استطاعت التنظيمات الإرهابية، استغلال الانقسامات والفوضى لتأسيس موطئ قدم لها فى ليبيا،وحولت البلاد إلى بؤرة توتر متصاعد.ومثل وجودها خطرا إقليميا ودوليا وهو ما إتخذته لقوى الرية ذريعة للتدخل في ليبيا عبر تنفيذ غارات جوية متكررة تستهدف القيادات والعناصر الإرهابية.

لكن هذه الغارات باتت تطرح تساؤلات حول مدى دقة أهدافها،وآخرها الغارة التي نفذتها القيادة العسكرية الأميركية بأفريقيا "أفريكوم" في ليبيا، الخميس الماضي،والتي قوبلت بإتهامات بأن المستهدفين ليسوا جميعهم ينتمون لفكر تنظيم القاعدة.


** غارة أفريكوم

أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا "أفريكوم" شنّ طائراتها، الخميس،غارة جوية قالت إنها أسفرت عن مقتل 11 إرهابيا قرب منطقة العوينات.

وأوضحت أفريكوم في بيان رسمي لها أن الضربة "الدقيقة" شنتها قواتها بالتنسيق مع الحكومة المقترحة، واستهدفت عناصر من تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي ودمرت ثلاث سيارات دون تضرر أي مدني.

ونقل البيان عن مدير العمليات في أفريكوم الجنرال جريج أولسون تأكيده عزم القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا مواصلة تنفيذ ضرباتها على تمركزات الإرهابين في ليبيا، ومنعهم تحويل ليبيا ملاذا آمنا لهم.

وأضافت أفريكوم أن الولايات المتحدة لن تتوانى عن مهمتها للحد من وجود المنظمات الإرهابية وتدميرها والعمل على تحقيق الاستقرار بالمنطقة ومواصلة الضغط على الشبكات الإرهابية، وفق تعبير البيان.

وذكّر بيان الأفريكوم أن هذه العملية هي الثالثة التي تنفذها طائراتها ضد تمركزات للقاعدة في ليبيا، منبهة إلى وقوع آخرها في 13 يونيو 2018، أسفرت عن مقتل إرهابي واحد، بحسب نص البيان.


** تشكيك وإتهام

في غضون ذلك،شككت أطراف ليبية في أن المستهدفين ليسوا جميعهم ينتمون لفكر تنظيم القاعدة،واتهم طوارق ليبيا قيادة القوات الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم" بقتل 11 مدنيا خلال الغارة الجوية لأخيرة.

ونظم أعيان ومشايخ قبائل الطوارق بمدينة أوباري وقفة احتجاجية، مساء أول من أمس، نددوا خلالها بالقصف الأمريكي، واتهموه بارتكاب "مجزرة قُتل وأُحرق فيها هؤلاء الأبرياء تحت مسمى الإرهاب دون أي أدلة حقيقية تثبت تورطهم.

واعتبر أعيان الطوارق تنفيذ القصف الأمريكي دون ذكر أسماء وتفاصيل المستهدفين دلالة على أنهم أبرياء، وأن الضربة كانت مبنية على معلومات مغلوطة من حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها "فائز السراج" في طرابلس.

وأكد المحتجون أن القتلى مدنيون وعسكريون نظاميون، بينهم قائد ميداني في قوات "البنيان المرصوص"، التي حاربت تنظيم "الدولة الإسلامية" في سرت.مشيرين إلى أن الموكب الذي تم قصفه كان في الطريق لفك الحصار ونجدة بعض أبناء قبيلة الطوارق تدور بينهم وبين مجموعة أخرى مناوشات بالأسلحة قرب الحدود الجزائرية على خلفية تهريب آلات ثقيلة إلى الجزائر.

وفي المقابل، وصفت الناطقة باسم أفريكوم "بيكي فارمر" سقوط مدنيين في الغارة التي أسفرت عن مقتل 11 شخصا بالادعاء الكاذب؛ مؤكدا أن الجيش الأمريكي استهدفهم باعتبارهم "إرهابيين".وقالت "فارمر"، في تصريحات من مقرها في مدينة شتوتجارت الألمانية: "نحن على دراية بالادعاءات التي قدمها رجال القبائل والشيوخ الطوارق بخصوص الغارة الجوية لقيادة الولايات المتحدة بأفريقيا يوم الخميس الماضي بالقرب من العوينات.

