تشهد الأوضاع في ليبيا وتحديدا في منطقة الجنوب توترا كبيرا ينذر باندلاع صراع مسلح بين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر وقوات حكومة الوفاق الليبية بقيادة فائز السراج، وذلك في ظل التصعيد الذي تشهده هذه المنطقة. 

وقبل أكثر من أسبوعين، أطلق الجيش الوطني الليبي عملية عسكرية، قال إنها تهدف إلى تحرير الجنوب من العصابات الأجنبية المسلحة من التنظيمان الإرهابية. 

وعلى الرغم صمت السلطات في طرابلس، على أزمات الجنوب، فإن تحرك الجيش الليبي ودخوله مدينة أوباري واقترابه من حقل الشرارة النفطي، دفع حكومة الوفاق لارسال قوات وتعزيزات تحت ذريعة حماية الجنوب الليبي. وفي تصعيد جديد، تقدم القائم بأعمال مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة المهدي المجربي، بشكوى إلى رئيس مجلس الأمن الدولي ضد القيادة العامة للقوات المسلحة. 

وأوضح المجربي، أنّ سبب شكواه هو أنّ طائرة حربية تابعة لسلاح الجو الليبي التابع للقيادة العامة للقوات المسلحة، نفّذت غارة جوية قرب أحد المهابط في حقل الفيل النفطي بالجنوب الليبي. وأضاف القائم بالأعمال الليبي، أنّ حكومة بلاده تطالب مجلس الأمن الدولي، باتّخاذ إجراءات عاجلة، لوقف مثل هذه الأعمال وبشكل فوري، وضرورة إلزام الأطراف الليبية كافة بتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن ذات العلاقة بليبيا، حسب تعبيره. 

وجاء ذلك، عقب غارة جويّة تحذيريّة نفّذها سلاح الجو الليبي شمال مدرج طيران حقل الفيل النفطي، جنوب غرب مدينة أوباري، وذلك تنفيذًا للأوامر الصادرة عن غرفة عمليات سلاح الجو الليبي الخميس الماضي بأن أي طائرة كانت عسكرية أو مدنية، سيتم التعامل معها، كهدف معادٍ سواء استخدمت المطارات أو المدارج المعتمدة أو المهابط الترابية. وسارع المجلس الرئاسي لحكومة السراج، لاصدار بيان إعتبر فيه أن قيام سلاح الجو، التابع للجيش الوطني، بتحذير الطائرة واستهدافها، يعد عملاً إرهابياً لا تسمح بارتكابه جميع القوانين والمعاهدات الدولية، وتعتبره جريمة ضد الإنسانية. وزعم البيان أن القصف أصاب مدرج المطار والبنية التحتية لحقل الفيل، أحد حقول النفط الرئيسية في جنوب غربي البلاد، وأحد مصادر رزق الليبيين، مؤكدا أنه تم اتخاذ ما وصفه بـ"خطوات إجرائية وقانونية لمواجهة هذا العبث المدمر"

كما أصدر توجيهاته لوزارة الخارجية لعرض هذا التجاوز الخطير الذي يستهدف حياة المدنيين على مجلس الأمن الدولي. وفي المقابل، اتهمت لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في مجلس النواب الليبي، في بيان لها، الأحد، المندوب الليبي في مجلس الأمن بـ"الإساءة" إلى الجيش الوطني الليبي، وطالبته بسحب الرسالة المؤرخة يوم الـ9 من شباط/فبراير الحالي، والتي "يدعو فيها مجلس الأمن إلى حماية مجموعات أجنبية ومتشددة مسلحة محتلة لرقعة جغرافية من ليبيا. 

