قدم المصرفي ومؤسس سوق الأوراق المالية سليمان الشحومي قراءة تحليلية حول سعر صرف الدينار الليبي والإصلاحات المطلوبة في هذا الصدد.

وقال الشحومي في تدوينة له بموقع "فيسبوك" بعنوان "سعر صرف الدينار إلى أين؟" إن مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي يعود تحت ضغط المجتمع الدولي ومطالبات النخب الاقتصادية الليبية والسياسية بضرورة توحيد مؤسسة النقد الليبية، ولعل أكبر مسرع لعودة التئام أجنحة المصرف المركزي المنكسرة هو اتفاق سوتشي حول إرجاع تصدير النفط مقابل حجب العوائد عن خزائن المصرف المركزي حتى يتم التوحيد الحكومي والمؤسسي للمصرف المركزي، وفي ظل الصراع الورقي والشفوي بين أقطاب وأطراف مسؤولي المؤسسات الحكومية، تسارعت الخطى .. بعقد الاجتماع التمهيدي وبعدها الدعوى للاجتماع الذي سينظر فيه مسألة تعديل سعر الصرف قريبا".

وأضاف الشحومي "كل ذلك كلام جميل ويعد بتحسن الأوضاع الاقتصادية بشكل عام، فالمركزي لم يجد حل وسط النار المشتعلة بينه وبين السلطة التنفيذية ومؤسساتها إلا أن يعود إلى قواعده ويتحالف مع نفسه بعد قطيعة سبع سنوات عجاف ليعود للمشهد عبر بوابة تعديل سعر الصرف وأن يكون في متناول الجميع ، ذالك المطلب العتيد و الذي استمرت المطالبات به لسنوات وتم فرض ضريبة على النقد كحل بديل من قبل الحكومة، في كل الأحوال تعديل سعر الصرف سيكون أمامه خيارات صعبة وفي تقديري فهو أمر ليس بالبساطة بما كان بسبب عدم وجود التنسيق بين السياسة النقدية من طرف والسياسات المالية والتجارية من طرف آخر، التعديل عبر قرار مجلس إدارة المصرف المركزي بسعر ثابت جديد والذي سيكون في مدي السعر الرسمي  مع الضريبة الحالية مع زيادة محدودة جدا لتقليص فجوة التوقعات بحجم الطلب علي شراء الدولار ( بين 3.80- 4.25) ولا يمكن أن تكون قريبة من أسعار السوق الموازي كونها تزيد من حالة التضخم والركود معا وتزيد من حالة عدم الثقة بالسوق".

وأردف الشحومي "التعديل يعني ضرورة إعادة تقييم الأصول النقدية للعملة الاجنبية وسيزيد من حجم الإنفاق بالموازنة الحكومية القادمة ويرفع المستوي العام للأسعار، ويتطلب أن يتم إخطار صندوق النقد الدولي لإعادة تقييم العملة الليبية أمام وحدات حقوق السحب الخاصة ، وحتما يتطلب تعديل السعر أن تعدل الحكومة مشروع الموازنة العامة وفقا للسعر الجديد وتقوم بمعالجة دعم الوقود ورصد المخصصات اللازمة لمعالجة الانخفاض في الدخل الحقيقي للمواطن وحماية الفئات الهشة وعلى الأغلب يكون ذلك عبر علاوة العائلة المتوقفة والتي تراكمت عبر سنوات من عدم الصرف، وإطلاق مشروع جديد للمرتبات والاجور وإعادة هيكلة الإنفاق الحكومي الاخري لمجابهة العجز المتوقع في الموازنة والتوافق مع المصرف المركزي في آليات تمويل العجز بالميزانية القادمة وسداد وتسوية التزامات الدين العام السابقة عبر إجراء تعديل لتقيم الاحتياطيات ".

وأشار الشحومي إلى وجود "حاجة أن يصاحب إقرار السعر الثابت الجديد للعملة الليبية أن تعلن الحكومة عن مشروع إصلاحاتها الهيكلية وأن يتدارسها مجلس إدارة المصرف المركزي ليتمكن من استكشاف السعر الجديد وإقراره في وقت لاحق بعد إجراء التعديل الأساسي الان، أما غير ذلك فقد يجد المصرف المركزي نفسه أمام الضغط برفع سقف السعر الثابت الجديد بشكل تقديري ليقلص فجوة التوقعات حول ما ستقوم به الحكومة من إجراءات وسداد الدين العام السابق وحجم عرض النقد بالاقتصاد، وفي تقديري قد يتجه المركزي لإقرار سعر جديد ويشترط على الحكومة أن تعلن عن برنامجها وتباشر تنفيذ الإصلاحات المالية والتجارية وذلك لمراجعة السعر والتأكد من أنه يحقق التوازن المطلوب".

وأوضح الشحومي أن "إجراء الإصلاحات الاقتصادية يتطلب توافق وتناغم المفقود حاليا بين الأطراف المسؤولة عن إقرار وتنفيذ الإصلاحات المرتبطة بتاثير تعديل سعر الصرف وعلى صعيد السوق سيتم تقييم عملية تعديل سعر الصرف في ضوء التزام المصرف المركزي برفع القيود على عمليات الطلب والشراء للدولار، وسيقيم المواطن عملية التعديل لسعر الصرف بمدي تحسن الاسعار بالسوق ومدى التزام الحكومة بتحسين دخله الحقيقي  ومدى مقدرته على حل أزمة السيولة المربكة".