يبدو أن الأوضاع المتردية في العاصمة الليبية،باتت تطغى على المشهد الليبي في ظل تواتر الأحداث على الأرض،وذلك بعد تجدد الإحتجاجات الشعبية وتواصل حالة الفوضى في المدينة، في وقت تقف الحكومة الليبية عاجزة عن السيطرة على الأوضاع وغير قادرة على مجاراة الأحداث التي تسابقها. وتشهد العاصمة الليبية طرابلس حالة من عدم الاستقرار وتصاعد الاحتجاجات فى شوارع المدينة بسبب،تردي الأوضاع المعيشية وتصاعد حدة الأزمات التي باتت تخنق المواطنين وسط فشل المجلس الرئاسى الليبى برئاسة فائز السراج،في الخروج من هذه الأوضاع الصعبة وسيطرة الميليشيات على مفاصل الدولة. 

إحتجاجات

ودفعت الأوضاع المتردية التي تعيشها العاصمة الليبية طرابلس خلال الأيام القليلة الماضية،بوتيرة الإحتجاجات الشعبية إلى أقصاها.وشهدت مدينة العزيزية، غرب العاصمة الليبية، طرابلس،  الخميس 02 أغسطس 2018، مسيرات حاشدة، تعبيرًا عن الغضب الشعبي على الانقطاع المتواصل للكهرباء بالبلاد، وسط دعوات إلى رحيل حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فايز السراج. وأعلن المتظاهرون عن تمسّكهم بمواصلة التظاهر حتى إسقاط ما وصفوها بـ"حكومة الإخوان" في إشارة إلى حكومة الوفاق الوطني.ونقلت "إرم نيوز"،عن مصادر ليبية،أن سبب غضب المحتجين هو انقطاع التيار الكهربائي لمدة 20 ساعة باليوم، متوقعة أن تشهد التحركات الشعبية تصاعدًا كبيرًا خلال الأيام المقبلة.

وقالت تقارير إعلامية ليبية إن المحتجين نددوا بنقص وانقطاع المياه عن الأحياء السكنية، بسبب تعطل معظم آبار المياه وخروجها عن الخدمة، لعدم صيانتها وتجهيزها، إضافة إلى عدم توفر سيولة مالية بالمصارف الليبية وانعدام الخدمات في العزيزية، نتيجة توقف عمل القطاعات الحكومية المحلية. وطالب المحتجّون بتحسين الخدمات المعيشية ورحيل رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج رافعين شعارات مناهضة للمجلس الرئاسي ولافتات كتب عليها:"مزارعنا جفّت، كفى سرقة، سيولة مفقودة، مياه شرب مفقودة، مستوصف مفقود، إذا لم تتحملوا المسؤولية، ارحلوا عنّا".

وتشهد مدن المنطقة الغربية في ليبيا بشكل عام، ومدينة طرابلس بشكل خاص، منذ أسابيع أزمة كهرباء خانقة وسط أجواء حارة أشد ما يكون فيها المواطن بحاجة إلى الكهرباء،ناهيك عن أزمة إرتفاع الأسعار وغياب السيولة المالية وتردي الخدمات وهو ما يضع المواطن في دائرة معاناة لا تنتهي. ويرى مراقبون، أن الاحتجاجات التي تخرج بين الحين والآخر يمكن أن تتحول إلى انتفاضة شعبية ضد الأوضاع المعيشية الصعبة، ورفض وجود الميليشيات المسلحة التي تسيطر على مفاصل الدولة في العاصمة الليبية،والتي تستنزف ثروات البلاد فيما المواطن يصارع الفقر والخصاصة.

إغتيال

على صعيد آخر،تلقى الأوضاع الأمنية بظلالها على العاصمة الليبية،ورغم إصرار المسؤولين على التأكيد على تحسن الأمن في طرابلس،فإن رائحة الموت مازالت تفوح في شوارع المدينة،نتيجة انتشار ظاهرة القتل والاختطاف والاغتيال، التي مازالت تحيط بحياة المواطنين اليوميةآخر عمليات الإغتيال،شهدتها منقطة قرجي مقابل "مصرف الأمان" بالعاصمة طرابلس ،مساء الخميس،وراح ضحيتها مواطن بعد أن تلقى طلق ناري في الرأس من قبل مجهولين.وبحسب إفادة شهود عيان ،فإن الضحية كان على متن سيارة نوع هونداي اكسنت، بيضاء اللون ،قبل أن يعترض طريقه مجهولون و ينزلونه من السيارة و يقتلونه برصاصة في الرأس. وتداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورا للضحية،وقالت وسائل إعلام محلية،إن الضحية هو صالح إطبيقية،سائق سائق رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج،ولم يصدر عن المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي الليبي أي معلومات حول الحادث الذي هز العاصمة.

