في مؤشر جديد على تصاعد الأحداث في العاصمة الليبية طرابلس،أعلن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر فرض حظر بحري على الموانئ الواقعة غرب البلاد منذ مساء الأحد، في خطوة تهدف إلى منع وصول الأسلحة وقطع الإمدادات العسكرية للمليشيات المسلحة التي تسيطرعلى طرابلس منذ سنوات.

وقالت شعبة الإعلام الحربي التابعة للقيادة العامة للجيش في بيان نشرته على "فيسبوك"، إنه "تطبيقا لقرار القائد العام للجيش خليفة حفتر بقطع الإمدادات عن المليشيات في المنطقة الغربية، قرر رئيس أركان القوات البحرية اللواء، فرج المهدوي، إعلان حالة النفير لكامل القوات البحرية وإعلان الحظر البحري التام على كامل الموانئ البحرية في المنطقة الغربية".

ووفقا للبيان، فقد هدّدت القوات البحرية التابعة للجيش الليبي كل من يقترب من موانئ المنطقة الغربية بالضرب من حديد،في رسالة واضحة لأنقرة، للكف عن دعم التنظيمات الإرهابية في ليبيا، والتي تؤجج الاقتتال الداخلي، وتعرقل أي تسوية سياسية ممكنة.

وكان آمر إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة العربية الليبية، العميد خالد المحجوب، قال إن القوات البحرية تتابع بدقة أية خروقات قد تحدث.وفيما يتعلق بوصول معدات عسكرية يشتبه بأنها تركية إلى طرابلس، أكد المحجوب، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية، أنه "تم توثيق عمليات الوصول بالفيديو والصور، وأن العالم شاهد التدخل التركي بشكل رسمي في ليبيا، ما يعني أنها أصبحت طرفا رسميا في الأحداث، وأنه على لجنة العقوبات المعنية بليبيا متابعة النشاط التركي وخرق القوانين الدولية التي تقوم بها".

وتأتي خطوة الجيش الليبي الأخيرة بعد خروج الدعم التركي للمليشيات المسلحة والعناصر الارهابية للعلن،حيث وصلت،السبت، سفينة قادمة من ميناء "سامسون" التركي، محمّلة بأسلحة وذخائر متنوعة وآليات عسكرية إلى ميناء العاصمة طرابلس، حسبما وثقته صور ومقاطع فيديو التقطت على متنها، أظهرت كذلك لحظة تسلّم الشحنة من طرف كتيبة "لواء الصمود" التي يقودها المعاقب دوليّا صلاح بادي، وذلك استعدادا لعملية موسعة تستعدّ قوات حكومة الوفاق لها، للهجوم على الجيش الليبي ومنعه من تحرير العاصمة من الإرهاب.

وتضمّنت هذه الشحنة من العتاد الحربي، مدرعات من نوع “بي.أم.سي كيربي” التركية الصنع، وكمية من الصواريخ المضادة للدبابات، بالإضافة إلى بنادق قنص ورشاشات هجومية، وكميات من الذخائر والمتفجرات وقطع الغيار، وذلك في خرق صارخ لقرار مجلس الأمن الدولي المُتعلق بحظر الأسلحة المفروض على ليبيا بموجب الفصل السابع الصادر في العام 2011.

وبالرغم من تباهيها بهذه الامدادات العسكرية التركية،فإن خلافات حادة اندلعت بين الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق لدى توزيع هذه الإمدادات، التي تستهدف تعزيز القدرات على مقاومة عملية "الفتح المبين" للجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر.بحسب ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصدر عسكري.

وقال المصدر العسكري، الذي طلب عدم تعريفه،إن تسلم هذه الشحنة من أفراد الميليشيات تسبب في ظهور الاختلافات فيما بينهم لرغبة كل منهم في الحصول على العدد الأكبر.وتابع:"لم تتسلم كل الميليشيات المدرعات ومن الطبيعي أن مدينة مصراتة (غرب) كان لها نصيب الأسد وبعدها كتيبة النواصي التي تضم في صفوفها المتطرفين ثم ميليشيات أسامة الجويلي المسؤول عن المنطقة الغربية"، مشيراً إلى حدوث اشتباكات واحتجاج من ميليشيات الزاوية والأمازيغ وآخرين.

وجاءت هذه الشحنة الجديدة من الأسلحة التركية بعد أيام قليلة من تحذيرات أطلقها اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الليبي،كشف خلالها عن صفقة توريد اسلحة وقعها رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج مع تجار سلاح أوروبيين، مؤكدا أن شحنات الأسلحة المتفق عليها ستصل تباعا من الموانئ التركية إلى مينائي طرابلس ومصراتة.

