترة. فشعبنا لا يبحث إلا عن مرور بالبلاد من ذلك النفق. فبالتالي هنا يكون دور الفنان الابن الحقيقي في محاولة تقديم أشياء توعوية وفي أي موضوع كان، لربما كان سبباً في إصلاح أو تعديل شيء لصالح الشعب والبلاد.

٭ هل تخشى على مستقبل الفنون في ليبيا؟

- أخشاه طبعا ولكني في الوقت نفسه متفائل وفي وجهة نظري لطالما هناك احترام للنفس وللكلمة وللفحوى، وأيضاً لثقافة الشعب وعاداته وتقاليده، والأهم لطبيعة دينه لن يكون هناك خوف على شيء.

*القدس العربي: التقاه ـ جابر نور سلطا