يعكس موقف الكاتب الفرنسي جيروم فيراري من غياب إستعمال اللغة العربية في الجزائر واقع اللغة العربية المتردي وتراجعها لصالح لغات أخرى ، موقفا قيميا وجماليا إتجاه مجتمع بكامله لأنه يكشف بعين الآخر حقيقة راهن اللغة العربية في موطنها حيث رغم إقرار الدستور الجزائري أن اللغة الرسمية للدولة هي اللغة العربية غير أن الواقع في الإدارات والممارسات الرسمية تحيلنا إلى عكس ذلك وهي حالة فصام لغوي يعاني منها الجزائريين منذ الإستقلال إلى اليوم حيث أكد الكاتب الفرنسي جيروم فيراري صاحب جائزة الغونكور العريقة  في حوار له أول أمس « منذ سنوات كنت أحلم بتعلم اللغة العربية، ذهبت للجزائر على أمل تعلمها فوجدت الجزائريين يتكلمون اللغة الفرنسية« .

وأضاف الروائي الذي عشقه للغة العربية دفعه منذ سنوات للتوجه للجزائر التي درس بها لمدة 4 سنوات حيث درس بالثانوية الدولية ألكسندر مشيرا« وجئت هنا لأبو ظبي على أمل تعلمها كذلك فوجدت الكل يتكلم الانجليزية، العربية تسحرني وأريد فعلا تعلمها لأنني أظن فيها شيئا يجذبني أكثر من كونها مجرد لغة «.

أكد الكاتب الفرنسي جيروم فيراري صاحب رواية «موعظة في سقوط روما أن « جائزة الغونكور بعثرت أوراق حياتي الجديدة بأبو ظبي وأفسدت كل برامجها، فقد حصلت على الجائزة ثلاثة أشهر فقط بعد وصولي لأبو ظبي لتدريس الفلسفة في المعهد الفرنسي ومنذ عامين لم أتوقف عن السفر والتنقل بين مختلف بلدان العالم، لأعود بين الحين والآخر لأقدم دروسا لطلابي في أبو ظبي، وبذلك فإن الجائزة أحدثت تغييرا جذريا في حياتي ولم تتركني أكتشف وأتعرف على هذا البلد بالطريقة التي كنت أتمناها أما عن اختياري أبو ظبي بالتحديد، فعندما طلبت مجددا العمل بالخارج، اشترطت المناصب المتوفرة في العالم العربي لأنني كنت أريد العودة إلى بلد عربي بعد تجربتي في الجزائر، فكان علي الاختيار بين أبو ظبي، بيروت، تونس والدار البيضاء ، فاخترت مدينة عربية لم أكن أعرفها وهي أبو ظبي «.

وعن حضور الجزائر، مثله مثل جزيرة كورسيكا التي تنحدر منها أجاب « قضيت في الجزائر أربع سنوات، ذهبت إليها من دون أن تكون لي خلفية مسبقة ولا رغبة ملحة ولكن منذ وصولي والعيش فيها، وجدت بلدا عشقته، وعندما أقول بلدا يعني الناس الذين يكونون هذا البلد، لم أعش شيئا مذهلا، ولكن غصت فيه في تجربة محورية لا مثيل لها، لم يكن ذلك بأشياء محسوسة ولكن داخلية « ، وعن توظيف تجربته الجديدة في الفضاء العربي في صياغة روايته الجديدة أجاب جيروم فيراري « أنا متأكد من شيء واحد وهو أنه كانت لي تجربة جد ثرية ومهمة هنا، اكتشفت نظرة مغايرة للعالم لم أكن أتوقعها، فالبعض يظن بأن الغرب هو مركز العالم لأنه يعيش فيه، ولكنه مخطأ. اكتشفت هنا بلدا عرف تطورا وازدهارا بسرعة خيالية لا يمكن للعقل تصورها. لا أظن بأنه كان لها مثيل في تاريخ البشرية كلها، عشت تجربة جد مميزة لا أعرف ما مدى حضورها وتأثيرها على روايتي الجديدة «.