تمكن الجيش الوطني الليبي، من دحر التنظيمات الإرهابية في مدينة درنة الساحلية، آخر معاقل الخروج عن الدولة في شرق البلاد. ووضعت القيادة العامة للقوات المسلحة خططا لنشر الأمن ومكافحة الإرهاب، لكن هذا يحتاج إلى جهود كبيرة في ظل تواصل وجود العناصر الارهابية وسعيها لاعادة نشر الفوضى والانقسام في هذا البلد الغني بالنفط.

إلى ذلك، شن سلاح الجو التابع للجيش الليبي، عصر الأحد 05 أغسطس 2018، غارة جوية استهدفت مواقع الجماعات الإرهابية في منطقة "المدينة القديمة" بوسط درنة.وأكد معاون آمر السرية الأولى الأبرق مشاة، الرائد صلاح بوطبنجات، أن الضربات كانت دقيقة ومحددة، واستهدفت مواقع الجماعات الإرهابية في منطقة المدينة القديمة، لافتا إلى أن إحدى طائرات السرب العمودي، قامت مساء السبت، بتوجيه ضربة لموقع تابع لبقايا الجماعات المتطرفة في المدينة القديمة أيضا حيث يتمركز عدد محدود من المتطرفين في آخر معقل له في درنة.

ويأتي هذا في اطار مواصلة الجيش الليبي لعملية تطعير المدينة بشكل كامل من العناصر الارهابية التي تحصنت في بعض الأوكار بمحيط المدينة القديمة.وكان القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، قد أمر في وقت سابق بمواصلة تعقب الإرهابيين في درنة حتى يعود الأمن إلى المدينة.

تعزيزات وإجراءات

وأرسل الجيش الوطني، الثلاثاء 31 يوليو 2018، تعزيزات عسكرية إلى مدينة درنة بهدف مساندة غرفة عمليات عمر المختار لتطهير المدينة وتأمينها. وأكدت شعبة الإعلام الحربي، التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، وصول وحدات اللواء 106 مجحفل، والكتيبة 210 مشاة إلى مدينة درنة، للمساعدة في تطهيرها من "الخلايا النائمة". وذكرت شعبة الإعلام الحربي في ليبيا، أن القوة العسكرية التي وصلت ستساعد في "ضبط الشارع العام، وتأكيد استتباب الأمن في مدينة درنة، وإرجاع هيبة الدولة، وتفعيل وتأمين مؤسساتها وأهدافها الحيوية، وتطهير المدينة من الخلايا النائمة".

وأكد المتحدث باسم القوات المسلحة الليبية العقيد أحمد المسماري اليوم الثلاثاء، أن المعركة العسكرية في مدينة درنة جزء من حرب شاملة علي الإرهاب في ليبيا ، لافتا إلى أنه تم تحرير المدينة من الإرهابيين خلال 40 يوما فقط. وأعلن المسماري خلال مقابلة مع قناة "اكسترا نيوز" الإخبارية، انتهاء المعركة العسكرية في درنة تماما، وبدء المعركة الثانية وهي المعركة الأمنية، مشيرا إلى أن القوات الليبية استطاعت من خلالها تحويل مدينة درنة من التوتر والقتال إلى منطقة شبه هادئة ، ثم من المقرر تحويلها من منطقة شبه هادئة إلى هادئة، ثم تحويلها إلى منطقة آمنة تماما.

من جهتها، طالبت الغرفة الأمنية العليا، المكلفة من القيادة العامة بتأمين درنة، المواطنين بـ"ضرورة التعاون معها"، والتجاوب مع قائدي المركبات الآلية "التي تحمل شعارها الرسمي في أثناء عمليات القبض على الخارجين عن القانون"، منوهة إلى "التنبه من الشعار الخاص بالمركبات المتخصصة للقبض عن المطلوبين". كما دعت الغرفة سكان المدينة وضواحيها، في بيان تلفزيوني بثته فضائيات محلية، إلى الإبلاغ عن "أي مركبة آلية لا تحمل شعار الغرفة، ويجب التعامل مع مستقليها على أنهم من جماعات إرهابية... والقانون في صفكم، والغرفة الأمنية معكم".كما تطرقت إلى المواطنين المطلوبين للجهات الأمنية، وقالت إن "العائلات التي تريد تسليم أبنائها المطلوبين، سيتم التحقيق معهم، وإن ثبتت براءتهم فسيطلق سراحهم، أو تتم محاكمتهم وفقاً للقانون".

وانتهت الغرفة الأمنية العليا إلى مطالبة عناصرها بمعاملة المواطنين بشكل إنساني في أثناء قيامهم بمداهمة منازلهم للقبض على أبنائهم المطلوبين، وذلك عقب تصاعد الشكوى من سوء المعاملة التي يلقونها من بعض المحسوبين على تلك الأجهزة.

