تزداد المخاوف من محاولات تنظيم داعش الإرهابي، تنظيم صفوفه من جديد،بعد أكثر من عامين على دحره في معقله الرئيسي مدينة سرت الساحلية في ديسمبر 2016، على أيدي قوات "البنيان المرصوص" التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس،بدعم من طيران القوات الأميركية في أفريقيا.

وترتفع مستويات المخاطر الإرهابية خاصة في مناطق الجنوب الليبي،حيث تنتشر العناصر الإرهابية التي تستغل حالة الفراغ الأمني،وحدود البلاد المفتوحة نتيجة ضعف الرقابة لتهدد بهجمات إنتقامية تسعى من خلالها لبث الخوف. 


** نزوح

ويثير وجود العناصر الإرهابية مخاوف كبيرة لدى السكان في مدن الجنوب،وخاصة بعد الهجوم الإرهابي الأخير الذي إستهدف بلدة الفقهاء،حيث قال مفتاح بو خليل عميد بلدية الكفرة في ليبيا، إن الأهالي الذين نزحوا من منطقة الجفرة، تركوا منازلهم لأسباب عدة.

وأضاف بو خليل في تصريحات إلى وكالة "سبوتنيك" الروسية، أن تنظيم "داعش" استهدف المنطقة بالتحديد لمشاركتهم في عملية القبض على الإرهابي جمعة النوفلي، أحد أمراء التنظيم، خاصة أن أبناء المنطقة من العسكريين شاركوا في العملية، فيما أدلى الأهالي بمعلومات عنه ساهمت في القبض عليه وتسليمه لرجال الأمن.

وتابع بو خليل أن بعض الأسر نزحت إلى مناطق أخرى خشية استهدافها مرة ثانية من قبل عناصر التنظيم، خاصة أنه عرض مقايضة جمعة النوفلي ببعض المخطوفين لديه..

وأوضح أن بلدة الفقهاء، التي تقع جنوب الجفرة بوسط ليبيا، وأن مركز الشرطة الموجود بها يصعب عليه التأمين الكامل، خاصة أن حوادث الإرهاب لا يمكن منعها بشكل كامل، إلا أن جميع الوحدات العسكرية في المنطقة تعمل على مطاردة الإرهابيين بالمنطقة وجبال الهاروج حيث يختبؤون فيها   عناصر التنظيم الفارين من درنة وسرت.

وكان عميد بلدية الجفرة عثمان حسونة،قال بأن أهالي بلدة الفقهاء بدأوا يهجرون منازلهم تباعا بعد حادثة الهجوم الذي نفذه تنظيم الدولة على بوابة الفقهاء اليومين الماضيين.

وأكد حسونة في تصريحات تلفزيوني،الجمعة 02 نوفمبر 2018، نزوح عدد من العائلات إلى مناطق هون وزلة وسوكنة، مشيرا إلى عدم اتخاذ أي إجراءات من قبل الدولة لتعويض المتضررين، وفق قوله.


** جريمة الفقهاء 

وكان تنظيم "داعش" الإرهابى قد نفّذ،جريمة جديدة تنضاف إلى سجله الدموي ي ليبيا،ففي التاسع والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول، هاجمت نحو25 مركبة مسلحة لعناصر التنظيم مركز شرطة الفقهاء بمنطقة الجفرة.وبحسب بيان المجلس البلدي للجفرة وقتها، فقد أسفر الهجوم عن حرق عدد من المنازل وقتل 4 مواطنين، وخطف عدد آخر لم يحدد من شباب المنطقة.

وقال"داعش" في بيان نشرته وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم،"إن مقاتليه تمكنوا من إيقاع عناصر مركز شرطة بلدة الفقهاء بين قتيل وأسير وإحراق المركز، ثم أسروا مطلوبين في البلدة وأحرقوا منازلهم".وأوضح التنظيم،"أن انتحاريًا تابعًا له فجر سيارته المفخخة عند حاجز تفتيش الـ400 على طريق الجفرة – سبها، تبع ذلك هجوم لمقاتلي التنظيم ، قتلوا خلاله من نجى من التفجير.

والفقهاء منطقة من مناطق الجفرة وتقع جنوب مدينة هون بحوالي 200 كيلومتر، وسبق أن هاجمها تنظيم داعش في أكتوبر 2017 وقتل 14 شخصًا بين عسكريين ومدنيين ذبحًا بالسكاكين.

ويأتي هذا الهجوم الذي أعلن التنظيم الإرهابي مسؤوليته عنها،على خلفية القبض على أحد أبرز أمراء التنظيم في ليبيا وهو القيادي جمعة القرقعي،والذي قبض عليه الأهالي وسلموه لقوات الجيش الليبي منتصف أكتوبر/تشرين الأول،وذلك بعد القبض على هشام عشماوي الإرهابي المصري بمدينة درنة.