وأضافت أن هذه هي الضربة الأمريكية هي الثالثة من نوعها ضد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بليبيا، لافتة إلى تنفيذ ضربة أخرى ضد التنظيم في 13 يونيو (حزيران) الماضي، "ما أدى إلى مقتل إرهابي واحد"، وفقا لما نقلته صحيفة الشرق الأوسط.

وشددت الناطقة باسم أفريكوم على أن "الولايات المتحدة لن تتخلى عن مهمتها المتمثلة في تحطيم وتعطيل وتدمير المنظمات الإرهابية وتحقيق الاستقرار في المنطقة"، مضيفة: "نحن ملتزمون بالحفاظ على الضغط على شبكة الإرهاب ومنع الإرهابيين من إنشاء ملاذ آمن".


** جدل سابق

وليست هذه المرة الأولى التي تثير فيها الغارات الجوية الأمريكية في ليبيا جدلا حول مدى دقتها،ففي يونيو الماضي،وجهت "افريكوم"،ضربة جوية في قرية شميخ التي تبعد عن بني وليد المركز 37 كيلو متر جنوبا.وقالت افريكوم أن الغارة استهدفت أربعة مسلحين من تنظيم داعش ولا ضحايا مدنيين في العملية التي جرت بالتنسيق مع حكومة الوفاق.

من جهتها،صرحت حكومة الوفاق الليبية بأن العملية كانت بالتنسيق معها،وأكد محمد السلاك المتحدث باسم رئيس المجلس الرئاسي،أن الولايات المتحدة نفذت في  إطار التعاون الاستراتيجي مع ليبيا غارة جوية بالقرب من مدينة بن وليد فجر الأربعاء.مبينا في تغريدة له بموقع "تويتر" أن الغارة أسفرت عن مقتل 4 مسلحين ينتمون لتنظيم داعش الإرهابي.

لكن المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة،طالب في بيان له، بضرورة فتح تحقيق دقيق في تفاصيل الحادث،الذي وصفه بأنه "يعتبر من أبشع حوادث الإرهاب الذي لا يفرق بين مطلوب وبرئ أو متورط أو مشتبه به".وطالب المجلس بالكشف عن المعلومات التي استندت عليها الجهة التي نفذت الضربة وكيف جزمت أن الشباب الثلاثة ينتمون إلى تنظيم إرهابي.

كما طالب البيان،المجلس الرئاسي بتوضيح أسباب تقصير الجهات الأمنية من وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية بعد تزويد وإبلاغ مديرية أمن المنطقة والغرفة الأمنية بخلفية تورط هؤلاء الشباب مثلما زعموا قبل استهدافهم، إضافة إلى مطالبة النائب العام بفتح تحقيق شامل في ملابسات هذه القضية لإثبات أو نفي الاتهامات التي نسبت إلى أبناء بني وليد.

كما نظم أهالي بني وليد،وقفة احتجاجية اعتراضا على القصف الأمريكي،وقال المشاركون في الوقفة إن الشباب الثلاثة الذين قضوا في غارة افريكوم أبرياء وليس لهم علاقة بالتنظيمات الإرهابية موضحين أنهم قتلوا بحجة أنهم كانوا رفقة شخص ينتمي لتنظيم إرهابي وينحدر من مدينة سرت.

ورغم إنحسار نفوذ التنظيمات الإرهابية في ليبيا على وقع خسائرها المتعددة خلال الفترة الماضية،فإن خطرها مازال قائما في ظل إنتشار عناصرها في عدة مناطق مستغلة إستمرار الإنقسامات والفوضى.وتشير تصريحات المسؤولين الغربيين إلى إستمرار الضربات الغربية في ليبيا ضد التنظيمات الإرهابية،ويبقى الحل بحسب مراقبين رهين توحيد الصف الليبي لإنهاء اتدخلات الخارجية.