جيوب إرهابية

ومازالت الجماعات الإرهابية تتحرك في المدينة وتطل برأسها في محاولة لتحقيق مكاسب جديدة، واندلعت اشتباكات مسلحة بين هذه الخلايا الارهابية وقوات الجيش الوطني. وأسفرت المواجهات عن مقتل القيادي والمسؤول العسكري عن مجلس شورى درنة المُنحل، أمين القبائلي. والقبائلي المُلقب بـ"الأبرص"، من مواليد 1987، وهو سجين سابق في سجن بوسليم عام 2006 لانتماءه لتنظيم القاعدة، وخرج من السجن في أغسطس 2011. ويُشتهر أمين بخبرته في صناعة المُفخخات والأسلحة للإرهابيين وكان يشغل مهام قيادي أحد محاور القتال في منطقة الظهر الحمر.

وقال مصدر محلي إن "الاشتباكات الجارية مع بقايا الأصوليين المتمركزين على أطراف درنة أسفرت أيضاً عن مقتل الناجي إدريس"، وأضاف أن المنصوري من مواليد 1995 ومن سكان منطقة الساحل الشرقي وهو من ضمن أعضاء المكتب الإعلامي لدى الشورى المنحل.

وأوضح أن المنصوري كان متواجدا مع شقيقه المتحدث الرسمي للشورى المنحل محمد المنصوري الشهير "ديسكا" من مواليد 1981 و صهرهم مالك هاشم القطعاني من مواليد 1994 وهو أدمن الموقع الإلكتروني المعروف باسم "درنة خط أحمر"، بالإضافة إلى "أبوعمر التونسي" من مواليد 1983 وبين المصدر أن منطقة "المدينة القديمة" ومحيطها لازالت تشهد اشتباكات بوتيرة متقطعة في آخر الجيوب التي لازالت تسيطر عليها العناصر الإرهابية.وذكر المصدر أن القوات المسلحة الليبية تحاصر الجماعات الإرهابية في منطقة المدينة القديمة ومحيطها في انتظار التعليمات الأخيرة لحسم معركة درنة بشكل كلي.

وأعلن معاون آمر السرية الأولى الأبرق مشاة، صلاح بوطبنجات أن بقايا الجماعات المتطرفة ما عادت تتواجد إلا في مساحه صغيرة جدا من الجزء الجنوبي الغربي من المدينة القديمة في درنة.وقال بوطبنجات في تصريح خاص لـ "بوابة إفريقيا الإخبارية"، إن حسم المعركة بات قريبا موضحا أن قوات الجيش تخوض اشتباكات متقطعة مع الجماعات المتطرفة مكنتهم من السيطرة على مساحات جديدة مشيرا إلى أنهم يتحفظون على الإعلان عنها حفاظا على حياة الجنود.

من جهته، قال مصدر أمني إن "بعض أفراد التشكيلات المسلحة، والجماعات الإرهابية التي فرت أمام ضربات الجيش الوطني في درنة خلال الأيام الماضية، بدأت في تجميع صفوفها، ولوحظت في (محور المغار)، وبعض الملاذات الأخرى، لكن قوات الجيش تصدت لهم، وقتلت بعضهم، فيما فر البعض الآخر.

وأضاف المصدر، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط"، أن "الجيش استعاد السيطرة على مدينة درنة، بما في ذلك مرافئها الحيوية، ويواصل تفتيش الجيوب الإرهابية، حتى يتم القبض على جميع الفارين"، لافتاً إلى أن "الأجهزة المعنية تحقق مع 3 قادة يترأسون أجهزة عسكرية في درنة، كانت كتيبة تابعة للجيش قد قبضت عليهم أخيراً"، دون الكشف عن تفاصيل أخرى.

يذكر أن مدينة درنة الواقعة على تخوم ليبيا الشمالية الشرقية سيطرت عليها جماعات مسلحة متطرفة منذ العام 2011، ولاحقا تقاسمت جماعتان النفوذ في المدينة، إحداهما توالي تنظيم "داعش" والأخرى مرتبطة بتنظيم "القاعدة".وفي صيف عام 2015 نشب قتال شرس بين مسلحي المجموعتين، وتمكن مسلحو ما يعرف بـ "مجلس شورى مجاهدي درنة" المرتبط بتنظيم القاعدة من طرد مسلحي "داعش" من المدينة.

وفي السابع من مايو الماضي، شنت قوات الجيش الليبي هجوما بريا للسيطرة على درنة بعد أن طوقت المدينة لمدة عامين.ونجحت في أيام معدودة في السيطرة على مناطق حيوية في محيط المدينة ودخلت إلى عدد من أحيائها.وفي التاسع والعشرون من يونيو الماضي، أعلن الجيش الليبي السيطرة على المدينة وتحيرها من قبضة الإرهابيين.

وقال المشير خليفة حفتر حينها عبر خطاب تلفزيوني: "نعلن بكل فخر تحرير مدينة درنة الغالية على كل الليبيين، وعودتها آمنة مطمئنة إلى أحضان الوطن، لتعم الفرحة كل أرجاء ليبيا"، محذراً من أن "تتحول ثروات ليبيا إلى مصادر تمويل للجماعات الإرهابية"، وموضحاً أن "العالم يمنع الجيش من التسلح، ويغض الطرف عن تلقي الإرهابيين السلاح".