منذ ثلاثة أشهر، انتصبت بالمدينة الجامعية الصغيرة "سوا" في الكاميرون أعمدة تحمل لوحات للإنارة تعمل بالطاقة الشمسية. 75 منها زيّنت المركب الجامعي، بينما توزّعت 334 بين المدينة والطريق الرابطة بين "سوا" والعاصمة "ياوندي".

في المجموع، حوالي 409 لوحة إنارة بالطاقة الشمسية بكلفة جملية ناهزت الـ 1.5 مليار فرنك افريقي (أي حوالي 316 ألف و500 دولار) مقدّمة كمنحة من الصين .. .بديل تجد الكاميرون نفسها مجبرة على تبنّيه لتعويض العجز الذي تشهده على مستوى توليد الطاقة الكهرومائية، غير أنّ خضوع اجراءات الحصول على الطاقة الشمسية إلى تكاليف وضرائب عالية قد لا يجعل منه خيارا متاحا لجميع السكان في البلاد.

تصطفّ الأعمدة على جانبي الطريق بين سوا وياوندي، وفي رأس كلّ واحد منها مصباح تعتليه لوحتان شمسيتان وبطارية، تقوم الأخيرة خلال النهار بالتقاط أشعّة الشمس ومن ثم تخزينها في البطارية، لتستخدم ليلا، حيث يتغذّى منها المصباح لمدّة عشر ساعات، وهو ما يمكّنه من البقاء مشتعلا كامل الليل.

ويمتلك الكاميرون إمكانات هامة في مجال الطاقة الهيدرولوجية، غير أنّه يسجّل عجزا فادحا على مستوى الطاقة الكهرومائية. فإلى غاية اليوم، ما تزال الشركة الأمريكية "أ. إي. أس. سونال" المزوّد الوحيد للطاقة الكهرومائية في البلاد، عاجزة عن تغطية الطلب المحلّي، وهو ما يفسّر الانقطاع المتكرّر في الامدادات بالكهرباء.

ووفقا لدراسة أنجزها مجمّع الأعراف بالكاميرون (حكومي)، فإنّ هذا البلد الواقع بافريقيا الوسطى والذي يعدّ حوالي 20 مليون نسمة، لا يحصل سوى ثلاثة ملايين من سكّانه على امدادات الطاقة الكهروبائية، كما أنّ الانقطاعات المتواترة للتيار الكهربائي يكلّف المؤسّسات الاقتصادية حوالي "25 في المائة من عائداتها".

وبهدف تعويض العجز الحاصل على هذا المستوى، قرّرت الحكومة الكاميرونية مؤخرا التوجّه نحو الطاقة الشمسية كمصدر بديل عن الطاقة الكهرومائية، حيث أطلقت عدّة برامج لتطوير الطاقات المتجدّدة، معوّلة في ذلك على دعم شركائها الاقتصاديين والمانحين الماليين. لكنّ مجمل هذه البرامج ظلّ الاستفادة منها للآن حكرا على المؤسّسات التربوية والبلديات، بينما يعجز أغلب المواطنين في الكاميرون عن الحصول على الطاقة الشمسية، وهذا ما عبّر عنه "غوديلوف مينكا" (صاحب مؤسّسة في الكاميرون) في تصريح لمراسل الأناضول بقوله "الضرائب الموظّفة على الطاقة الشمسية مرتفعة للغاية، فكلفة الألواح الشمسية (50 وات) تبلغ 150 دولار في الكاميرون، في حين أنّ ثمن شرائها الأصلي من الصين لا يتجاوز الـ 35 دولارا. أمّا بالنسبة لألواح الـ 60 وات، فتصل كلفتها إلى 185 دولار، في حين لا يتجاوز ثمنها الأصلي في الأسواق الأوروبية الـ 85 دولار.. وإلى الأسعار المذكورة بالسوق الكاميرونية تنضاف كلفة التركيب وأعباء الشركة وهامش الربح،وهذا ما يفسّر ارتفاع ثمنها النهائي.."

في الواقع، تخضع المعدّات المورّدة لتركيب الألواح الشمسية في الكاميرون إلى رسوم جمركية على غرار كلّ السلع القادمة من الأسواق الخارجية.. وتتكوّن مجموعة الطاقة الشمسية في الغالب من اللوحة الشمسية والمصباح والبطارية، والرسوم تشمل كلّ قطعة على حدة، وهذا ما لا يمكن للمقدرة الشرائية للمواطن الكاميروني تحمّله.

"غوديلوف مينكا" تابع قائلا في هذا السياق "على الدولة تقليص الرسوم لكي يتسنّى لعامة الناس التمتّع بالطاقة الشمسية، كما ينبغي على المستثمرين في هذا المجال تسويق معدّات للطاقة الشمسية بأسعار في المتناول دون أن يمسّ ذلك من جودتها". "غوديلوف" أضاف مستدركا "يمكننا إيجاد الوسائل اللازمة لتصنيع هذه المعدّات محلّيا".

دول عديدة عرضت مساهمتها في دعم الكاميرون في مجال الطاقات المتجدّدة. ففي شهر مايو / آيار 2013، أعلنت المجموعة الفرنسية "بولوري" عن رغبتها في تشييد مزارع ضوئية في الكاميرون خلال الثمانية عشر شهرا الموالية. وفي الثامن عشر من نوفمبر / تشرين الثاني، تمّ لهدف نفسه توقيع اتفاقية شراكة بين الحكومة الكاميرونية و"أل- تي- دي"، وهي شركة من جنوب افريقيا، ناشطة في مجال الطاقة.