عاد المرشح الرئاسي عبد الحميد الدبيبه لمهامه كرئيس لحكومة الوحدة الوطنية بعد الإعلان رسميا عن تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في 24 ديسمبر الجاري.

بموجب المادة 12 من قانون انتخاب الرئيس يفترض أن يتوقف المترشح عن القيام بعمله قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات إلا أن الدبيبه لم يفعل ذلك وإنما سلم مهامه لنائبه بعد إعلان اسمه ضمن القائمة المبدئية للمترشحين للانتخابات الرئاسية في ليبيا.

وبعد تأجيل الانتخابات عاد الدبيبه في خطاب حماسي قبل يومين معلنا استمراره في منصبه حتى إقرار دستور للبلاد وقدوم سلطة منتخبة يسلم لها مهام حكومته.

أجندات خارجية

موقف الدبيبه علق عليه المحلل السياسي والخبير القانوني محمد صالح جبريل بالقول إن وجود حكومة الوحدة الوطنية في السلطة أصبح غير شرعي.

وقال جبريل لبوابة إفريقيا الإخبارية إن وجود الدبيبه في سدة الحكم بليبيا جاء صدفة أو ضربة حظ معتمدا على الأجندات الخارجية والاتفاق السياسي مضيفا أنه من الناحية القانونية أصبح  وجود الدبيبه في السلطة غير شرعي بعدما سحبت منه الثقة وتحولت حكومته لحكومة تصريف أعمال معتبرا أن عودته للعمل هو استهتار بالسلطة التنفيذية التي منحته الثقة وحلف اليمين أمامها.

وأضاف جبريل أن اشتراط الدبيبه إقرار الدستور والتسليم لحكومة منتخبة يعطي إيحاء بأنه ليس طرف محايد بل إنه مصر على زيادة وتعميق الأزمة الليبية مضيفا أن الدبيبه جاء بدون دستور.

 وتساءل جبريل: بأي حق يفرض الدبيبه إرادته على الليبيين بضرورة أن يكون هناك دستور وانتخابات قبل تركه للحكم وأشار إلى أن وجود الدبيبه جاء بموجب توافق بين جماعة الإخوان والمستفيدين من الفوضى التي مرت بها ليبيا والذين هم متفقون بالأساس على تسليمه السلطة والضرب بعرض الحائط باقي الأطراف الأخرى.

ولفت جبريل إلى أن حكومة الوحدة الوطنية كانت مهمتها بالأساس توحيد المؤسسات وتوفير المناخ المناسب للانتخابات ودعم المفوضية العليا للانتخابات ماليا ولوجستيا لإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر لكنه لم يقدم شئ وأضحى يملي شروطه ويستنزف أموال الدولة الليبية وهذا ما أصبح واضحا في أوامر الضبط الصادرة بحق وزراء حكومة الوحدة الوطنية.

تسليم السلطة

من جانبه أكد المحلل السياسي مفتاح القيلوشي أنه كان يفترض برئيس حكومة الوحدة الوطنية أن يسلم السلطة في 24 ديسمبر سواء جرت الانتخابات أو لم تجري.

وانتقد القيلوشي في حديث مع بوابة إفريقيا الإخبارية تصريحات الدبيبه التي أكد فيها إنه سيسلم السلطة لحكومة منتخبة قائلا إن الدبيبه لم يأتي من سلطة منتخبة من الشعب أو مجلس النواب وإنما من لجنة 75 التي شكلتها المبعوثة الأممية المكلفة في ذلك الوقت ستيفاني وليامز ويفترض أن يسلم السلطة في 24 ديسمبرسواء حدثت انتخابات أو لم تحدث 

وتوقع القيلوشي أن يشكل مجلس النواب الاسبوع القادم حكومة جديدة معربا عن أمله أن يتم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قريبا دون مماطلة وإطالة المرحلة الانتقالية التي جرى خلالها تشكيل حوالي سبع حكومات على مدار عشرة سنوات عانى خلالها المواطن الليبي من تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية 

وبين القيلوشي أن الحكومة أصبحت منتهية الولاية بموجب اتفاق جنيف كما تم سحب الثقة منها خلال جلسة لمجلس النواب قبل ثلاثة أشهر مؤكدا أن ترشح الدبيبه للانتخابات الرئاسية يعد خرقا لقانون الانتخابات للمادة 12 من رقم 1 لسنة 2021 الذي أصدره مجلس النواب.

السلطة والمال

فيما رأى الناشط الحقوقي وأمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا عبدالمنعم الحر، أن حكومة الوحدة الوطنية مستمرة في العمل نتيجة تزاوج غير شرعي بين السلطة والمال السياسي الذي بات السلسلة المستحكمة التي تطوق عنق الوطن وتخنقه في هذه المحطة الخطيرة من حياة ليبيا .

وقال الحر لبوابة إفريقيا الإخبارية إن سنن الحياة تفرض علينا اليوم وقبل الغد حتمية طي صفحة شرعية حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة طالما أتخدت نهج السطو بغير وجه حق لحكم الشعب  مشيرا إلى أن النخب الوطنية تدفع باتجاه إنهاء سلطة الأمر الواقع من خلال الدعوة لتجديد شرعية صناديق الانتخابات من جديد.

وأضاف الحر أن حبس بعض وزراء الحكومة وهروب غيرهم يعكس المستوى العبثي في تسيير شؤون البلد، ويعكس قصر نظر سياسي مروع يبلغ حد العمى . 

وأردف الحر لا شك لدي إن أوسع شرائح المجتمع الليبي في   حالة احتقان أرفع درجة من حالة احتقان الشعب في  2011 ، ولهذا يضع كل مواطن شريف يده على قلبه خوفا من سوء تقدير عواقب أوضاع كهذه، يهمل خطرها صناع القرار كما جرت عادة من قبلهم .

وتابع الحر أنه لكي تتجنب ليبيا، شعبا وكيانا ترابيا موحدا وسلطة، كارثة حتمية الوقوع، ومحصلة طبيعية لتراكم سياسات بائسة، فضلا عن ترصد الأعداء التاريخيين و ترصدهم لأي فرصة، يستغلونها لإسقاط وتفتيت هذا البلد الثري الاستراتيجي بموقعه؛ أعتقد أنه بات لزاما النزول للميادين والساحات والدخول في اعتصام مدني 

وشدد الحر على أن الخطر قائم لا ينكره إلا مكابر أو جاهل أعمى، والمطالب ليست خيالا وإنما واقعية؛ ولا يبقى سوى الإخلاص والإرادة في تجنيب الدولة السقوط، فالدولة التي تسقط لا يسمح لها النهوض بسهولة، ولنا في العديد من الدول أمثلة .