الجزائر مقبلة على انتخابات رئاسية مهمة، كيف ترى الولايات المتحدة الأمريكية هذا الاستحقاق، وكيف ستتعامل معه؟

الولايات المتحدة لا تتدخل في الخيارات السياسية للشعب الجزائري الذي عليه وحده أن يقرر من سيكون رئيسه في انتخابات 2014، كل ما يهم الولايات المتحدة أن يمكّن الجزائريون من حرية الاختيار وأن تكون هذه الانتخابات نزيهة وشفافة وتمر عبر مسالك قانونية وشرعية، وأي رئيس يختاره الشعب الجزائري، الولايات المتحدة الأمريكية ستتعامل معه وسترحب به.

هناك اتهامات للولايات المتحدة من قبل البعض بدعم التيارات الإسلامية في المنطقة، خاصة الإخوان المسلمين في مصر وغيرها من الدول العربية، هل ستتخذ السياسة نفسها في الجزائر؟

هذه إشاعات وافتراءات غير مؤسسة، الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع الحكومات المنتخبة ديمقراطيا دون النظر إلى الانتماءات السياسية لهذه الحكومات، وتعمل أيضا على احترام إرادة الشعوب والتجاوب معها، لكن في ما يخص الجزائر لا صحة لهذا الكلام، حيث إننا نتعامل مع الجميع ونحترم ما يقرره الشعب الجزائري.

الجزائر محاطة بدول مضطربة جدا أمنيا على غرار تونس، ليبيا، مالي والنيجر، مشاكل القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، تنظيم المرابطون، تنظيم الموقعون بالدماء، هناك نشاط كبير بالساحل من قبل الجماعات الإرهايبية، والو.م. أ أخذت على عاتقها بعد 2001 مسؤولية محاربة الإرهاب في العالم، ما موقع الوم أ الآن ودورها في خضم هذه المشاكل التي تعيشها المنطقة من خلال اختطاف الأجانب طلب الفدية. كما أن هناك مشاكل كبيرة، في وقت نلاحظ فيه تقدم للدور الفرنسي تجسد في مالي بينما نرى في الوقت نفسه الو م أ مع سياسة الرئيس أوباما في الخروج من الحروب؟

تفضل الو م أ أن تقوم دول المنطقة بحماية نفسها ومواجهة التحديات الأمنية بنفسها، الو. م. أ تبدي مساعدتها ورغبتها في التعاون والتنسيق مع هذه الجهود لحماية المنطقة، وبما أن الجزائر تمتلك موارد خاصة منقطعة النظير بالمنطقة، فبإمكانها لعب دور قيادي في هذه المنطقة من الجانب الأمني، وهذا يخدم مصالح الجزائر وكذا المصالح القومية للو.م. أ، لأن الاستقرار مهم للبلدين وهي لا تفضل التدخل أو القيام بأي أعمال خارج حدودها وتعمل مع دول المنطقة على تعزيز وترسيخ الاستقرار، وهذا هو هدف طبيعة العلاقات الأمنية للولايات المتحدة الأمريكية.

هل للولايات المتحدة الأمريكية نية إقامة قواعد عسكرية أمريكية، هناك من يقول إنها ستكون بتونس أو ليبيا، لا يوجد شيء رسمي لحد الآن، لكن تتداول الأخبار حول إقامتها في منطقة شمال إفريقيا والساحل، فهل للو.م. أ فعلا نية إقامة قاعدة عسكرية بالمنطقة؟

 السفير: شكرا على هذا السؤال والجواب لا..

  “البلاد”: فلنبقى دائما في مجال مكافحة الإرهاب، مصالحنا كبلدين مشتركة وتتمثل في مكافحة الخطر الإرهابي أينما وجد وأينما كان، الجزائر تضررت من الإرهاب والو م أ كذلك، الجزائر الآن ترافع لصالح ما يسمى بنقل الخبرات والتكنولوجيا، في هذا المجال ماذا يمكن أن تقدم وأين وصلت هذه العملية؟

هناك قوانين أمريكية تحكم نقل التكنولوجيا العسكرية لكل دول العالم، وهذه القوانين سارية المفعول والجاري العمل بها منذ عقود، أي عشرات السنوات وهي تطبق مع كل الدول. في الحقيقة هذا شيء حقيقي أننا نتعامل مع بعض الدول بطرق مختلفة وهذا يعتمد على طبيعة علاقتنا مع هذه الدول، على سبيل المثال هناك علاقات خاصة بين الو م أ والمملكة المتحدة، لأن هناك علاقات تاريخية وعميقة وواسعة معها لا تقارن بأي دولة أخرى، ما يعني أن تعاملنا معها في مجال نقل التكنولوجيا العسكرية يختلف بكثير عن تعاوننا مع باقي الدول الأخرى وهو أسهل بكثير مع باقي الدول الصديقة الأخرى. للو. م. أ علاقة صداقة تربطها مع الجزائر، لكن تاريخيا كانت محدودة،

هناك فرص مستقبلية لتنمو هذه العلاقة مع الجزائر لوجود نية صادقة بين البلدين على تقوية هذه العلاقة..

