خيم الحزن على الأوساط الثقافية والأدبية في ليبيا، اليوم الجمعة، إثر الإعلان فجر اليوم الجمعة 11 فبراير 2022، عن وفاة المفكر العالمي والفيلسوف الأستاذ الدكتور رجب مفتاح منصور جبريل بودبوس، إثر سكتة قلبية.

مواقع التواصل الاجتماعي تزاحمت بكلمات الرثاء والنعي لفقيد الوطن وابن بنغازي الذي حمل طيلة حياته سلاح الفكر والوعي لنشر التجديد وتنوير الفكر العربي. 

فيلسوف الحرية

من جهته قال استاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية جامعة بنغازي ا.د شعبان عوض، "أول ما التقطت ذاكرتي اسم الأستاذ رجب بو دبوس كان عن طريق إذاعة صوت العرب القاهرية عندما أذاعت له حلقات مسلسلة بعنوان: "سقوط الرفض أو إعلان السقوط" في منتصف ستينيات القرن الماضي، وكم كانت تشدني كلمة المذيع وهو يقدم للمسلسل، بعد هذا قرأت له كتاب في المنفى، كتاب اختلط فيه الذاتي بالموضوعي على هيئة من بعض سيرة ذاتية ترجمت لكل سيرته الذاتية واضحة وضوح الشخصية البنغازية التي أذوب فيها هياما".

وتابع، "قرأت له العديد من الكتب واستمعت لبعض محاضراته، اختلفتَ أو اتفقت معه خلافك معه لا يشكِّل تُجاهك شيئا. تسامَ عن بعض شطحاته وهو يحدّثك أو تحدثه فهو شخصية بنغازية واضحة. وعندما تنتصر للدين فاذكر كيف انتقد (هيجل) حيث لم يجعل الإسلام أساس الدول، اقرأ كتابه " ثلاثيو المثالية" تكلّم عن الحديث النبوي في محاضرة فتصدّيتُ له، ذكّرني بهذا أخي وصديقي عبد السلام الفيتوري مذ شهر، وأنا المعيد وهو الأستاذ الدكتور فلم أتطاول ولم يقلّل من شأني، بل احترمني. تعلمنا من أخوتنا في مصر في أدب الاختلاف درسا مهما؛ في ستينات القرن الماضي اختلف كثير منهم مع معلق صوت العرب ومديرها أحمد سعيد، وعندما يتكلمون عنه بعد وفاته يقولون: الأستاذ أحمد سعيد رحمه الله. رحم الله الأستاذ الدكتور رجب بو دبوس".

فيما قال الدبلوماسي الليبي هيثم الصويعي، "غادرنا إلى الرفيق الأعلى الأستاذ الفيلسوف رجب أبودبوس، الزاهد في حياته والنّهم في علمه، البسيط في تكلّفه والعظيم في رؤيته. من النادرين الممتلكين القدرة على محاورة الصمت. في بلاد التاريخ يرحل التاريخ بلا تأريخ، ترحل القامات بلا علامات، اللهم اغفر له وارحمه وانزله منزل صدق".

وقال الصحفي جمال الزائدي، "عزاؤنا.. إيمان عميق أن الكابوس لحظة عابرة في سرمد الحلم.. وأن "الآن" هو تاريخ الغد.. فلا شيء على هذه الأرض خالد، سوى التراب والكلمة الحرة.. فيلسوف الحرية.. المثقف الكبير البروفسير رجب بودبوس في ذمة الله الكريم".

سيد القلم

وفي رثائه قال استاذ الفلسفة بجامعة سرت د. على مناع، "استاذنا ومعلمنا، الدكتور/ رجب ابودبوس، كيف يفيك الخط حقك وانت كنت سيد القلم، وكيف ترثيك الكلمة وأنت كنت بوصلتها، كيف يكون الوفاء لك بقدر من تستحق من وفاء وأنت كنت للوفاء مرجعيه. لا تحزن يا معلمنا الجليل ان لم تنكس الرايات حدادا عليك، فلم تعد هناك رايه مرفوعة حتى تنكس، وقد باعوا الوطن قبلك ودفنوا كل أمجاده الوطنية. اليوم يفتقدك وطن ويفتقد القلم ويفتقد كل صوت فلسفي ناصر الغلابه والمحرمين والضعفاء، اليوم تفتقد الفلسفة ويفتقدك كل صوت حر وقلم جري غير مدنس. انا لله وانا اليه راجعون، تقبلك اللهً بواسع رحمته ومغفرته".