تكمبم الأفواه

وتأتي هذه الحادثة بعد يومين من اختطاف 4 صحفيين ليبيين،من قبل مجموعة مسلحة تابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبية وفق ما أكده المركز الليبي لحرية الصحافة.وقال المركز في تغريدة عبر حسابه الرسمي بموقع "تويتر"، إن "الصحفيين الأربعة يعملون في وكالتي رويترز وفرانس برس"، مشيرًا إلى أن "هذا الاعتقال التعسفي جاء إثر تغطية الصحفيين لأخبار الهجرة غير القانونية، في قاعدة أبو ستة البحرية بالعاصمة طرابلس". وطالب المركز، المجلس الرئاسي "بالتحرك ودعم الصحفيين الليبيين، ومبدأ حرية الصحافة، والحق في الوصول للمعلومات والأنباء، ووقف الممارسات والإجراءات التعسفية بحق أبناء المهنة".فيما أوضحت وكالة الصحافة الليبية، أن "الصحفيين المعتقلين هم: هاني عمارة وأحمد العمامي من وكالة رويترز، ومحمود وحمزة تركية من وكالة فرانس برس".

من جهتها، قالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، إن "عمليات الاختطاف والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري في ليبيا باتت شائعة وظاهرة بشكل كبير في عموم البلاد".وتعيش الصحافة الليبية أوضاعا كارثية نتيجة تزايد حالات الانتهاكات والاعتقالات التعسفية التي تُمارس ضد الصحافيين، خاصة مع انتشار الميليشيات المسلحة التي لا تخضع لأي قوانين أو سلطة وتمارس سياسة تكميم الأفواه ضد كل من يعارض نشاطاتها. وفي مايو الماضي، اختطفت جماعة مسلحة صحافيين ليبيين اثنين متخصصين في تغطية الفعاليات الثقافية في مقهى بالعاصمة الليبية.واستهدف المختطفون رئيس المهرجان الوطني لجائزة "سبتيموس" سليمان قشوط وزميله المدير التنفيذي للجائزة محمد اليعقوبي في طرابلس.

الميليشيات

هذا ومازالت الفوضى الأمنية هي صاحبة الكلمة العليا في العاصمة الليبية طرابلس،حيث يشتد الصراع بين الميليشيات من أجل الفوز بأكبر قدر ممكن من النفوذ والسلطة في غياب جيش أو شرطة نظاميين وفي ظل عجر حكومة الوفاق التي راهن عليها المجتمع الدولي،على وضع حد لسيطرة المسلحين وبسط نفوذها في المدينة. وسبق أن أوضح المتحدث باسم الحكومة المؤقتة الليبية حاتم العريبي،في يونيو الماضي، أن عوائد الموانئ النفطية تجاوزت المليون براميل، وأن أموال هذه العائدات كانت تصرف على المليشيات في طرابلس لترهب الليبيين وتزعزع استقرارهم ولا يستفيد منها إلا المليشيات.

وتشهد العاصمة الليبية طرابلس توترا أمنيا على خلفية الصراع المستمر بين الميليشيات المنتشرة منذ سنوات في المدينة.ويذكر أنه مطلع الشهر الماضي داهمت مليشيات "غنيوة الككلي" عدة منازل داخل منطقة أبوسليم بطرابلس بعد تورط مجموعات من الداخل للانقلاب علي "غنيوة" والتخابر مع محمد بوعزة والذي لقى مصرعه. وكانت الاشتباكات نتج عنها مقتل كل من حمزة ياسر العجيلي وخالد بن حلمية التابعين لـ قوة غنيوة في الاشتباكات التي شهدتها منطقة أبوسليم، فيما قتل محمد "بوعزة" المشاي آمر سرية الاسناد في مستشفى أبو سليم بطرابلس بعد إصابته في اشتباكات بين ميلشياته وميليشيات "غنيوة الككلي". وفي غياب جيش أو شرطة نظاميين،تخوض المجموعات المسلحة صراع نفوذ في العاصمة منذ سنوات،ورغم مرور قرابة العام على وصول أعضاء من المجلس الرئاسي إلى العاصمة الليبية،لم تتمكن حكومة الوفاق الوطني التي بدأت عملها في آذار/ مارس 2016 من بسط سلطتها في كل أنحاء البلاد أو توسيع رقعة نفوذها خارج المقر المؤقت في قاعدة أبو ستة البحرية وبعض المواقع الأخرى في المدينة.