وأكدت اللجنة، أن "تلك الرسالة تؤسس لمبدأ خطير، مبني على مصالح ضيقة ومغالطات، وتجسد الغدر ورخص المواقف والكذب"، حسب ما نقلته وسائل إعلام ليبية. وأعربت اللجنة عن "أسفها الشديد لنسيان الانتماء لليبيا، وتمرد المندوب وعدم احترامه للتشريعات الليبية النافذة من مجلس النواب المنتخب، وخروجه على تشريعات مجلس النواب المعترف به من الأمم المتحدة"

وتأتي هذه التطورات في وقت يواصل فيه الجيش الليبي تقدمه في جنوب ليبيا، حيث تمكن تمكّن من السيطرة بشكل كامل على بوابة "أمّ الأرانب" الاسترتيجية، بعد معارك عنيفة مع الميليشيات التشادية المسلّحة. وأعلنت الكتيبة 128 مشاة، التابعة للجيش الوطني الليبي، مساء الأحد أن قوات الجيش الوطني الليبي، سيطرت بالكامل على بوابة أم الأرانب، التي تعدّ إحدى أهم النقاط التي كانت تستخدم من قبل الميليشيات المسلحة في جنوب البلاد. وأفادت الكتيبة أن القوات المسلحة، تمكنت بعد مواجهات محتدمة من دحر الميليشيات التشادية من المنطقة التي تقع، إلى الشمال الشرقي من مرزق بنحو 93 كلم وإلى الجنوب من سبها بنحو 173 كلم. 

واعتبر مراقبون إنّ السيطرة على بوابة "أمّ الأرانب"، يشكّل تحوّلا غير مسبوق في حرب تحرير الجنوب الليبي، ما قد يسرّع بحسم المعارك مع الجماعات المسلّحة خلال أيام. وقال الجيش الوطني الليبي، في وقت سابق الأحد، إنه خاض معارك عنيفة قرب حقل "الفيل" النفطي جنوب غرب ليبيا، وسط تحقيقه تقدمًا، هو الأكبر منذ بدء عملياته العسكرية بالجنوب. وأكدت "كتيبة طارق بن زياد المقاتلة" التابعة للجيش الليبي، في بيان لها، أن "القوات المسلحة تتقدم بخطى ثابتة نحو مواقع الجماعات المتشددة. 

ونقل موقع "ارم نيوز"، عن مصدر عسكري ليبي، أن قوات الجيش الوطني الليبي وجهت ضربات جديدة للجماعات المسلحة، فجر الأحد، موقعة في صفوفها خسائر بشرية ومادية. ووصف المصدر الضربات بـ"الموجعة"، مشيرًا إلى استعادة الجيش الليبي "ما لا يقل عن 3 مواقع استراتيجية هامة صباح الأحد، من الميليشيات التشادية المتحالفة مع داعش والقاعدة". وأكد المصدر العسكري الليبي أن قوات الجيش الليبي "تواصل عملياتها بوتيرة متصاعدة"، مشيرًا إلى أن "عمليات الجيش الليبي تلقى تعاونًا وترحيبًا واسعين من قبل الأهالي"

ولفت إلى أن "الأسبوع الحالي سيكون حاسمًا على صعيد القضاء على الجماعات والتنظيمات المتطرفة". وتهدف تحركات الجيش الليبي الى دحر التنظيمات الارهابي والعناصر الاجرامية بما يضمن أمن ليبيا والمنطقة عموما. وكانت مجلة "ناشونال انترست" الأمريكية، أوضحت في تقرير نشرته منذ أيام، أن أمن ليبيا يؤثر على المناطق المجاورة، خاصة مصر، والسودان، وتشاد، والجزائر، وبالتالي تظهر أهمية العملية العسكرية التي يشنها الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر. ويثير تقدم على الأرض الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في جنوب البلاد، مخاوف في أوساط تيار الاسلام السياسي والمليشيات الموالية له، من احتمال توجه الجيش الليبي لدخول طرابلس وتحريرها من سيطرة المليشيات. وتتصاعد هذه المخاوف مع تزايد الدعم لشعبي لعمليات القوات المسلحة الليبية وذلك بعد أن مل المواطن من حياة الفوضى وغياب سلطة الدولة.