التصعيد الأخير لهجمات مسلحي جماعة "بوكو حرام" المتشددة في جميع أنحاء ولاية "بورنو" شمال شرق نيجيريا، ليس له علاقة تذكر بالدين، وإنما يحفزه الجشع النفطي، وفقا لخبير جنوب أفريقي في شؤون الإسلام والتطرف.

وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، قال أندريا بريغاغليا، وهو أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة كيب تاون، ومدير "مركز الإسلام المعاصر" (خاص)، إن "الدافع هنا ليس له علاقة تذكر أو لا علاقة له على الإطلاق بالدين".

وأضاف أن "بلدة باغا حيث وقعت عمليات القتل الأخيرة، وكذلك كاوري، وميناري، وغامبورو-نغالا، حيث وقعت مجازر أخرى مماثلة في الأشهر السابقة، يقطنها بالكامل تقريبا مسلمون".

وفي وقت سابق من هذا الشهر، شن مسلحون من جماعة "بوكو حرام" هجومًا على القوة العسكرية المشتركة متعددة الجنسيات المتمركزة في باغا، وهي بلدة ذات كثافة سكانية عالية، تقع بعض 160 كلم من مدينة مايدوغوري، العاصمة الإقليمية لولاية "بورنو" (شمال شرق).

من جانبها، أكدت منظمة "العفو" الدولية أن الهجمات على "باغا"، و"دورون باغا" المجاورة، خلفت "خرابا ذو أبعاد كارثية".

وبحسب المنظمة الحقوقية الدولية، أظهرت صور الأقمار الصناعية لبلدة "باغا"، أن 620 بناء تضررت أو دمرت تماما، في حين أن أكثر من 3100 بناء تضررت أو دمرت في "دورون باغا"، الواقعة على بعد 2.5 كلم.

وأشار "بريغاغليا"، إلى أنه "لم تكن هناك هجمات كبيرة على الكنائس في المراكز الحضرية الكبيرة في الآونة الأخيرة، كما كان يحدث بين عامي 2010 و2011".

ولفت إلى أن "بعض القرى الجبلية في ولاية أداماوا (شمال شرق)، التي كانت مسرحا لمذابح مماثلة، على العكس من ذلك، يقطنها المسيحيون بشكل أساسي"، معتبرا أنه "هناك استراتيجية إقليمية تنفذ هنا".

ونوه إلى أن "المنطقة التي تتعرض لهجوم يتصادف أنها موقع ما ظهر أنه أغنى احتياطي نفطي جديد يكتشف في نيجيريا خلال السنوات القليلة الماضية".

وتابع: "لا يستطيع المرء أن يستبعد، لذلك، أن هذه الأحداث ربما تكون مرتبطة بالصراع الداخلي النيجيري من أجل السيطرة على النفط والسياسة في ولاية بورنو، أو حتى بالجغرافيا السياسية الإقليمية من أجل السيطرة على النفط".

وفي سبتمبر/ أيلول عام 2012، أعلنت نيجيريا اكتشاف النفط الخام في حوالي 3350 متر مربع على جانبها من حوض بحيرة تشاد (يحيط بها تشاد ونيجيريا والنيجر والكاميرون)، وهي منطقة تقع في النطاق الجغرافي لولاية "بورنو"، القلب النابض، ومعقل تمرد "بوكو حرام".

منذ ذلك الحين، تم تخصيص مبالغ ضخمة في الميزانية لتسهيل عمليات التنقيب، بناء على مسح أجراه خبراء في شركة البترول الوطنية النيجيرية المملوكة للدولة، غير أنه لم يسمع الكثير عن البعثة استكشافية وهو ما يعزى لحد كبير إلى العنف الذي تشهده المنطقة، وتقول الشركة إنه يخيف العمال.

ولم يتم الإبلاغ عن اكتشافات نفطية في أي مكان آخر في منطقة شمال شرق نيجيريا.

