رحب الرئيس السوداني عمر البشير السبت بقرار المحكمة الجنائية الدولية تعليق تحقيقاتها حول الاتهامات بارتكاب جرائم حرب في دارفور متهما اياها بمحاولة "اذلال" بلاده.

والبشير مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية للاشتباه بدوره في جرائم حرب في اقليم دارفور (غرب) حيث كانت حكومته تحاول وقف تمرد منذ العام 2003.

وقال البشير في خطاب القاه في الخرطوم "إن ايقاف مدعية المحكمة الجنائية محاولة التحقيق في ملف دارفور يعود إلى موقف الشعب السوداني الرافض للإذلال والتركيع" كما نقلت عنه وكالة الانباء السودانية الرسمية.

وكانت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية اعلنت تعليق تحقيق حول الاتهامات بارتكاب جرائم حرب في دارفور، منتقدة سلبية مجلس الامن الدولي حول الوضع في هذه المنطقة الواقعة غرب السودان والتي تشهد اعمال عنف.

وصرحت فاتو بنسودا امام مجلس الامن الجمعة "لا خيار لدي سوى تعليق التحقيق في دارفور"، موضحة انها "ستخصص الموارد للملفات الطارئة الاخرى".

وحذرت بنسودا التي رفعت تقريرها العشرين حول دارفور، من ان الاتهامات بحق البشير وثلاثة مسؤولين اخرين ستظل حبرا على ورق ما لم يتحرك مجلس الامن الدولي في هذا الصدد.

كما ذكرت أنها قررت حفظ التحقيق المتعلق بدارفور بسبب عدم وجود تأييد من مجلس الأمن الدولي وهو الجهة القادرة على اتخاذ اجراءات قسرية يمكن ان تجبر البشير والمتهمين معه على المثول امام المحكمة.

وقال البشير في كلمة اتسمت بالتحدي انهم ارادوا اذلال السودان امام المحكمة الجنائية الدولية لكن المحكمة رفعت يديها وأقرت بالفشل. وأضاف أن الشعب السوداني هزم المحكمة الجنائية الدولية ورفض تسليم أي سوداني لمحاكم "الاستعمار".

ووجهت المحكمة اتهامات أيضا لوزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين ولوزير الداخلية السابق أحمد هارون وزعيم ميليشيا الجنجويد علي قشيب.

ولم يعتقل أي منهم ووفرت الصين وهي عضو دائم بمجلس الأمن الدولي الحماية للسودان من التعرض لمزيد من الاجراءات في المجلس المؤلف من 15 عضوا.

وقالت بنسودا إن عدم تحرك مجلس الامن "سيشجع الجناة فحسب على مواصلة وحشيتهم." وأضافت "لم يعد أمامي من خيار سوى وقف مجريات التحقيق في دارفور وقد حولت الموارد إلى قضايا أخرى ملحة خصوصا تلك القضايا التي اقترب موعد المحاكمة فيها."

وياتي قرار بنسودا وسط صعوبات متزايدة تواجهها المحكمة الجنائية الدولية التي اسقطت التهم بارتكاب جرائم حرب عن الرئيس الكيني اوهورو كينياتا الاسبوع الماضي.

كما دعا الرئيس الاوغندي يويري موسيفيني الجمعة الدول الافريقية الى الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية قائلا انها اصبحت "اداة لاستهداف" القارة الافريقية.

كما اشارت بنسودا الى اتهامات حول عمليات اغتصاب جماعية ارتكبها جنود سودانيين بحق مئتي امراة وفتاة في اواخر اكتوبر في احدى بلدات شمال دارفور. واعتبرت ان هذه الاتهامات "يفترض ان تثير صدمة وتحركا في مجلس الامن".

وحاولت الخرطوم في البدء منع البعثة الدولية المشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور (يوناميد) من التحقيق حول الاتهامات. لكن البعثة تمكنت من التوجه الى البلدة دون العثور على دليل بحصول اغتصاب جماعي، بينما اشار تقرير سري لها الى تهديدات قام بها الجيش السوداني بينما كانت تقوم بالتحقيق.

ومنذ ذلك التاريخ، ترفض الخرطوم مطالب البعثة العودة الى المكان لمواصلة التحقيق وطلبت منها الاستعداد للرحيل عن البلاد.وحول هذا الامر قال الرئيس السوداني السبت ان "القوات المسلحة السودانية ظلت تقوم بحماية البعثة، وهناك من يريد أن تظل (اليوناميد) موجودة لكن لن يستطع أحد فرض رأيه علينا".

وتشهد دارفور صراعا منذ أن حملت قبائل غير عربية السلاح عام 2003 ضد الحكومة في الخرطوم متهمة اياها بتهميش المنطقة. وتقول الأمم المتحدة إن الصراع في دارفور أودى بحياة 300 الف شخص وتشريد مليونين.

وهاجم البشير في كلمته قوى المعارضة التي قررت مقاطعة انتخابات ابريل ودعا الذين وقعوا على اتفاقات وحدة مع المتمردين بالبقاء في الخارج مع من وصفهم بالخونة.

وأكد مجددا رفضه الجمع بين قضية دارفور وتمرد منفصل -لكنه وثيق الصلة بها- يشنه مقاتلون سابقون تركوا في السودان بعد انفصال جنوب السودان عام 2011.

وقال "ليس لدينا اتفاقية جديدة لتوقيعها في دارفور ولن نجمع بين قضية المنطقتين جنوب كردفان والنيل الازرق." وأضاف أنه لا توجد علاقة بين المنطقتين.

وانهارت المفاوضات الرامية لانهاء تمرد قائم منذ ثلاثة أعوام في المنطقتين الجنوبيتين يوم الثلاثاء بعد أن اصر المتمردون على ان تضم المحادثات حلفاءهم في دارفور.وقال المتمردون إنهم استولوا على مواقع للجيش على مسافة سبعة كيلومترات من عاصمة جنوب كردفان. ولم يرد اي تعليق من الجيش.

وقال البشير إن الجيش والقوات النظامية الاخرى ستسلم السودان هذا العام خاليا من التمرد. وأضاف "لن تروا تمردا." وأضاف أن السودان يرحب بمن هو مستعد للسلام لكنه لن ينتظرهم الى اجل غير مسمى قائلا ان كل شيء له حدود.

*نقلا عن العرب اللندنية