وقاد القرقعي عدة هجمات إرهابية في وقت سابق، أبرزها العملية التي وقعت في عام 2016، حيث قادت مجموعته الهجوم على شركة أوستايل التركية وكانت تعمل بين البريقة ورأس لانوف النفطيتين، وذبح ثلاثة من حراسها في ذلك الوقت، كما قاد الهجوم على حقول المبروك والباهي والظهرة، بحسب تأكيد مصادر ليبية.

وقالت بعثة الأمم المتحدة للدّعم في ليبيا، إن مقاتلين تابعين لتنظيم الدولة ، نفذوا في 28 أكتوبر هجوماً على منطقة الفقهاء في ما يبدو أنه عملية انتقامية؛ بسبب اعتقال أحد مقاتلي التنظيم في 15 من الشهر ذاته في البلدة، وبسبب تعاون الأهالي مع الجيش الوطني الليبي.وأضافت البعثة، أن مقاتلي التنظيم أطلقوا النار،على شخصين داخل منزليهما وأردوهما قتيلين، وقاموا بسحب رجلين آخرين إلى الخارج وإعدامهما على الملأ أمام جمع من الناس.


** صعوبات

وأعلن المجلس البلدي الجفرة،الخميس،أن "الفقهاء" منطقة منكوبة بعد تعرضها للهجوم الإرهابي من جانب تنظيم داعش.وقال المجلس إنه وضع خطّة ؛ لإعادة تأهيل وإعمار الأماكن والمقرّات التي تضرّرت من الهجوم ، مؤكدا تشكيل لجنة ، لمتابعة أوضاع المواطنين وحصر وتقييم الأضرار بالممتلكات الخاصّة والعامة.

وعقد المجلس البلدي اجتماعًا،لمناقشة آخر المستجدّات بمنطقة الفقهاء بعد تعرّضها للهجوم الأخير، إلى جانب الأوضاع الأمنيّة بمنطقة الفقهاء والجفرة بشكل عام.وشدّد المجتمعون على ضرورة تنفيذ جميع التدابير الأمنية اللازمة؛ للحفاظ على الأمن والاستقرار.ودعا المجلس فى بيانه،كل الجهات المسؤولة بالدولة لتقديم المساعدة الممكنة لتأمين حياة المواطنين وتحقيق الاستقرار في مدن بلدية الجفرة.

وفي غضون ذلك،التقى رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج وفداً عن مدينة الكفرة ضم عضو المجلس الأعلى للدولة ا السنوسي القمي، وعميد البلدية عبدالرحمن عقوب، ورئيس مجلس الحكماء محمد الصوصاع، وعدد من حكماء وأعيان المدينة، ومدراء عدد من المرافق الخدمية، وذلك بحضور وكيل وزارة الصحة محمد هيثم.

وأستعرض وفد الكفرة خلال اللقاء الذي عقد الخميس بمقر المجلس بطرابلس،الصعوبات التي تواجه عدد من المرافق الحيوية في المدينة، حيث أكد السراج حرصه على ايجاد حلول عاجلة لتلك المشاكل وتقديم الدعم اللازم للبلدية للقيام بواجباتها على اكمل وجه.وطالب السراج وكيل وزارة الصحة بتوفير احتياجات المستشفى العام بالمدينة من أجهزة ومستلزمات طبية.

وبعدما تقطعت أوصاله في العراق وسوريا،تشير العديد من التقارير إلى أن تنظيم داعش الارهابي يعيد لملمة شتاته، ويتحضّر لمعركة مقبلة، ساحتها القارة الأفريقية، مستفيداً من الانقسام السياسي والفوضى الأمنية في ليبيا تحديداً،حيث تمثل بيئة مناسبة للتمركز رغم الخسائر السابقة.

ويعيش الجنوب الليبي وضعا أمنيا مترديا،حيث شهدت الفترة الأخيرة تصاعد نشاط العصابات الأجنبية التي تمارس الخطف والسرقة والتهريب.وسبق أن حذّر آخر تقرير لخبراء الأمم المتحدة في ليبيا من خطر جماعات المعارضة المسلحة التشادية والسودانية، مُشيراً إلى أنها تطمح لزيادة وجودها في ليبيا سعيا وراء الربح.

ويتصاعد الخطر في الجنوب الليبي،حيث يؤكد مراقبون أن المنطقة تحولت الى  ساحة لتواجد العصابات الأجنبية التشادية والسودانية إضافة إلى المنظمات الإرهابية كالقاعدة وداعش،وتشير عدة تقارير إلى تحالف هذا الخليط من التنيمات لزعزعة إستقرار ليبيا والمنطقة ككل،وهو ما بات يمثل تحديا كبيرا يفرض على الأطراف الليبية الوصول لتسوية شاملة وإرساء سلطة موحدة قادرة على مواجهة هذه المخاطر.