من جديد أطلق أهالي الجنوب نداءات الاستغاثة للجهات المسؤولة للمطالبة بإنقاذهم مما يعانونه من أزمات، وهذه المرة كانت أزمتهم ليست بالجديدة، فكابوس لدغات العقارب والأفاعي ليس كابوس جديد على أهالي الجنوب، حيث تتكرر هذه الأزمة كل عام خلال فصل الصيف في ظل ارتفاع درجات الحرارة، فتخرج العقارب والأفاعي والحشرات السامة من جحورها، ليزداد معها مخاوف أهالي الجنوب الأكثر عرضة للموت خاصة في ظل عدم توفر الأمصال كل عام. 

استغاثة مواطن

المواطن جابر محمد حامد -أحد أهالي بلدية القطرون- ظهر في مقطع مرئي عبر شبكات التواصل الاجتماعي ليوجه نداء استغاثة للمسؤولين بعد تسجيل وفاة 5 أطفال بلدغات العقارب وعدم توفر المصل المضاد لسمها، حيث يُشكل سم العقارب خطراً قاتلاً إن لم تتم مُعالجة بالطريقة والسرعة المناسبة، وقال حامد: "يجب أن يتم أخذ الموضوع على محمل الجد.. والتأكيد على الدور الإيجابي للأطقم الطبية في التوعية بالإسعافات الأولية عند الإصابة بلدغة العقرب، والانتباه لبرنامج النظافة العامة بالبيوت والأحياء وحملت الرش المخصصة لمقاومة العقارب".

غياب الأمصال يدفع الأطباء للجوء إلى المضادات الحيوية 

المدير المساعد بمستشفى أوباري العام سليمان اعليوة، كشف لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية" أن أعداد حالات الإصابة بلدغات الأفاعي والعقارب في مدن الجنوب الليبي خلال فصل الصيف من كل عام ترتفع بشكل كبير، حيث تتراوح أعداد المصابين ما بين 10 إلى 12 حالة يوميا.

وقال اعليوة، "هذه الظاهرة ليست جديدة فهي تتكرر كل عام"، مشيرا إلى أن الأجهزة الطبية في الجنوب خاطبت وزارة الصحة منذ أشهر لتوفير الأمصال قبل بداية الموسم لتفادي تكرار هذه الأزمة.  

وأوضح اعليوة، أن أعداد الوفيات نتيجة لدغات العقارب والأفاعي حتى الآن قليلة، فيما وصلت أعداد الإصابات منذ بداية الموسم إلى ما يقرب من 800 حالة، مشددا على ضرورة توفير الأمصال في أسرع وقت. 

وأكد اعليوة، أن الجهات المسؤولة وعدت بتوفير الأمصال خلال الأيام المقبلة، قائلا، :"المستشفى في الوقت الحالي تتعامل مع حالات الإصابة عن طريق العلاج بالمضادات الحيوية والحقن والمحاليل لتخفيف الأعراض، وهي طريقة على الرغم من أن فاعليتها تصل إلى 60% ألا أنها لا تقارن بفاعلية الأمصال".

وناشد اعليوة، المواطنين في حال تعرضهم للدغات بالتوجه فورا إلى أقرب مركز صحي أو مستشفى في أسرع وقت، لافتا إلى أن التأخر في معالجة اللدغات قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.

كما ناشد المدير المساعد بمستشفى أوباري العام، وزارة البيئة والجهات المسؤولة عن حماية البيئة بضرورة تفعيل حملات الرش بالمبيدات لمحاربة هذه الآفات.


أنواع العقارب ودرجات الخطورة

خبير مكافحة العقارب عمران شيوه، أوضح أن ليبيا يوجد بها أنواع مختلفة من العقارب وهي تختلف من حيث درجات الخطورة، فهناك العقرب الأصفر ويسمى بـ (مطارد الموت) وهو يصنف ضمن ثاني أخطر أنواع العقارب في العالم بعد العقرب الأحمر (الهندي)، كما يوجد العقرب الأسود الصغير أو القزم وهو على الرغم من صغر حجمه الا أنه سميته خطير لدرجة قد تؤدي إلى شلل الأعصاب، كما يوجد العقرب الجرار، والحلزوني، والعربي، وغيرها من الأنواع وجميعها عقارب خطيرة ولسعتها قاتلة.

الإسعافات الأولية 

وقال شيوه، في حديثه مع "بوابة إفريقيا الإخبارية" إنه من الضروري عند إصابة أي شخص بلدغة العقرب البدء فورا في الإسعافات الأولية، والتي منها العمل على تهدئة الشخص المصاب وطمأنته، ثم تبريد الجزء المصاب بعمل كمادات ثلج إن وجد على مكان الإصابة، ومحاولة إخراج أكبر قدر من الدم لمنع عدم انتشار السم في الجسم، ومن ثم نقل المصاب للمستشفى لأخذ المصل والعلاج.

سم العقرب.. الثروة المنسية

وكشف شيوه، أن سم العقرب وخاصة -عقرب مطار الموت- يعد من أغلى السوائل في العالم، حيث يصل سعر الجرام منه إلى 8000 دولار، ويستخدم في تطوير عدد من الأدوية من بينها الأدوية المستخدمة في علاج الخلايا السرطانية، وأمراض الأمعاء، كما يدخل في صناعة مستحضرات ومواد التجميل. 

وأشار خبير مكافحة العقارب، أنه يمكن لليبيا الاستفادة من هذا الخطر وتحقيق منافع منه، وذلك عن طريق توفير الأجهزة الخاصة باستحلاب السم وبالطبع توفير مواد الوقاية والحماية والأمان. 

السم والترياق

وقال شيوه، إن "عمليات رش المبيدات يجب أن تكون لمقاومة انتشار العقارب وليس إبادتها بشكل نهائي، لخطورة ذلك على التوازن البيئي"، مشيرا أن البيئة تتكون من سلسلة وحلقات مترابطة وإحداث أي خلل في هذا التوازن قد يخلق كارثة بيئية.

وأكد خبير مكافحة العقارب عمران شيوه، أن العمل جاري الآن في مدن ومناطق الجنوب على تصنيع أمصال محلية في محاولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتفادي تكرار أزمة نقص الأمصال خلال السنوات المقبلة.