يواصل الجيش الوطني الليبي معاركه في العاصمة الليبية طرابلس في محاولة للتقدم نحو تحرير المدينة بشكل كامل من سطوة المليشيات المسلحة التي تسيطر عليها منذ سنوات والتي تلقى دعما كبيرا من تركيا التي انخرطت في الصراع الدائر في طرابلس عبر دعم المليشيات بالسلاح وخاصة الطائرات المسيرة التي ارتكبت جرائم عديدة في ليبيا.

ويسعى الجيش الليبي الى الحد من خطر الطائرات التركية المسيرة وذلك عبر استهدافها في قواعدها،حيث أعلن المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة،اليوم الجمعة، عن قيام سلاح الجو العربي الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، بقصف مواقع بمطار زوارة وأبو كماش غربي البلاد، تأوي طائرات تركية مسيرة وذخيرتها.

وجاء في بيان المركز الإعلامي: "السلاح الجوي العربي الليبي، اليوم الجمعة الموافق 16أغسطس/آب،  يستهدف مواقع بمطار زوارة وذلك بضرب أحد الهناكر التي تأوي الطائرات التركية المسيّرة. كذلك قام بضرب هناكر تستخدم لإيواء الطائرات المسيرة وذخيرتها شرق منطقة أبوكماش بحوالي 1.5 كم. وبذلك نكرر أن أي مكان يتعامل مع أي جهة أجنبية يعتبر هدف مشروع للقوات الجوية العربية الليبية.

ووفقًا للمركز الإعلامي لعملية الكرامة فإن الغارة التي حدثت اليوم استهدفت نقاطًا محددة داخل المطار ولم تصب أي هدف مدني في المطار.وأشار المركز عبر صفحته على "فيسبوك" بأن الإصابات كانت مؤثرة وفاعلة.وأضاف المركز أن الأهداف التي استهدفتها طائرات الجيش الليبي عبارة عن أماكن لإيواء الطائرات المسيرة التركية التي نقلت إلى زوارة بعد استهداف وتدمير حظائرها في كل من طرابلس ومصراته.

وهذه ثاني ضربة تستهدف مواقع في مطار زوارة خلال الساعات القليلة الماضية،حيث أعلن الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري،في بيان صحفي،الخميس 15 أغسطس 2019، أنه تم استهداف مهبطاً تستخدمه طائرات "درون" التركية في مطار زوارة قرب الحدود التونسية ،واستهدف القصف الجوي مهبط المطار وبرج المراقبة لإيقافه عن العمل.

وقال المسماري،إنه "بعد جمع المعلومات عن حركة الطائرات التركية المسيرة تأكدنا أنها تستعمل هنقرين داخل مطار زوارة"، مشيرا إلى أن "طائرات سلاح الجو العربي الليبي قامت صباح اليوم الخميس 15 أغسطس بضرب الهنقرين وتسويتهما بالأرض وتم تفادي ضرب مهبط وصالة الركاب في المطار".وأضاف البيان أن "هذه رسالة إنذار لأي مكان يتواجد به أي تهديد لمقدرات شعبنا أو لوحدات قواتنا المسلحة العربية الليبية".

وانخرطت تركيا في الصراع الليبي منذ سنوات،ولكن معركة طرابلس التي انطلقت في الرابع من ابريل/نيسان الماضي كشفت بوضوح حقيقة الدور المشبوه الذي تلعبه أنقرة في دعم المليشيات.فمن تدفق سفن الموت المحملة بالأسلحة والمعدات العسكرية،مرورا بنقل العناصر الارهابية من سوريا والعراق نحو الأراضي الليبية،وصولا الى الطائرات المسيرة التي تسفك دماء الليبيين وتدمر بلادهم.

ومارست الطائرات المسيرة التركية التي تجول في الأجواء الليبية بتواطئ من حكومة الوفاق،جرائم كبرى في حق الليبيين وسفكت دماءهم على غرار استهداف احداها لعدد من السيارات المدنية بالقرب من محطة وقود السايح "شيل السايح" ،في الرابع من يوليو الجاري، مخلفة عددًا من القتلى والجرحى.وبينت شعبة الإعلام الحربي حينها عبر صفحتها بموقع "فيسبوك" أن استهداف المدنيين جرى باستخدام طائرات تركية وقطرية،معتبرة أن الاستهداف يعد انتهاك صارخ لحقوقهم واستمرار لمسلسل الانتهاكات.وبثت شعبة الإعلام الحربي تسجيلا مصورًا يظهر تعرض عددا من السيارات للاحتراق والتدمير جراء القصف.

كما ارتكب الطيران التركي بدون طيار الذي تستعين به مليشيات طرابلس في ترهونة الليبية ما وصفه المجلس البلدي للمدينة بـ"جرائم حرب محرمة دوليا".وأدان المجلس مطلع يوليو الجاري، استهداف الطيران التركي لمنازل المدنيين، لافتا إلى سقوط عدد من الضحايا بينهم أطفال ونساء بسبب قصف الطائرات التركية المسيرة لمنازل المدنيين.

ويتهم الجيش الليبي، دولة تركيا، بقيادة المعارك في المنطقة الغربية لصالح الميليشيات المسلّحة المدعومة من حكومة الوفاق، عن طريق دعمها بالأسلحة والمعدات العسكرية وكذلك الطائرات المسيّرة، وأكد الجيش الليبي أن تركيا وفّرت غطاءً جوياً لميليشيا الوفاق خلال اقتحام مدينة غريان، وكان نقطة تحوّل أمالت الكفّة لصالح هذه المليشيات.