واعتبر "بريغاغليا"، استغلال "بوكو حرام" في الآونة الأخيرة فتيات صغيرات لتنفيذ تفجيرات انتحارية دليلا على فشل أيديولوجي للجماعة المسلحة.

وزاد بالقول: "رغم ما تمثله المأساة، استخدام الفتيات الصغيرات لتنفيذ عمليات انتحارية يظهر كيف كانت الجماعة غير فعالة في رفع الدعم الأيديولوجي لمشروعها".

ورجح الخبير أن "الكثيرين من بين بضعة آلاف من المسلحين، الذين يقاتلون في صفوف بوكو حرام في هذه اللحظة هم من المرتزقة".

ومؤخرا، لجأت الجماعة إلى تجنيد فتيات في سن المراهقة لتنفيذ عدة هجمات انتحارية، حصدت أرواح عشرات القتلى وخلفت مثلهم من الجرحى، وبات المسلحون على ما يبدو يفضلون تنفيذ عمليات انتحارية في المدن لتجنب المواجهة والاعتقال.

وشهد شهر ديسمبر/ كانون الأول وحدهما لا يقل عن 3 هجمات انتحارية في مايدوغوري، واثنتان في بوتيسكوم بولاية "يوبي"، واثنتان في ولاية "كانو"، وواحدة على الأقل في كل ولايتي "بوتشي" و"غومبي".

وأشار "بريغاغليا"، إلى زيادة العداء تجاه "بوكو حرام" بين مسلمي النيجيري، معتبر أن "حملة من علماء مسلمين لنزع الشرعية كانت الحركة قوية للغاية وفعالة".

ومضى الخبير قائلا: "في معظم المساجد، على الأقل في المراكز الحضرية الإسلامية الرئيسية (كانو وسوكوتو وكادونا وزاريا، وغيرها)، تقدم بوكو حرام لعامة المسلمين باعتبارها مؤامرة ضد الإسلام".

وتابع: "على الرغم من أن نظريات المؤامرة تلك ليست صحيحة بالضرورة، فإنها قد خلقت بشكل فعال مناخا من العداء يمنع دعاية الجماعة في دعم (ما تقول إنه) الجهاد'".

ولدعم فرضيته، استشهد "بريغاغليا"، بالهجوم الانتحاري الأخير لجماعة "بوكو حرام" على مسجد كبير في مدينة كانو (وهي واحدة من أقدم وأعرق الإمارات التقليدية في منطقة الشمال المسلم) شمال غرب، خلف أكثر من 120 قتيلا من المسلمين الذي يؤدون صلاة الجمعة.

ومنذ مايو/ آيار من العام الماضي، أعلنت الحكومة النيجيرية حالة الطوارئ في ولايات "بورنو"، و"يوبي"، و"أداماوا" في شمال شرقي البلاد، بهدف الحد من خطر "بوكو حرام".

وخلال الأشهر الأخيرة، سيطرت جماعة "بوكو حرام" على العديد من البلدات والقرى في الولايات الواقعة في شمال شرق البلاد، معلنة إياها جزءا من "الخلافة الإسلامية".

وقتل وجرح آلاف النيجيريين منذ بدأت "بوكو حرام" حملتها العنيفة في عام 2009 بعد وفاة زعيمها محمد يوسف، أثناء احتجازه لدى الشرطة.

ويلقى باللائمة على الجماعة في تدمير البنية التحتية ومرافق عامة وخاصة، إلى جانب تشريد 6 ملايين نيجيري على الأقل منذ ذلك التاريخ.

وبلغة قبائل "الهوسا" المنتشرة في شمالي نيجيريا، تعني "بوكو حرام"، "التعليم الغربي حرام"، وهي جماعة نيجيرية مسلحة، تأسست في يناير/ كانون الثاني 2002، على يد محمد يوسف، وتقول إنها تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا، حتى الجنوبية ذات الأغلبية المسيحية.