أكد الخبير الاقتصادي ومؤسس سوق الأوراق المالية في ليبيا سليمان الشحومي، أن الإنفاق الحكومي في ليبيا محاط بعلامات استفهام كثيرة في ظل ضعف تطبيق القانون وتغول بعض الأطراف ما يؤدي لتعمق الفساد، مضيفا في مقابلة مع "بوابة إفريقيا الإخبارية" أن هناك العديد من الشبهات المثارة حول عمليات التوريدات والتعاقدات الخاصة بقطاع الصحة لمواجهة وباء كورونا.

إلى نص الحوار

هل الاقتصاد الليبي يتحمل مواجهة وباء كورونا لو تفشى في البلاد؟

الاقتصاد الليبي يعتمد على النفط الذي توقف إنتاجه منذ فترة وبشكل عام فإن الاقتصاد الليبي شبه معطل، وأعتقد أن وباء كورونا له تأثيرات ليست اقتصادية فقط وإنما صحية واجتماعية وإنسانية بالدرجة الأولى لكن ربما ليبيا بحكم مساحتها الكبيرة وقلة عدد سكانها لن تتأثر كثيرا بكورونا مثل بقية الدول التي ستعاني لو تفشى فيها المرض كمصر مثلا التي يوجد بها عدد سكان كبير ومساحة جغرافية صغيرة.

برأيك ما الآثار الاقتصادية الناجمة عن كورونا في ليبيا؟

الآثار الاقتصادية الناجمة عن كورونا تتمثل في تعطيل الأعمال وفرض التواجد في المنزل وهذا سيؤثر على الأشخاص الذين يمتهنون أعمال غير منضوية تحت مظلة الدولة وبالتالي يصبح مصدر رزقهم مهددا نتيجة توقف النشاط الاقتصادي وهذا يتطلب وجود معالجات حال تواصل استمرار توقف الأنشطة الاقتصادية فمثلا مسألة حظر التجول أو البقاء في المنازل لفترات طويلة ربما تحتاج إلى إعادة النظر لتجنب آثارها السلبية على هذه القطاعات.

برأيك بكم تقدر التكلفة اللازمة لمواجهة كورونا في ليبيا؟

استمعنا لتخصيص موازنات لمواجهة كورونا فمثلا حكومة الوفاق خصصت 500 مليون دينار الحكومة المؤقتة خصصت 300 مليون وعموما فإن هذا الوباء لو انتشر ستكون تكلفته كبيرة جدا لأنه سيكون هناك حاجة لتجهيزات طبية بالإضافة لتكاليف الفقدان التي قد تحدث.

وأعتقد أن الوعي لدى المواطنين تحسن بشكل كبير لتلافي التكلفة الباهضة المترتبة على تفشي المرض لكن لا أحد يستطيع التكهن بحجم التكلفة المترتبة على وباء كورونا حتى تمر هذه الأزمة ونرى التكاليف الحقيقية.

كيف تقرأ الآثار المترتبة على تزامن غغلق الموانئ النفطية مع أزمة كورونا؟

إغلاق الموانئ النفطية سبق أزمة كورونا وقد عطل إنفاق الحكومة نظرا لتوقف الإيرادات الذي دفع الحكومة للجوء لبدائل أخرى غير الإيرادات النفطية شبه المعطلة ولكن بالتأكيد فإن تزامنها مع هذه الأزمة الصحية ربما يؤثر سلبا على الإنفاق لأن هناك متطلبات مادية كبيرة تتعلق بالعلاج وتجهيز المستشفيات وهذا يستوجب تخصيص مبالغ أكبر للجانب الصحي خاصة وأن ليبيا مترامية الأطراف ما يحتاج لتجهيز الكثير من الأماكن للعزل خاصة في القرى والبلدات النائية.

ولا شك أن إغلاق الموانئ النفطية يعد مشكلة كبيرة لكنها مرتبطة بالأوضاع السياسية والصراع القائم في البلاد ونتمنى أن تنجلي هذه الأزمة قريبا  

البعض يقول إن تخصيص مبالغ لمواجهة كورونا يفتح بابا للفساد في عمليات الصرف؟

الإنفاق الحكومي في ليبيا الآن محاط بعلامات استفهام كثيرة في ظل ضعف تطبيق القانون وتغول بعض الأطراف المتحكمة من أصحاب المصالح والمليشيات وهذا كله يؤدي إلى تعميق الفساد وقد رأينا في الأيام الماضية أن الإنفاق المتعلق بقطاع الصحة أثير حوله العديد من الشبهات في عمليات التوريدات والتعاقدات وهذا يزيد من مأساة استغلال الظروف القائمة لتحقيق مكاسب خاصة في ظل ضعف الرقابة والحكومة لدى الطرفين.

