شرعت الجزائر في محاصرة "مؤامرة" تستهدف تقويض نفوذها في المنطقة، تقودها خمس دول من الساحل والصحراء وتحركها قوى غربية وأوربية تختفى وراء مطلب سابق لها، قوبل بالرفض.

وتقوم هذه المؤامرة على دعوة الأمم المتحدة إلى التدخل العسكري في ليبيا، بحجة كبح جماح الميليشيات المسلحة المتنامي في هذه الدولة، وهو الأمر الذي ترفضه الجزائر بشدة، وتعتبره مسعى من شأنه أن يزيد من تعميق الأزمة الليبية.

وكان ما يعرف بـ "مجموعة دول الساحل الخمس"، وهي كل من تشاد ومالي والنيجر وموريتانيا وبوركينا فاسو، قد دعت الأسبوع المنصرم في ختام الاجتماع الذي احتضنته العاصمة الموريتانية، نواكشوط، إلى تدخل دولي للقضاء على المجموعات المسلحة في ليبيا، بحجة أن هذه المجموعات تهدد الاستقرار في منطقة الساحل.

وبرّرت دول الساحل الخمس، دعوتها هذه بـ "توفير شروط إجراء حوار" بين فرقاء الأزمة الليبية، وشددت على ضرورة تشكيل قوة دولية بالاتفاق مع الاتحاد الإفريقي للقيام بهذه المهمة، فيما أعلن الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، الذي ترأس اجتماع نواكشوط، أن دول الساحل طلبت رسميا الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي التدخل عسكريا في ليبيا.

وفي ظل هذا المعطى، حل أمس بالجزائر، رئيس جمهورية التشاد، إدريس ديبي إتنو، في زيارة تدوم ثلاثة أيام بدعوة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، أكد أن هذه الزيارة تأتي "تجسيدا لإرادة الجزائر والتشاد في تدعيم علاقات الأخوة والصداقة والتضامن والتعاون خدمة لشعبي البلدين".

ويؤكد بيان الرئاسة أن ضيف الجزائر سيتباحث مع المسؤولين وفي مقدمتهم الرئيس بوتفليقة، حول الوضع المتدهور في ليبيا ومالي، كما جاء في البيان، الذي تحدث عن "تعزيز الجهود من أجل استتباب السلام والأمن والاستقرار في منطقة الساحل الصحراوي، خاصة في مالي وليبيا".

ويعتبر الرئيس التشادي من بين الرؤساء الخمس الذين شاركوا في قمة نواكشوط، وهو ما يجعل الزيارة فرصة للطرف الجزائري كي يراجع مع الضيف التشادي، خلفية البيان الذي توّج اجتماع الأسبوع المنصرم، ومن ثم إمكانية إحداث شرخ في هذا التكتل الإقليمي، الذي لا يخدم سوى مصالح أجندات أجنبية.

ويعتبر التدخل الأجنبي في ليبيا مطلبا فرنسا، حيث سبق لوزير الدفاع الفرنسي، جون إيف لودريان، أن دعا الجزائر إلى التنسيق مع باريس للقيام بتدخل عسكري في ليبيا، وهو الموقف الذي ردت عليه الجزائر سريعا بالرفض، مؤكدة أن التدخل الأجنبي في ليبيا لا يزيد المنطقة إلا تأزيما.

وإن كانت السلطات الفرنسية قد تراجعت عن هذا المطلب، على الأقل في العلن، إلا أن عودة الحديث عنه، ومن دول معروفة بكونها الحديقة الخلفية لباريس، باعتبارها من مستعمراتها السابقة، يوحي بأن تحرك دول الساحل الخمس، لا يستبعد أن يكون قد جاء بـ "مهماز" فرنسي.