بدأ الحديث عن تعديل الدستور في الجزائر عقب فوز الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بولاية أخرى لمدة خمس سنوات يأخذ حيزا واسعا وسط الطبقة السياسية والحقوقية في الجزائر، فالمعركة السياسية القادمة في الجزائر هي حسب ما يتضح ستكون شكل الدستور الجزائر وأي جديد سيأتي به.

بحسب المراقبيين والحقوقيين هنا بالجزائر فإن أهم نقطة يمكن توقع أن يأتي بها الدستور الجديد الذي ينتظر التعديل، هي منصب نائب الرئيس، وكذا صلاحيات البرلمان في مراقبة أداء الحكومة، وايضا تشكيل الحكومة من الأغلبية. وهي نقاط كثيرا ما طالبت بها الطبقة السياسية قبل وبعد إعلان الرئيس بوتفليقة عن الإصلاحات السياسية. والهوس الذي يأرق عديد الأحزاب المعارضة في البلاد هو صلاحيات الرئيس لا سيما ما تعلق بالتشريع عن طريق الأوامر.

ويطرح منصب نائب الرئيس قوة منذ مرض عبد العزيز بوتفليقة ( رئيس الجمهورية الفائز في انتخابات الرئاسية الأخيرة بعهدة رابعة ) في أبريل 2013. حيث سادت في تلك الفترة شكوك بشأن قدرة الرئيس على إدارة شؤون البلاد، واتجاه السلطة نحو تعديل دستوري يسمح بإدراج منصب نائب الرئيس في الدستور. والمعروف في دستور 2008 المعدل، أنه لا يشير بشكل واضح لهذا المنصب، بينما يتحدث في مواده عن إمكانية توفيض الرئيس لبعض صلاحياته للوزير الأول. وهو ما فعله مع عبد المالك سلال ( مدير حملته الذي شغل لوقت قريب منصب وزير أول )، هذا الأخير كثيرا ما ناب عن الرئيس في مهام هنا بالجزائر أو على المستوى العربي والدولي.  

وكما أشار إليه سلال خلال الحملة الانتخابية للرئيس المترشح، فالمرحلة القادمة من عمر حكمه سيكرسها لمواصلة الاصلاحات السياسية أولها تعديل الدستور .وسيتدخل السلطة ممثلة برجال بوتفليقة في مشاورات سياسية مع كافة أطياف الطبقة السياسية في الجزائر من أجل الخروج برؤية واضحة وشاملة ومقنعة لكل الأطراف بشأن معالم الدستور القادم.

وترى بعض المصادر الحزبية بأن المشاورات السياسية قد تسند مهمتها لعبد المالك سلال رجل ثقة الرئيس ومدير حملته الإنتخابية. بينما يسود بعض الخلاف بين رجال الرئيس بشأن اقتسام المناصب الوزارية في الحكومة المقبلة. أهم ملامح الصراع غير الظاهر هو رؤية كل حزب ساند الرئيس لأحقيته في منصب من كعكة الحكومة. وابرز هذه التشكيلات السياسية هي كل من حزب جبهة التحرير الوطني الذي يعد أكبر حزب سياسي مقرب من السلطة ويوصف بأنه " الحزب الحاكم في الجزائر ". هذا الحزب يكون امينه العام عمار سعيداني الذي يكون قد أبدى طموحا في تقلد منصب الوزير الأول، في حين يظهر كل من عمار غول رئيس حزب تجمع أمل الجزائر، وكذا عمارة بن يونس رئيس حزب الحركة الشعبية الجزائرية، أنها يطمحان للبقاء ضمن تشكيلة الحكومة المقبلة.

لكن الإشكال الذي تراه المعارضة قائما وينتظر أن يحدده الدستور المقبل، هو من له صلاحية تشكيل الحكومة؟ اي هل هو رئيس الجمهورية؟ أم حزب الأغلبية البرلمانية الفائز في الإنتخابات التشريعية؟كما يطرح ايضا مسألة صلاحيات السلطة التشريعية ومدى استجابة الدستور المقبل لأكبر طلب كان قد التمسه نواب الشعب وهو مسائلة البرلمان للحكومة.  

يضاف إلى هذا الملتمس السياسي، مطلب آخر ليس اقل شأن منه، وهو تحديد العهدات الرئاسية. حيث كان فتح العهدات قد تم ادراجه في آخر تعجيل دستوري سنة 2008، وهو ما جعل بوتفليقة يحكم الجزائر لأكثر من عهدتين، بينما كان الرئيس الأسبق للجمهورية ليامين زروال قد حدد العهدات الرئاسية بعهدتين فقط في دستور 1996.

معركة الاحزاب المعارضة وأحزاب الموالاة ستشتد لا شك في ذلك خلال الفترة المقبلة من عمر حكم الرئيس بوتفليقة في عهدته الرابعة. كيف ذلك؟ يراه متتبعون للشأن السياسي في الجزائر، بأن الخلاف سيكمن بين المدافعين عن دستور يخدم السطلة وبقائها بنفس الوجوه كما يردد قادة الأحزاب، وبين المعارضين لتوجه السلطة العام.