التحدي القائم حاليا هو كيفية التنسيق بين القوانين والمبادئ الأمريكية ونظيرتها الجزائرية لتعزيز وتقوية هذه العلاقة. نهدف مستقبلا لإيجاد طريقة لتطبيق هذه المبادئ والقوانين الأمريكية بصفة تعكس علاقاتنا مع الجزائر، بتعبير آخر، كيف نطبق القوانين الأمريكية، بحيث نعزز علاقاتنا مع الجزائر ولا نلحق بها أي ضرر.

الجزائر تاريخيا خلال الحرب الباردة كانت محسوبة على المعسكر السوفياتي نسبيا ولو كانت ضمن دول الانحياز. بينما كان المغرب حليفا تقليديا للو م أ، فكانت طبيعة تعامل أمريكا مع الجزائر بهذا المنطق، أي دعم المغرب فيما حظيت الجزائر بدعم الاتحاد السوفياتي، والآن انتهت الحرب الباردة والمعسكر الشيوعي، فهل الو. م. أ لا تزال تفكر بمنطق أن حليفها رقم واحد هو المغرب ونحن على دراية بالمشاكل السياسية بين الجزائر والمغرب، أم أن الو م أ تجاوزت عقلية الحرب الباردة وبدأت تتعامل مع الجزائر دون حسابات أخرى؟

 نحن نعرّف علاقاتنا مع الجزائر بالاعتماد على المبادئ المشتركة القائمة حاليا، لكن هذا لا ينفي أن الجانب والشق التاريخي لهذه العلاقات يؤثر على العلاقات الحالية، لكن الشيء الأهم هو كيفية بناء هذه العلاقات لتكون في مستوى ملائم بين البلدين وتقليل تأثير الجانب التاريخي.

كيف ترون تعزيز التعاون التجاري والعلاقات الجزائرية الأمريكية بصفة عامة؟

نحن على يقين أن هناك فرصا كبيرة لتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية مع الجزائر ونعتقد أن الجزائر هو الشريك الملائم، باعتباره بلد كبير ومهم يحوي  ثروات وموارد كبيرة ونعتقد أن شراكتنا مع الجزائر يجب أن تكون أقوى لتحقيق مصالحنا المشتركة،

من وجهة نظر الحكومة الأمريكية نعتقد أن الجزائر قادرة على لعب دور أكبر لتحقيق الأمن والسلم في المنطقة، وبذل جهود أكبر مما بذل لحد الآن، ومؤخرا لاحظنا أن الوزير الأول عبد المالك سلال قام بمشاورة دول الجوار حول القضايا الأمنية لتعزيز قدرات هذه الدول، ونحن نشجع هذه الجهود لتعزيز قدرات دول الجوار لمواجهة التحديات الأمنية.

نحن نعرف اليوم أن الشريك رقم 1 مع الجزائر من الناحية التجارية هو الشريك الأمريكي، لكن تقريبا طغى على هذا الجانب مجال المحروقات، وبلادكم هذه السنة ستكون ضيف شرف المعرض الدولي بالجزائر، هل بإمكاننا معرفة عدد الشركات التي ستشارك في المعرض الدولي، ثم هل هناك نية لتوسيع مجالات الشراكة التجارية والاقتصادية خارج مجال المحروقات الذي يبقى اليوم ضعيفا مقارنة بالدول الأخرى؟

أتفق معك في تحليلك لطبيعة العلاقات الاقتصادية بين الو.م. أ والجزائر وأن كل ما قلته صحيح، وأقول إن الشركات الأمريكية ترى فرصا حقيقية في الجزائر بالنظر للموارد المتوفرة، الموقع الجغرافي ورغبة الجزائر في تنويع وتوسيع مبادلاتها التجارية.الشركات الأمريكية دائما تبحث عن الامتيازات التنافسية، وتوجد في موقع أفضل من الناحية التكنولوجية ومتطلبات السوق للعمل أكثر لتلبية متطلبات ورغبات هذه السوق.على سبيل المثال، فإن الشركات الأمريكية بإمكانها أن تحقق نجاحا كبيرا هنا بالجزائر في المجال الصيدلاني والعتاد الطبي والأدوية، وبإمكانك أن تلاحظ أن هناك شركات أمريكية بالجزائر تقوم بصناعة الأدوية، كما أعلنا مؤخرا بالسفارة الأمريكية، من خلال نشرها لبيان صحفي حول توقيع الاتفاقية المبرمة بين وزارة الصحة الجزائرية وشركة “فاين” الأمريكية” المختصة في صناعة عتاد وأجهزة تخص مجال مكافحة السرطان. كما أن هناك مجال آخر يخص تعزيز وتطوير مجال الصناعات الغذائية.أنا من كاليفوريا التي يشبه مناخها بكثير المناخ الجزائري، ومن وجهة نظري كشخص على خبرة بالمجال وعائلتي كانت تشتغل في المجال الفلاحي والصناعة الغذائية، فإن الجزائر تشهد نقصا كبيرا في مجال الصناعة الغذائية، هناك فعلا زراعة لكن لا توجد صناعة زراعية، هناك نقص في مجال تصدير المنتوجات الجزائرية الرائعة، نقص في مجال النقل، التخزين، لا يوجد الآن في الجزائر اقتصاد زراعي عصري.هناك مجالات أخرى للشركات الأمريكية بالجزائر، على غرار قطاع التربية والتعليم والتكوين، وكذا قطاع الاستشارات من خلال فتح مكاتب مختصة بالاستشارات.نعود إلى الجانب التاريخي والتقليدي لعلاقاتنا الاقتصادية مع الجزائر، وهي قطاع المحروقات، فالجزائر تحتوي على موارد كبيرة من الغاز الصخري، والشركات الأمريكية لها أفضل خبرة وطاقات هائلة منقطعة النظير لتطوير وترقية مجال الاستكشاف والتنقيب عن الغاز الصخري.

