تعتبرُ الحظيرة الوطنية لـ "جاولينغ" ،محمية طبيعية للطيور وللعديد من الحيوانات في اقصى الجنوب الغربي لموريتانيا.

وبحكم موقعها الجغرافي الواقع على الضفة اليمنى لدلتا نهر السنغال، أصبحت هذه المحمية قبلة للآلاف من أنواع الطيور والحيوانات المهددة بالانقراض، مثل الارانب والتماسيح وعجول النهر والخنازير البرية. 

وبالرغم من الرقابة المشددة من قبل السلطات الموريتانية على حدود المحمية، إلا أن تسرب عديد الحيوانات والطيور الى خارج حدود "جاولينغ"، جعلها عرضة للصيد الجائر من قبل مئات الصيادين، الذين يقضون جل أوقاتهم في قنص الطيور والحيوانات البرية على مشارف الحظيرة.

ويقولُ سكان "اترارزة" ان  منظر السيارات الرباعية الدفع التي يستعملها الصيادون في قنص الحيوانات، أصبح مألوفا في مناطقهم خاصة في أيام عطلة الاسبوع، حيث يتوافد أباطرة الصيد من العاصمة "نواكشوط" لقنص ما تيسر ،مع تركيزهم على  طائر الحبارى والارانب التي يرتبط أكل لحمهما في الموروث التقليدي الموريتاني بمعالجة الضعف الجنسي لدى الرجال.

ويُؤكدُ" سيد احمد" لـ "أصوت الكثبان"، وهو أحد أصيلي المنطقة أن مصالح البيئة المكلفة بحماية المحمية تتمالئ مع الصيادين الذين عادة ما يتمتعون بالنفوذ فأغلبهم اما ضباط سامون في الجيش او أبناء رجال أعمال، في حين يطبق القانون غالبا على بعض فقراء المنطقة الذين يعمدون على قنص الحمام البري بوسائل جد بدائية.

ويلفت "سيد احمد" الى أن  المشكلة الأكبر التي يعاني منها سكان المنطقة، لا تتعلق فقط  بتدمير الصيادين للبيئة الطبيعية للمحمية، بل بالإصابات الخاطئة الناجمة عن ممارسة الصيد في الأماكن التي يمنع الصيد فيها ،مذكرا بحالات اصيبت فيها مواشي السكان بطلقات نارية أثناء عمليات مطاردة الصيادين لفرائسهم .

ويُؤكدُ مهتمون بالمجال أن القسم الاكبر من الحيوانات البرية في موريتانيا، قد اختفى لسوء الحظ في جزئها الصحراوي، بتضافر تأثير تقدم  الصحراء والصيد العشوائي المفرط الذي اصبح سهلا منذ ظهور السيارات الصالحة لجميع الطرقات.

وهكذا فان ظباء الصحراء الكبيرة والمها، التي كانت قطعانها تفوق الالف راس على عموم الاراضي الموريتانية، قد اختفت كلها تقريبا نهاية التسعينيات جراء الصيد الجائر، حالها حال البقر الوحشي والنعام الذي انقرض أيضا بشكل نهائي.

وأمام هذه الكارثة البيئية، اضطرت السلطات الموريتانية متأخرة وبالتحديد عام 2010 الى اصدار أول قانون يحظر أنواع القنص البري، دون استثناء في عموم التراب الموريتاني.

ورغم الصعوبات التي تعترض تطبيق القرار الذي يرى البعض أنه جاء بعد فوات الأوان، فان القانون المذكور لم يحد كثيرا من عمليات الصيد الواسعة التي تمارس على صحراء مترامية الأطراف يصعب على الحكومة الموريتانية مراقبتها بوسائل جد بدائية.

وبين اتساع المجال الجغرافي لممارسة الصيد البري، وغياب آلية حقيقية لرقابة للدولة، يبقى تطبيق قانون تحريم الصيد البري في موريتانيا تحت رحمة الصيادين المهووسين بقنص الطيور والحيوانات البرية المهددة بالانقراض.