شكل انتشار السلاح بشكل عشوائي في ليبيا منذ الاطاحة بنظام العقيد الليبي معمر القذافي معضلة كبرى في الانفلات الأمني بالبلاد وعدم قدرة الدولة بسط سيطرتها على المجموعات المسلحة التي فرضت ارادتها على الحكومات الهشّة التي قامت منذ اكتوبر 2011 .

وكان كثر الحديث عن وصول اسلحة ليبية الى عدة بلدان، منها ما كان مجاورا لليبيا ومنها ما هو بعيد عنها وليست له حدود مشتركة مع ليبيا ما يؤشر الى ازدهار تجارة الأسلحة التي كانت تحت السيطرة قبل 17 فبراير 2011، وخروجها عن ذلك بعد نهب المخازن من جهة .. وقيام بعض من المجموعات المسلحة بشراء واستيراد اسلحة بمنأى عن سلطة الدولة .      

ولموضوع انتشار السلاح، بنوعيه الثقيل والخفيف، في ليبيا، وفشل الدولة في إيجاد طريقة لنزعه من أيدي حائزيه قصص عدة .. بدأت بقيام المجلس الإنتقالي بدفع مبالغ مالية لحاملي الاسلحة المشاركين في تقويض النظام السابق دون أن يكون مقابل تلك المبالغ تسليم ما بحوزتهم من اسلحة واعادتها الى مخازن تكون مسئولية صونها ومنع تسربها لغير العاملين في الجيش أو الشرطة .

كما أن عدم قبول المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الأنتقالي لمقترح غربي بجمع السلاح من حائزيه مقابل المبالغ المالية، لاعتقاده، بأن ذلك يساعد على تفشّي تجارة السلاح، وتورط الدولة في ما يعرف بـ ((مثلث الآقتصاد الأسود)) حيث تشكل تجارة السلاح أحد أضلاعه .

يضاف الى ذلك عدم استجابة الحكومة المؤقته برئاسة المقال علي زيدان لعرض تقدمت به  مجموعة من الضباط السابقين بالجيش الليبي ملخّصه التعهد بسحب الاسلحة اينما وجدت في غير مواقعها الشرعية (جيش، وشرطة) في ظرف أشهر .

اليوم الثلاثاء عقدت بمقر وزارة الخارجية ورشة عمل بشأن ((ازمة)) انتشار السلاح بليبيا وخطورته على البلاد وعلى دول الجوار .. وكانت هذه الورشة بالتعاون المشترك بين وزارة الخارجية الليبية، وخبراء من الاتحاد الافريقي ومن مظمة الأمم المتحدة والبنك الدولي.. حيث تم استعراض تجارب نزع الأسلحة في عدة بلدان افريقية شهدت حروبا أهلية، أو حروب تحرير، في أوقات سابقة من القرنين العشرين والواحد والعشرين، واعيد ادماج حاملي الاسلحة في مجتمعاتهم بنجاح، مع الأخذ في الأعتبار اختلاف تجربة كل بلد عن تجارب غيره من البلدان .

كان أهم ما يمكن تسجيله في هذه الورشة هو : تفرّد التجربة الليبية عن غيرها من التجارب الأفريقية الأخرى حيث كانت ليبيا وحدها التي وضعت العربة أمام الحصان .. وذلك عندما طبقت مبدأ ادماج حائزي الاسلحة قبل نزع اسلحتهم .   

المستر جون دورانس الخبير العسكري والأمني ببعثة الامم المتحدة في ليبيا قال في مداخلته أمام الورشة ان (( البيانات المتداولة تفيد بأن عدد "الثوار الليبيين" تتراوح أعدادهم بين 30 إلى 40 ألفا بينما الارقام المستهدف ادماجهم يبلغ ما بين 250 ألفا إلى 400 ألف )) وعندما سئل عن هذا الفارق بين الرقمين وماهية استقاءهما قال : ((الاستطلاعات .. والبيانات المتداولة افادت ذلك .. واليوم نحن استمعنا الى ممثل وزارة الداخلية في هذه الورشة يتحدث عن أكثر من 111 ألف "ثائر" تنوي الداخلية ادماجهم في الاجهزة التابعة لها ))

اما المقدم عبد الرؤوف الجالي من ادارة التدريب والغرفة المركزية لدمج الثوار بوزارة الداخلية فقال في معرض اجابته على سؤال حول البون الشاسع بين الارقام ، وما اذا كان ذلك ناجم عن الإحالات السابقة  لأعداد من العاملين في بعض المصالح الحكومية من أجهزة الدولة المختلفة إلى الامن ؟ فقال : (( هذا الرقم "111450" هو ما تم تسجيله من الرقم الوظيفي بالوزارة وهو نتيجة لدمج الثوار في الوزارة ونتيجة للبطالة المتفشية وسط فئة الشباب .. الا اننا الآن نواجه معضلة