الجراح والسياسي الليبي ا.د مصطفي الزائدي، قال "بمزيد الأسى والحزن تلقيت خبر وفاة الصديق والرفيق المفكر العالمي الأستاذ الدكتور رجب مفتاح ابودبوس، واذ أتقدم إلى زوجته وأبنائه وتلاميذه ومريديه وكافة رفاقه ومحبيه بأحر التعازي وأدعو الله ان يعظم لهم الآجر وان يلهمهم جميل الصبر، أنوه بأنه بوفاة العلامة رجب الودبوس فقدت ليبيا والأمة العربية مفكرا كبيرا ومبدعا متميزا وفيلسوفا متمكنا. لقد كان المرحوم رجب ابودبوس مثقفا كبيرا وعالما في الفلسفة والفكر ومعلما قديرا، ألف مئات الكتب، وألقى آلاف المحاضرات، وكان يتسم بالزهد في المال والجاه، عاش حياة بسيطة خدم فيه شعبه وامته بفكره المستنير فكان مدافعا شرسا عن الفقراء والمقهورين، وندا عنيدا للمنافقين وتجار الدين والمستغلين، وبالرغم من ان سلاحه كان فقط فكره ولسانه، الا ان الأعداء عندما احتلوا الوطن وضعوه على رأس قائمة المطلوبين، فزجوا به في السجن لثماني سنين ورغم سنه ومرضه سيق أبشع صنوف التعذيب. أمثال رجب ابودبوس لا يموتون، بل هم أحياء عند ربهم يرزقون وبين الناس هم باقون بما تركوه من الصالحات الباقيات".

ومن جهته قال السياسي الليبي د. محمد جبريل، "ببالغ الحزن ننعي الفيلسوف والمناضل ا.د رجب ابودبوس أثر سكته قلبية فجر اليوم الجمعة، الفقيد كان قامة فكرية وسياسية وفلسفية قدم الكثير من المؤلفات والابحاث وصلت إلى درجة العالمية.. قضى في سجون الظلام بمصراتة 6 سنوات فقد فيها بصره. في حياته لم يحمل سلاحا غير سلاح الفكر والوعي اللهم اغفر له وارحمه وعوض الوطن فيه خيرا".

العارف لا يعرف

ويعتبر الأستاذ الدكتور رجب مفتاح منصور جبريل بودبوس -رحمه الله- من أبرز وأشهر المفكرين والأكاديميين الليبيين، كما أنه أبرز فلاسفة النظرية الجماهيرية وسلطة الشعب. 

حاصل على ليسانس فلسفة الجامعة الليبية بنغازي 1969، كما حصل على درجة الماجستير من فرنسا جامعة أيكسنبروفانس عن رسالة بعنوان التخيل 1973، ودبلوم دراسات معمقة d.e.a من فرنسا جامعة أيكسنبروفانس عن بحوث بعنوان أنطولوجيا الحرية 1976، وحاز على درجة الدكتوراه من فرنسا جامعة أيكسنبروفانس عن رسالة بعنوان الحرية 1977. 

شغل بودبوس عددا من الوظائف حيث عين رئيسا لقسم الفلسفة جامعة قاريونس 1977، وأمينا للجنة الشعبية للبحث العلمي جامعة قاريونس 1984، وأمينا للجنة الشعبية للشئون العلمية جامعة قاريونس 1985، وأمينا لمركز العلوم الإنسانية 1986، وأمين اللجنة الشعبية للإعلام والثقافة 1987-1990، ورئيسا ومنسقا للمدرج الأخضر 1991. 

ولديه عشرات المؤلفات من بينها:

-سلسلة مواقف من 1 إلى 14 بدأ بنشرها من عام1989 حتى عام 2005.

-في المنفى (رواية).

-ثلاثي المثالية 1976.

-محاضرات في النظرية العالمية الثالثة 1980.

-في الحل الاشتراكي 1982.

-نحو تفسير اجتماعي للتاريخ 1982.

-أخلاق الاجتماع 1990.

-محاولة في علم الثورة 1985.

-الدين والعقل 1988.

-الفوضوية 1989.

-تفسير اقتصادي 1989.

-الإسلام ومسألة الحكم 1993.

-سلسلة فلسفة الفلسفة في ثلاث كتب ما الفلسفة، مباحث الفلسفة، مشكلات الفلسفة 1995

-تبسيط الفلسفة 1996.

-محاضرات في الفلسفة المعاصرة 1996.

-نقد العقل الاقتصادي في ثلاثة أجزاء جزء الأول 2000 الجزء الثاني 2001 الجزء الثالث 2003.

-العولمة بين الأنصار والخصوم 2001.

-ماضي المستقبل صراع الهوية الوطنية 2001.

- في الطريق الثالث 2001.

 كما له عدد من الترجمات من بينها:

-الآلهة الجهنمية تأليف جان كوكتو 2002.

-في انتضار قودو تأليف صمويل بيكت 1971.

- قيام وانهيار القوى العظمى تأليف بول كندي.

-فكرة ما عن الجمهورية تأليف ج.شوفانمو 1993.

-اللعبة الكبرى تأليف هنري لورانس 1993.

-مدخل إلى الفلسفة تأليف جلبيرس 1994.

-الرأسمالية والاشتراكية تأليف البيرتيني.

-بعد الشيوعية سقوط الرأسمالية تأليف رافي بترا 1998.

-الولايات المتحدة قمة الانحطاط تأليف روجيه قارودي 1998.

-محاكة العولمية ج1 ج2 تأليف قولد سميث.

-بعد الامبراطورية تأليف أيمانول تود 2004.

-نهاية العمل مأزق الرأسمالية تأليف جير ريفيكين.

-الجزء الأول 2005 والثاني 2006.

في ديسمبر 2016 تم الإفراج عنه بعد ست أعوام قضاها في السجون بعد اعتقاله في أكتوبر 2011 بسبب ولائه للنظام السابق، ووفاته المنية في 11 فبراير 2022، رحم الله شهيد الفكر والكلمة رجب مفتاح ابودبوس.