وقلل الجيش الوطني في المقابل من أهمية الامدادات العسكرية التركية للمليشيات متوعدا بتدميرها،وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة في بيان له إن هذه المدرعات ليست ذات شأن سوى أنها دعاية إعلامية، لافتاً إلى أنها أصلاً كانت عربات مكافحة شغب وتمت زيادة تدريعها، وهي ليست في قوة الدبابات ومن الممكن القضاء عليها بمضادات الدروع، واعتبر أن كبر حجمها يسهل استهدافها، موضحاً أن هذه صفقة مشبوهة وضحك على الشباب وسيقاتلون في قبور متحركة وسيتركونها لأنها في الانسحاب بطيئة جداً.

لكن الأخطر من الأسلحة والعتاد الحربي،ما جاء على لسان العقيد ابوبكر البدري، أحد ضباط العمليات بالبحرية الليبية،الذي كشف أن الباخرة التركية أمزون التي رست قبل أيام بميناء طرابلس، كانت تحمل أعداد كبيرة من الإرهابيين بما فيهم عناصر تنظيم داعش الإرهابي.

وأضاف البدري، في إجاز صحفي نشرته غرفة عمليات الكرامة بالمنطقة الغربية، أن شحنة المدرعات التي أعلن عن وصوله إلى المجموعات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق، كانت للتغطية فقط عن الشحنة الحقيقية، التي قال إنها تتمثل في عدد كبير من عناصر التنظيمات الإرهابية الذي نقلتهم تركيا من سوريا إلى ليبيا، إضافة إلى كميات من الأسلحة الأخرى والذخائر، التي قدمتها تركيا كدعم لجماعة الإخوان والمجموعات المسلحة في العاصمة طرابلس.

وتصاعد مؤخرا الحديث حول مخطط تركي لنقل العناصر الارهابية من سوريا الى ليبيا،وكشفت تقارير ليبية وعربية، خلال الأيام القليلة الماضية؛ أنّ "السلطات التركية كثفت من عمليات تجميع العناصر الإرهابية الفارة من المعارك في سوريا، خاصة أفراد تنظيم "جبهة النصرة"؛ حيث شرعت في نقلهم جواً إلى الأراضي الليبية لدعم الميليشيات المسلحة المنتشرة في العاصمة طرابلس".

وكان وزير الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الهادي حويج،أكد في تصريح لصحيفة "العرب" اللندنية أنّ تركيا تسيّر رحلات جوية مباشرة إلى مدينة مصراتة لنقل مقاتلين من جبهة النصرة في سوريا.فيما كشف اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي، أنّ الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق، برئاسة فايز السراج "استخدمت مؤخراً طائرات دون طيار تركية الصنع".وأشار خلال مؤتمر صحفي إلى وجود "خط جوي وبحري مفتوح بين تركيا ومصراتة لنقل العتاد العسكري والإرهابيين إلى ليبيا".

وطرحت العمليات الارهابية المتكررة مؤخرا في الجنوب الليبي تساؤلات حول ارتباطها العمليات العسكرية في العاصمة الليبية طرابلس.فالهجوم الارهابي على بوابة حقل الزلة النفطي بليبيا الذي أفرز  مقتل شخصين ذبحا وخطف 4 أشخاص، فضلا عن الهجوم  الإرهابي على وحدة عسكرية للجيش الليبي في سبها جنوب البلاد،يلقي الضوء على جدية المخاطر الارهابية التي عادت للظهور في ليبيا بسبب عمليات نقل الارهابيين اليها دعما للمليشيات المسلحة.

وحملت وزارة الخارجية في الحكومة الليبية المؤقتة،في وقت سابق المجموعة الدولية، وخاصة لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي، مسؤولية استمرار تدفق الأسلحة والإرهابيين الأجانب لدعم  الميليشيات الموالية لحكومة السراج.

وأعربت في بيان لها، عن إدانتها للهجمة الإرهابية التي تقودها تركيا ضد الشعب الليبي وقواته المسلحة، مؤكدة في نفس الوقت أنها "لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الأعمال الإرهابية، وسوف تلاحق الجناة المعتدين أمام المحاكم الدولية للقصاص منهم ومعاقبتهم".

ويشن الجيش الوطني الليبي عملية "طوفان الكرامة"، عبر تحرك بدأه في الرابع من أبريل/نيسان الماضي،بهدف انهاء نفوذ المليشيات المسلحة التي تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس.ودفع تحرك الجيش الليبي بتيار الاسلام السياسي الى حشد مليشياته وسط دعم من عرابيهم الاقليميين تركيا وقطر وذلك في محاولة للابقاء على حالة فوضى المليشيات التي تمثل بوابة هذه الدول لنهب ثروات هذا البلد الممزق بالصراعات.

ويثير تقدم الجيش الليبي وسيطرته على مدن ومناطق عدة في ليبيا قلق أنقرة والدوحة، فالجيش أقسم على تحرير كل الأراضي الليبية من الإرهابيين.وتعد العاصمة طرابلس،آخر معقل لتنظيم "الإخوان" في ليبيا ومليشياتهم الارهابية، مما يعني نهاية هيمنتهم على القرار السياسي والمالي في ليبيا، سينتهي فور تحريرها.