لم تعد مهمة القوات العسكرية الجزائرية الموجودة على الحدود مع ليبيا تتعلق فقط بمنع تسلل “الجهاديين”، فقد أصبحت تخوض أيضًا حربًا يومية ضد مهربي السلاح الذين ينقلون أسلحة فردية من ليبيا لبيعها في الجزائر.
وتشير تحقيقات أجهزة الأمن الجزائرية إلى أن الجزائر باتت سوقا رائجا لهذه النوعية من الأسلحة، حيث يزداد الطلب على الأسلحة الفردية.

وقد نظرت محكمة الجنايات بمحافظة ورقلة (800 كلم جنوب العاصمة الجزائر) قبل أيام في قضية تهريب أسلحة فردية من ليبيا أدين فيها 7 أشخاص، وحكم عليهم بالسجن مددا تراوحت بين 15 و20 سنة، كما يمثل دوريًا متهمون بتهريب أسلحة من ليبيا إلى الجزائر أمام المحاكم.

وفي هذا السياق يقول المحامي الجزائري، صخار توفيق، الذي رافع في قضايا اُتهم فيها أشخاص بتهريب أسلحة من ليبيا إلى الجزائر: “في الجزائر يمنع القانون تجارة الأسلحة الفردية، ويحصرها في نطاق ضيق، وهو ما يجعل عمليات تهريب السلاح من ليبيا تجارة رائجة تزداد نموًا واتساعًا رغم التضييق”.

وأرجع صخار، السبب في رواج هذا النوع من التجارة غير المشروعة إلى “حاجة الناس للحماية التي توفرها الأسلحة الفردية”.

ويرى المحامي صخار أن “القانون الجزائري في مجال تجارة السلاح هو المسؤول عن تزايد عمليات التهريب؛ لأنه لم يفتح الباب أمام تجارة شرعية للسلاح تخضع لرقابة الحكومة”.

ويضيف: “في الجزائر يمنع حمل السلاح الفردي إلا بوجود ترخيص يصدره المحافظ (الحاكم الإقليمي) أو وزير الداخلية، وهو ما يعقّد الحصول على السلاح الفردي بالنسبة إلى الأشخاص المحتاجين للحماية”.

من جانبه اعتبر بوسلي علي، وهو أحد الجزائريين القلائل الذين يحملون رخصة لإصلاح السلاح، أن “سبب عدم تطور القانون الجزائري في مجال تشريع حمل السلاح الشخصي يعود إلى تجربة الإرهاب والأزمة الأمنية التي شهدتها الجزائر عام 1991″.

ويوضح علي: “في الجزائر يسمح القانون بحالة واحدة هي إصلاح أسلحة الصيد” مشيرا إلى أنه “في عام 1994 صادرت الحكومة أغلب أسلحة الصيد من الجزائريين خوفا من وقوعها في يد الجماعات الإسلامية المسلحة ولم يجد سكان الريف من بديل لأسلحتهم غير أسلحة مهربة من مالي أو ليبيا”.

ولفت إلى أن عمليات تهريب الأسلحة عبر الحدود بين الجزائر وليبيا تحولت من نشاط موجه لتوفير السلاح والذخائر لصالح الإرهابيين إلى نشاط موجه لتزويد السوق المحلية في الجزائر بالسلاح غير المرخص والذخائر.

سماحي عبد الباقي، أحد أعيان منطقة تمنراست بأقصى الجنوب الجزائري، يعتقد أيضا أن “الإقبال يتزايد على تهريب السلاح في الجنوب الجزائري وعلى اقتناء السلاح الفردي المهرب من ليبيا”.

ويقول عبد الباقي إن “تزايد الإقبال على شراء السلاح المهرب أدى إلى تنشيط عمليات تهريب السلاح عبر الحدود بين الجزائر وليبيا”.

مصدر أمني جزائري، فضّل عدم الكشف عن هويته، قال بدوره: “تقدر مصالح الأمن الجزائرية عدد قطع السلاح التي تنتشر في بيوت الجزائريين وهي دون ترخيص بأكثر من 10 آلاف أغلبها بنادق صيد ومسدسات، ومع الانتشار الواسع لقطع السلاح غير الشرعي في الجزائر ظهر نوع جديد من التهريب هو تهريب الذخيرة”.

ويقول المصدر ذاته إن “مجموعة من المهربين تنشط في تهريب الرصاص أو الذخيرة خاصة مع تزايد انتشار السلاح الفردي”.

وأشار إلى أن “عددًا مهمًا من الشحنات التي تم حجزها على الحدود تضم كميات مهمة من الذخيرة، حيث يتزايد الطلب على الذخيرة من فئة برابلوم أو 9 ملم؛ لأنها الأكثر استعمالا في الجزائر من قبل مالكي الأسلحة الفردية”.

مصدر أمني آخر أكد أيضا وجود “شبكات منظمة تضم ليبيين وجزائريين تعمل على تأمين تهريب السلاح عبر الحدود بين الجزائر وليبيا، وبينما يقتني مهربو المخدرات الرشاشات من نوع كلاشنكوف يتجه مربو المواشي لشراء بندقية سيمونوف الروسية”.

ولا تزال حادثة شباط 2014 عالقة في أذهان الجزائريين، حيث نفذت مجموعة من قطّاع الطرق كان بينهم أحد أقارب القيادي في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، عبدالحميد أبو زيد، والذي قتل في حرب مالي، عملية سطو مسلحة جريئة استولت خلالها على سيارتي دفع رباعي من شركة تابعة لمجموعة سوناطراك الحكومية في مكان صحراوي غير بعيد عن القاعدة النفطية “تيافتي” في الطريق بين محافظتي إليزي وتمنراست، وتمت العملية باستعمال رشاشات من نوع كلاشنكوف تم تهريبها من ليبيا، حسب ما كشفته مصادر محلية وأمنية.