في الوقت الذي تواصل فيه حكومة الوفاق تنفيذ الترتيبات الأمنية، بهدف إرساء الأمن داخل العاصمة الليبية بقوات شرطة نظامية، وإنهاء دور الميليشيات المسلحة التي تسيطر على المدينة منذ سنوات،تتواصل حالة الفوضى مع تجدد الإشتباكات لتطرح تساؤلات حول قدرة الترتيبات على إنهاء المليشيات.


** إشتباكات جديدة

واندلعت مواجهات عسكرية بين قوة "الأمن المركزي أبو سليم" الموالية لحكومة الوفاق وعناصر "اللواء السابع" مساء الأربعاء بسبب مناوشات جرت بينهما صباحا، على خلفية تقدم قوات تابعة للواء السابع باتجاه مطار طرابلس الدولي، جنوب العاصمة.

وأكدت تقارير إعلامية،أن قوات من اللواء السابع تشاركها قوات من كتيبة البركي، شنت هجومهاً على عناصر الأمن المركزي بمطار طرابلس الدولي، واضطرتهم لترك المكان ليفرضوا سيطرتهم عليه، فيما توجّه قسم آخر من قوة اللواء تجاه العاصمة عبر طريق المطار محاولاً السيطرة على بعض المواقع الأخرى للتمركز فيها، إلا أنها تراجعت بعد وقت قصير إلى نقطة التمركز التي انطلقت منها في منطقة قصر بن غشير.

ومن جهته،أعلن لواء "الصمود"، بقيادة صلاح بادي،الأربعاء، التقدم والسيطرة على مطار طرابلس الدولي.وحسب بيان للمليشيا المسلحة، أعلنت القوات التابعة لها سيطرتها على ما يعرف بـ"قوس المطار"، المدخل الرئيسي لمطار طرابلس، مؤكداً أن تحركها مستمر للسيطرة على كامل أركان المطار.

ونقلت وسائل إعلامية عن مصادر محلية،أن اشتباكات جرت في مناطق مجاورة لمطار طرابلس ومنطقة قصر بن غشير بين قوات تابعة للواء السابع وقوات الأمن المركزي، فيما أفادت مصادر أخرى بإغلاق المنافذ والطرق المؤدية إلى المطار، حيث أكد سكان المناطق الواقعة على مقربة من المطار سماع أصوات إطلاق نار واشتباكات بالمنطقة.

ويعتبر هذا التطور فى محيط العاصمة طرابلس هو الأول من نوعه منذ تثبيت وقف إطلاق النار برعاية أممية يوم 25 سبتمبر الماضى إثر إشتباكات دامية إستمرت لشهر كامل أوقعت عشرات القتلى والجرحى وخسائر مادية كبيرة وأعقبتها إجراءات إقتصادية وأمنية متعثرة من المجلس الرئاسى الليبى.


** ردود فعل

وحذّرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا من تجدّد الاشتباكات المسلحة بمطار طرابلس والمنطقة المحيطة به في بلدية قصر بن غشير جنوب العاصمة طرابلس، معتبرة أنها "بادرة تنذر بتصعيد جديد لأعمال العنف والاشتباكات المسلحة، والتي تشكل تهديدا وخطرا كبيرينا على أمن وسلامة وحياة المدنيين وأمنهم وممتلكاتهم في طرابلس، إضافة إلى آثارها السلبية على جهود ومساعي تحقيق المصالحة الوطنية والاجتماعية.

وطالبت اللجنة، في بيان، جميع الأطراف والكيانات المسلّحة بالوقف الفوري لأي تصعيد مسلّح وتجنب مزيد من العنف والاقتتال، وذلك التزاما باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

وجددت دعوتها إلى لجنة العقوبات الدولية بمجلس الأمن الدولي "بـتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي رقم (2174) ورقم (2259)، والذي ينص على ملاحقة كل من يخطط أو يوجه أو يرتكب أفعالاً تنتهك القانون الدولي أو حقوق الإنسان في ليبيا، وكذلك حظر السفر وتجميد أموال الأفراد والكيانات الذين يقومون بأعمال أو يدعمون أعمالا تهدد السلام أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا، أو تعرقل أو تقوض عملية الانتقال السياسي في البلاد. 

ومن جهتها،أعربت المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن عميق قلقها من تدهور تجدد الاشتباكات المسلحة بطرابلس على نحو يُنذر بتقويض ما تبقى من سلم أهلي هش في البلاد، وبما يعرض ممتلكات وأرواح الناس للخطر.وطالبت المنظمة، في بيان أصدرته وخصت "بوابة أفريقيا الإخبارية" بنسخة منه، كلا من المجلس الرئاسي وبعثة الأمم المتحدة بالعمل معاً من أجل إنهاء كافة أشكال العنف واستعادة الأمن بالعاصمة وحماية المدنيين.

وحذرت المنظمة،من اغتنام الجماعات الإرهابية،وعلى رأسها "داعش"، حالة تشظي وهشاشة النظام الأمني بالعاصمة لتنفيذ هجمات انغماسية أو أعمال إرهابية تربك المشهد وتعمق الأزمة السياسية بمجتمع تحكمه الطبيعة القبلية.كما ناشدت المنظمة، المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته، والعمل على ملاحقة كل من يخطط أو يوجه أو يرتكب أفعالاً تنتهك القانون الدولي أو حقوق الإنسان في ليبيا.


** مصير الترتيبات

وتتزامن هذه التطورات الميدانية، مع استمرار تنفيذ خطة الترتيبات الأمنية،التي انطلقت حكومة الوفاق في تطبيقها منذ الشهر الماضي، وتهدف إلى تسلّم المواقع السيادية والمنشآت الحيوية من الميليشيات المسلّحة، وإسناد مهام تأمينها إلى قوات الشرطة والقوى العسكرية النظامية فقط، في خطوة تهدف إلى وضع حد للصراعات بين الجماعات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق والمعادية لها.

وقالت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني ،إن مدينة طرابلس الكبرى ،شهدت ومنذ الإعلان عن تنفيذ الخطة الأمنية المشتركة، تحسناً ملحوظاً من خلال إنشاء الدوريات والبوابات والتمركزات الأمنية، لتأمين العاصمة طرابلس، حيث شملت هذه الخطة، تأمين الأحياء والشوارع والأهداف والمرافق الحيوية، إلى جانب مقار البعثات الدبلوماسية.

ويرى مراقبون أن تجدد الإشتباكات يحرج الحكومة التي تحاول التأكيد على نجاح الترتيبات الأمني في العاصمة طرابلس.ويشير هؤلاء إلى أن هذه المحاولات لن تحل أزمة العاصمة الرهينة لقبضة هذه المجموعات المسلحة وعصابات المال العام،ويبقى الحل الأمثل في توحيد المؤسسة العسكرية وحل جميع المليشيات ونزع سلاحها.