إلى أي مدى ترى أن ليبيا قد تحتاج لمساعدات دولية من الاتحاد الأوروبي أو صندوق النقد أو غيره لمواجهة أزمة كورونا؟

لا أعتقد أن الاتحاد الأوروبي قادر على مساعدة أحد فهو يعاني كثيرا وأستشهد هنا بإيطاليا التي تخلت عنها أوروبا وتركتها تعاني بمفردها وقد طرحت روما في السابق فكرة إصدار سندات خاصة بكورونا يتم تمويلها من البنك الأوروبي لكن جرى رفض المقترح ما أدى لمشكلة عميقة في الاتحاد الأوروبي.

وفيما يتعلق بليبيا وطلب المساعدة الدولية فأعتقد أنه يجب تركيز طلب المساعدة من الصين باعتبارها تملك خبرة في هذا الأمر فالليبيين بحاجة لمساعدات فنية وليس مادية للحد من انتشار المرض وتدريب الكوادر الطبية على التعامل مع هذه الكارثة الصحية وأعتقد أنه بدأ التواصل مع الصينيين في هذا الجانب وأتمنى أن يتم قريبا تطوير القدرات الفنية الليبية لمجابهة مثل هذا الوباء.

هل تتوقع تفاوت في إمكانيات مختلف المدن لمواجهة كورونا حسب تبعية كل مدينة (لحكومة الوفاق أو المؤقتة

لا أعتقد أن هناك تفاوت لأنها نفس المؤسسات الطبية وجزء من المؤسسات الخاضعة لإشراف الحكومة المؤقتة تصرف مرتباتها من حكومة الوفاق لذلك لا أعتقد أن هناك فروق جوهرية فالمسألة ليبية بامتياز فنفس الإدارة ونفس الطريقة في التعاطي مع الأمور من كلا الطرفين وأعتقد أن المهم الآن هو توحيد الجهود بحيث يمكن أن يقود العمل جهة مختصة مكلفة وأعتقد أن المركز الوطني لمكافحة الأمراض موجود في طرابلس ويشرف على كامل البلاد لمكافحة الوباء والجميع متكاتف لخدمة كامل ليبيا دون استثناء.

هل ترى أن ليبيا ربما تواجه نقصا في السلع الغذائية والدوائية جراء إجراءات مواجهة كورونا؟

هذا ربما يحدث إذا استمر تعنت المصرف المركزي في فتح الاعتمادات بالسعر السابق لأن هناك خلاف بين محافظ المصرف المركزي بطرابلس الصديق الكبير وحكومة الوفاق حول فتح الاعتمادات بالسعر السابق وإصرار المحافظ على أن يتم رفع السعر وهذا أدى لتعطيل منذ ثلاثة أشهر في توريدات الأغذية والسلع ولكن اعتقد أننا سنشهد في الفترة القادمة معالجة لهذا الأمر الذي لا يحتمل التأخير.

ولابد من القول أن الاحتياطات الموجودة في ليبيا تكفي ثلاثة أشهر لكن نحتاج دائما لاستمرار التوريدات لضمان استمرار تدفق السلع للمواطنين خاصة أنه في هذه الظروف ربما يكون هناك مشكلة في الإمدادات الدولية بسبب توقف الكثير من المصانع وحدوث إرباكات في عمليات النقل

إلى أي مدى يتأثر الاقتصاد الليبي بمشكلات الاقتصاد العالمي الذي يواجه كورونا؟

بالتأكيد الاقتصاد الليبي يتأثر بما يحدث في العالم فكثير من السلع الغذائية تورد من دول الجوار وأعتقد أن بعضها خصوصا مصر وتونس سيكون لديها مشكلة في استمرار التوريدات إذا استمرت هذه الأزمة وهذا يؤثر بطبيعة الحل على حركة النشاط الاقتصادي في ليبيا كما أن تعطل الموانئ والمطارات وارتباك عملية النقل سيكون له تأثير على تدفق السلع في ليبيا.

وللأسف فإن هذه الأزمة الصحية العالمية جاءت في ظل وجود أزمة محلية في ليبيا تتمثل في وجود حالة انقسام وتعطل في انتتاج النفط وتعطل في الإنفاق العام بالإضافة إلى أزمة أخرى في العلاقة بين لمؤسسات الحكومية وعلى رأسها البنك المركزي ما أثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي بالبلاد وكل هذه الأمور يمكن معالجتها بتوحيد الجهود ووجود حكومة وطنية واحد لإنقاذ البلاد ومصرف مركزي ومؤسسات أخرى تعمل بشكل موحد لخدمة البلاد