فشل تطبيق اتفاق باريس المُوقَّع بين أطراف الأزمة الليبية في مايو 2018، والذي كان ينص على اعتماد الدستور وقانون الانتخابات وتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية في 10 ديسمبر 2018.

إذ أعلنت الأطراف الرئيسية في النزاع الليبي التي عقدت اجتماعا مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في باريس اليوم الثلاثاء (29 أيار/ مايو2018) التزامها بالعمل معا لتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في العاشر من كانون الأول/ديسمبر بحسب إعلان تلي في نهاية اللقاء.

 واتفقت على "قبول نتائج الانتخابات والتأكد من توفر الموارد المالية اللازمة والترتيبات الأمنية الصارمة".

في الآونة الأخيرة،إثر فشل كل المبادرات الأممية فضلا عن إنطلاق عملية طرابلس العسكرية بهدف تطهيرها من الميليشيات أثار الدور الذي تلعبه فرنسا في ليبيا جدلاً في الفترة الأخيرة، بعد توجيه حكومة الوفاق الوطني اتهامات مباشرة لباريس بدعم الجيش الليبي، على الرغم من نفي المسؤولين الفرنسيين صحة هذه الاتهامات.

فعلى الرغم من أن الاتهامات التي تُوجّه إلى فرنسا، أحد أبرز اللاعبين الدوليين في ليبيا، بدعمها اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي تسيطر قواته على الشرق ليست جديدة، فإن الأمر بات أكثر وضوحاً بعد تصعيد حكومة إزاء باريس وتوجيهها اتهامات مباشرة للمرة الأولى إليها.

من ذلك،أصدر المكتب الصحفي لوزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا، في شهر أبريل، بياناً قال فيه إنه أمر بوقف التعامل بين الوزارة والجانب الفرنسي في إطار الاتفاقيات الأمنية الثنائية "بسبب موقف الحكومة الفرنسية الداعم لحفتر المتمرد على الشرعية".

وتواصل فرنسا تحركاتها المكثفة تجاه ليبيا لدفع عملية التسوية السياسية للأزمة الليبية، إذ حدد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، سبعة أسس لإنجاح مؤتمر برلين المقرر عقده الشهر المقبل الرامي إلى حل الأزمة الليبية.

وقال لورديان ردا على سؤال جريدة "لوفيغارو" الفرنسية -في حوار مطول نشر اليوم الثلاثاء- عن كيفية الخروج من الأزمة الليبية، إن "الأطراف في ليبيا بدأت تدرك حقيقة أنه لا حل عسكري للأزمة"، مضيفا أنه "لاحظ أيضا إجماعا دوليا على هذا أيضا"

وتابع لودريان، أن "هناك مساعي لتنظيم دولي قريب لجميع الأطراف المعنية بالأزمة لدعوة الليبيين لتحديد موعد زمني للانتخابات"، مضيفا أنه «لكي لتحقيق هذا؛ يجب الامتثال إلى حظر الأسلحة المفروض في ليبيا والهدنة ومن ثم وقف إطلاق النار وتوحيد المؤسسات الاقتصادية وبناء جيش وطني موحد".

وأكد أن "هذا الأسس ستكون قابلة للتحقيق"، في إشارة المؤتمر بإجراء الانتخابات وحل الأزمة.

لكن وزير الخارجية الفرنسية عاد واشترط "التزاما قويا من الاتحاد الأفريقي حيال جهود حل الأزمة".

وسيكون المؤتمر، الذي تنظمه ألمانيا، أول مسعى دبلوماسي كبير لإنهاء الحرب جنوب العاصمة طرابلس، التي بدأت منذ الرابع من أبريل الماضي، بين القوات التابعة للقيادة العامة بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات التابعة لحكومة الوفاق .

ويسعى المؤتمر إلى حشد الأطراف الخارجية الرئيسية المؤثرة في الأزمة الليبية، لوقف الانتهاكات المتزايدة لحظر السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة، والضغط على حلفائهم داخل ليبيا، للالتزام بوقف لإطلاق النار وبدء عملية سياسية جديدة.

جدير بالذكر أن التحرك السياسي بالموازاة مع تحرك اقتصادي متواصل، فقد حصلت شركة "توتال" الفرنسية، في عام 2018، على حصة شركة "ماراثون أويل" الأميركية بشركة "الواحة" الليبية، لاستغلال موارد نفطية بليبيا، مقابل 450 مليون دولار.

الشركة الفرنسية اعتبرت أن فوزها بحصة في شركة "الواحة" الليبية "تعزيز لقوتها التاريخية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

وتعمل شركة "توتال" الفرنسية في ليبيا منذ 1954، حيث بلغت حصتها الإنتاجية 31 ألفا و500 برميل من النفط يوميا في عام 2017، متحصلة من استغلال حقلي الجرف البحري والشرارة البري.

ويرى مراقبون أنه من المرجح مواصلة فرنسا خلال الفترة المقبلة تحركاتها المكثفة تجاه ليبيا بالاتجاه نحو الحصول على دعم دول الجوار الليبي والأطراف الإقليمية المنخرطة في الأزمة الليبية للوساطة الفرنسية بما يصب في النهاية في صالح تعزيز الدور الفرنسي في ليبيا.

 كما أنه من المرجح تزايد حدة التنافس الأوروبي وتحديداً الفرنسي الإيطالي في ليبيا خلال الفترة المقبلة، الأمر الذي من شأنه أن يشكل تقويضاً لجهود الحل السياسي للأزمة الليبية مالم يتفق الأوروبيون على صيغة توافقية حول تسوية الأزمة الليبية تراعي مصالحهم المختلفة في ليبيا.