رأى الخبير المالي ومؤسس سوق المال الليبي د. سليمان الشحومي، أن وباء كورونا قد يكون سببا في الإطاحة بعدد من الأنظمة الاقتصادية لدول كبرى.

وقال الشحومي، في ورقة تحليلية بعنوان (الاقتصاد البرقماتي واقتصاد الجموع) خص بوابة إفريقيا الإخبارية بنسخة منها، "وباء كورونا يبدو أنه قد يكون سببا في الإطاحة بأنظمة اقتصادية كانت تعتمد على تعظيم الثروة لدى القلة وضمان الحد الأدنى من الدخل لباقي الجموع، تلك الجموع التي أجبرت على الجلوس بالبيوت خوفا من الوباء مما أدى الى تقلص نشاط القلة وانهياره، وصار يبحثون عن دعم الحكومة لانقاذهم وانقاذ النظام الاقتصادي، استجابة العديد من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الامريكية لهذه الأزمة، تعبر عن تأخر الاستجابة الانسانية والطبية ربما بسبب فقدان قدرة النظام ولم يطور لمثل هذه الاستجابات لعامة الجموع، فالاستجابة الاقتصادية كانت الأسرع والأكثر جاهزية واقناع لاقتصاد القلة عبر اقرار مساعدات للشركات وتحمل لمرتبات العاملين لديها والحرص قدر المستطاع على عدم حدوث تغيرات هيكلية في نسبة البطالة وتخفيف الاعباء الآخرى على الشركات كالضرائب والرسوم وغيرها".

وتابع الشحومي، "فمثلا الحكومة البريطانية صدمت عامة الشعب البريطاني بسياسة إصابة 60 % من الشعب بالمرض أو ما يسمي باصابة القطيع والحصول على مناعة طبيعة وبينوا للشعب أن هناك فقدان كبير بالأرواح وعلى الشعب أن يستعد له، لقد كان ذلك كارثياً بمعني الكلمة وأوضح بجلاء فشله كاستراتيجية لمجابهة هذا الوباء والذي أثار غضب عارم من الشعب وخصوصا كبار السن الذين وضعوا كقربان على مذبح النظام الصحي الفاشل والذين كانوا هم السبب في قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي اعتبرته الحكومة تنفيذا لإرادة الجموع  ولكن بعد عدة أيام معدودة عدلت الحكومة اأسلوب المجابهة بشكل كامل عبر استيعاب الدرس الصيني والذي قام على سياسة العزل ورفع القدرة الطبية لمواجهة الحالات والحفاظ على حياتهم بدلا من التضحية بكبار السن الاكثر احتمالا لفقدان حياتهم، والذين تعامل معهم نموذج اقتصاد القلة بشكل بارقماتي (مصالحي) كونهم بدون جدوى اقتصادية مستقبلية".

وأضاف الشحومي، "منظومة الاتحاد الاوروبي الاقتصادية والانسانية والاجتماعية تترنح أمام هذا الوباء والذي اعاد رسم خطوط الحدود والبوابات وعجز الاتحاد كمنظومة تجارية ومالية مصرفية على الاستجابة لمتطلبات الرفع من مستوى الخدمات الطبية، كما سقطت منظومة التأمين الطبي كوسيلة لتمويل الخدمات الطبية مقابل منظومة الدولة الراعية والضامنة، في مقابل نجاح منقطع النظير للمنظومة الصينية في المجابهة فسرعة الاستجابة الانسانية والطبية كانت أساسية في تحقيق الانتصار على هذا الوباء. وحتما لن يكون الاقتصاد كما كان وربما سيكون للاقتصاد الرقمي والتواصل عن بعد في مجالات التعليم والطب وإدارة الأعمال وغيرها دورا أكبر وأهمية في المستقبل وربما ستتعدل النماذج الاقتصادية المحلية ويعاد النظر في منظومة القيم الاقتصادية والعلاقات بين القطاع الخاص والقطاع العام والقطاع الوسيط. سيكون العبء ثقيل جدا على بلادنا النامية وهي تبحث عن السبيل الاقتصادي الذي يرضي شعوبها ويدافع عنهم عند وقوع الكوارث ويرسم مستقبل مشرق لأبناهم وفقا نموذج اقتصادي عادل و شفاف، حتما لا يرتكز على اقتصاد القلة بل اقتصاد الجموع".