وفي غضون ذلك،يواصل الجيش الليبي تقدمه على الأرض حيث أعلن المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة أن القوات المسلحة العربية الليبية أجبرت قوات الوفاق على التراجع في منطقة الكسارات جنوب طرابلس.وأوضح المركز أن القوات المسلحة كبدت قوات الوفاق بقيادة أسامة الجويلي خسائر كبيرة 

ونقل موقع "ار نيوز" الاخباري عن مصدر عسكري مقرب من عمليات المنطقة الغربية،إن "قوات الجيش بدأت في تنفيذ إحدى المهام الكبيرة في محور العزيزية وفق ما خطط له من قبل غرفة العمليات، وحسب توجيهات القائد العام المشير حفتر".وأضاف المصدر:"أصيب عدد من المسلحين في صفوف الميليشيات،خلال المواجهات مع الجيش في محور مطار طرابلس منهم القيادي المليشياوي عبدالله بادش الشهير بالجن والمنتمي لمدينة مصراتة".

وكانت قوات الجيش الليبي قد سيطرت على منطقة الهيرة جنوب طرابلس فيما انسحبت قوات الوفاق من المنطقة،فجر الخميس بحسب ما نقلت "العربية" عن مصادر مطلعة.وجاء ذلك بعدما استهدف الجيش الليبي مقر اللواء الرابع بمنطقة العزيزية جنوب طرابلس، وجاء الاستهداف لمجموعة من قوات الوفاق متجهة لجنوب العاصمة الليبية.

من جانب آخر، شنت قوات الجيش عمليات عسكرية في عدة مواقع من محاور القتال المختلفة في طرابلس.وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، إن "مجموعة مؤيدة للجيش نفذت عملية نوعية استهدفت فيها قناصين كانوا موجودين فوق إحدى العمارات بشارع السدرة وتم قتلهم".وأوضحت صفحة المركز الإعلامي على "فيسبوك" أن "قوات الميليشيات، وكردٍ على عمليات القوات الموالية للجيش، أشعلت النار في منازل لعسكريين منتسبين للجيش الوطني من أبناء مدينة طرابلس".

وحذّرت القيادة العامة للجيش الليبي ،من تواصل حملات الإعتقال والتعذيب وسرقة وحرق الممتلكات والتي تطال المؤيدين للجيش والضباط والعسكرين داخل العاصمة.و أكدت القيادة العامة أنها تتابع عن قرب من خلال تقارير دورية فورية يتم رصدها لهذه الانتهاكات و العمليات الانتقامية ،مشيرة أنها ستُحاسب كل من تلوثت يداه وكان طرفاً في هذه الإنتهاكات. 

وفي وقت سابق، تحدثت عدّة تقارير حقوقية عن أنّ الجماعات المسلحة في ليبيا تقتل وتعذب المحتجزين في سجون تضم آلاف المدنيين المحتجزين بشكل غير قانوني وتخضع لسيطرة حكومة الوفاق الوطني.وكانت شعبة الإعلام الحربي بالقيادة العامة للقوات المسلحة قالت في يونيو الماضي، إن "قوات (الوفاق) تشن حملات خطف واعتقالات في صفوف النشطاء، والصحافيين والإعلاميين والمدونين، بعد دعواتهم للترحيب بالقوات المسلحة داخل العاصمة، ومطالبتهم بإنهاء زمن الفوضى بوجود الجيش والشرطة"، وطمأنت سكان بالعاصمة بأنها "ستردّ حق أبنائهم وستعيدهم لأهلهم سالمين".

وتواجه المظاهرات السلميّة في العاصمة الليبية طرابلس،بالرصاص الحيّ، لاسيّما إذا ما تجرّأت جموع المتظاهرين على المطالبة بإخراج جميع التشكيلات المسلحة غير الشرعية من العاصمة طرابلس.ويتعرض كل من يخالف المليشيات للإختطاف أو الإعتقال التعسفي أو القتل دون رادع في ظل غياب سلطة الدولة والقانون.

ووفق مراقبين فإن حوادث الاختطاف والاعتقالات التعسفية وسياسة تكميم الأفواه في ظل الانفلات الأمني الكبير الذي تشهده العاصمة الليبية طرابلس،باتت تؤكد على ضرورة تحريرها من قبضة الميليشيات المسلحة  التي مثلت كابوسا أرهق الليبيين طيلة سنوات والتي ساهمت في اطالة أمد الأزمة في البلاد.

وفي وقت سابق، أفادت مصادر ليبية بأن قائد الجيش الوطني الليبي، خليفة حفتر، رفض محاولات تمديد هدنة وقف إطلاق النار في العاصمة طرابلس، لافتة إلى أن حفتر عقد اجتماعاً موسعاً بقادة قواته في مختلف محاور القتال مؤخراً، وذلك في إطار مراجعة ما تم تحقيقه ميدانياً منذ انطلاق العملية العسكرية لتحرير طرابلس في الرابع من نيسان/أبريل الماضي، والاطمئنان على مدى استعداد قوات الجيش.

وكانت حكومات فرنسا وإيطاليا والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة، قد دعت في بيان مشترك، الاثنين، "جميع الأطراف في ليبيا لبدء العمل للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، واستئناف الجهود الرامية إلى بلورة حل سياسي دائم".وذلك بعد الهدنة التي أطلقتها البعثة الأممية بمناسبة عيد الأضحى والتي صمدت بالرغم من الخروقات التي شهدتها من جانب المليشيات المسلحة.

ومنذ الرابع من أبريل، تشن قوات الجيش الليبي هجوما على طرابلس، بهدف تطهيرها من الميليشيات المتطرفة والمسلحين المتحالفين معها.وبعد تقدم سريع تقف قوات الجيش على أبواب العاصمة، بمواجهة الميليشيات المدعومة أيضا من مجموعات مسلحة في مدينة مصراتة.وتدور معارك يوميا في الضاحية الجنوبية للعاصمة، وكذلك في جنوبي المدينة.