هناك تقارير منظمات كثيرة بالجزائر أكدت أن الغاز الصخري يشكل خطرا كبيرا على البيئة والصحة والو.م. أ خطت خطوات كبيرة في مجال الغاز الصخري على عكس الدول الأوروبية التي رفضت الاعتماد على هذه الطاقة، فهل يمكن أن تعتمد عليها الجزائر في المستقبل؟

 : هناك اختلاف حول هذا الأمر وكسفير ليس لي رأي شخصي بخصوص فيه، وأظن أنه على السلطات الجزائرية اتخاذ القرار الذي يناسبها، وبإمكانها الاستفادة من التقارير التي تم إعدادها بالو. م. أ حول استغلال الغاز الصخري.

سياسيا، هل تؤثر قضية 49/ 51 على الشركات الأمريكية، وهل لكم أن تحدثونا عن الجانب التعليمي، هل الو.م. أ تفكر في إنجاز جامعات بالجزائر، خاصة وأن التعليم العالي بالجزائر فتح المجال لإنشاء جامعات خاصة، وكذا قضية تعليم اللغة الإنجليزية، وفرص التعليم بالجزائر، اليوم نرى أن السفارة البريطانية تفتح معاهد، أو في مجال التكوين المهني أو مجالات أخرى لها علاقة بالتعليم؟

لا شك أن قانون 49/51 يشكل عائقا بالنسبة للاستثمار الأمريكي بالجزائر، لكن ذلك لا يعني استحالة الاستثمار بالجزائر، هناك الكثير من الموارد التي سبق لي وأن ذكرتها وكذلك السيولة المالية بالجزائر، لكن ذلك يبقى يشكل مشكلا، لكنه لا يشكل مشكلا في حد ذاته، وبالمناسبة هناك الكثير من الدول التي تطبق قوانين مماثلة.كما قلت القانون 49/ 51 لا يشكل مشكلا أو عائقا في حدّ ذاته، لكن إذا أضفنا هذا القانون إلى قوانين جمركية وقوانين صرف صعبة جدا ونظام بنكي صعب جدا، بالإضافة إلى عدم معرفة الشركات الأمريكية للسوق والقوانين الجزائرية، هذا الاختيار طبعا أقرته السلطات الجزائرية وليس الشريك الأمريكي، لكن ما يجب أن يقوم به الطرف الأمريكي هو تقييم الحقائق في الجزائر، وللحكومة الجزائرية حق اتخاذ القرار بما هو مهم أو بما هو غير مهم. لذلك نستمر في التعاون مع السلطات الجزائرية فيما يخص الانضمام إلى منظمة التجارة الدولية، هذا الأمر الذي نعتقده مهما.فيما يخص الجامعات، هناك رغبة كبيرة وصادقة من الجانبين الأمريكي والجزائري لإنشاء جامعات، ليس هناك انسجام بين النظام التعليمي الأمريكي والجزائري.. عموما النظام الأمريكي نظام فدرالي لا مركزي، والنظام الجزائري مختلف تماما لأنه نظام مركزي، وما أقوله لا يعني انتقاد للنظام الجزائري، بل تقييم له. والاختلاف الثاني بين النظامين هو أن النظام الجامعي الأمريكي لا توجد به وزارة خاصة بالتعليم العالي مثلما توجد بالجزائر.في الأخير أؤكد أن الحكومة الأمريكية مستعدة لتعزيز التعاون مع الحكومة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب، نحن نعتقد أن هناك فرصا حقيقية للتبادلات التجارية مع الجزائر، والولايات المتحدة الأمريكية تتشرف بأن تكون ضيفة شرف المعرض الدولي للجزائر لهذه السنة، وستقوم السفارة ببذل جهود كبيرة لاستقطاب والتعريف بالجزائر لدى الشركات الأمريكية هنا بالجزائر. كما تدعم الحكومة الأمريكية جهود الجزائر في الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة.