تخيّب الحكومة مرة أخرى آمال المغاربة في التعاطي مع الكوارث الطبيعية، بعد الفيضانات الأخيرة التي أودت بحياة أكثر من 36 شخصاً وعزلت عشرات البلدات عن العالم، فضلاً عن تكبّد البلاد خسائر مادية كبيرة. لا يتعلّق الأمر بمسألة قضاء وقدر، بل بعجز طويل الأمد، في تدبير البنى التحتية، ومواجهة الكوارث، التي ورثتها حكومة عبد الإله بنكيران، ولم تستطع تجاوز سلبياته، عدا أنها اكتفت عن طريق رئيس الحكومة، بتوجيه نصيحة للمواطنين المغاربة بـ"عدم المخاطرة في الأحوال الجوية السيئة، كي لا يسقط ضحايا".

وشكّلت موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، منصّة ساخنة لمهاجمة أداء الحكومة، في تعاملها التمييزي مع الفيضانات. ففي حين سخّرت الطائرات المروحية لإنقاذ الأجانب العالقين في مدن الجنوب، اكتفت بجمع جثث الضحايا المغاربة بشاحنات للنفايات. وتكشف تلك الصورة القاتمة الغياب الفادح للحكومة عن يوميات المغاربة، وبُعد الطبقة السياسية عن الواقع الاجتماعي.

فقد حضرت الحكومة، بشكل حاسم، في الوقفة الاحتجاجية لـ"الاتحاد الوطني لطلبة المغرب"، أمام البرلمان قبل بضعة أيام، بعد إقرار البرلمان قانوناً يقضي بعسكرة الجامعة، مما يعتبر إجهازاً على العمل النقابي داخل الحرم الجامعي. ومرّ القانون بسهولة، وصوّت له نواب الأغلبية والمعارضة، بدعوى التصدّي للعنف الفصائلي، الذي أدّى في أوقات سابقة إلى وقوع ضحايا.

وتصدّت قوات الأمن بفاعلية، كالعادة، وفرقت الطلبة بالقوة، ثم اعتقلت عدداً منهم، قبل إطلاق سراحهم. وقبلها تعامل الأمن بصرامة مع مسيرات، كان يريد مواطنو عدد من المدن المغربية القيام بها في اتجاه العاصمة الرباط، احتجاجاً على الزيادات الصاروخية في فواتير الماء والكهرباء، بعد قرار حكومي لتسديد العجز في "المكتب الوطني للماء والكهرباء"، الهيئة الرسمية المسؤولة عن قطاع الماء والكهرباء في البلاد، والواقعة في حالة عجز مالي يُقدّر بأكثر من 2.25 مليار دولار، مما يهددها بالإفلاس.

كذلك حاصرت قوات الأمن مقرّ حزب يساري في مراكش، حيث كان يعتزم مقاطعون للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان، الذي افتُتح الخميس، في المدينة الحمراء، تنظيم وقفة احتجاجية للتعبير عن رفضهم إقامة المنتدى في المغرب، في وقتٍ تشهد فيه حقوق الإنسان تراجعاً كبيراً في البلاد، حسب ما ذكر المقاطعون.

من جانب آخر، تبدو المعارضة البرلمانية هشة، وغير قادرة على تصحيح العمل الحكومي، فقد مرّت الموازنة العامة في أغلب فصولها بسهولة بالغة، على الرغم من بعض النقاشات التي سادت في الغرفة الثانية من البرلمان، حيث لا يتوفر للحكومة أغلبية.

غير أن كل هذا لا يؤسس لمعارضة حقيقية، قادرة على خلق تهديد عملي وواقعي للحكومة، ويُمكّنها من المضي بعيداً، في اتجاه التلويح بإسقاطها، أو على الأقل جعلها ترضخ للدستور، الذي يمنح دوراً كبيراً للمعارضة في الممارسة التشريعية.

ولا يُمكن تصوّر دور المعارضة بمثابة مكتسب ريعي، يُمكن الحصول عليه بسهولة، بل يحتاج إلى قدرة على تحويله من مجرد نصّ دستوري إلى ممارسة سياسية حية، وهذا ما لم يتحقق حتى الآن لاعتبارات كثيرة، على رأسها، عدم امتلاك المعارضة برنامجاً موحداً، وهو ما يترك بنكيران يكسب الجولات معها بسهولة كبيرة، حسب العربي الجديد.